«رائد» تطلق أول حوار مجتمعي لإنقاذ خليج حنكواراب من التعديات البيئية
مناشدة الرئيس «السيسي» التدخل لإنقاذ «إرث الأجيال»
سعاد أحمد على
أصدر المشاركون في جلسة الحوار المجتمعي، التي عقدتها الشبكة العربية للبيئة والتنمية «رائد»، لمناقشة الوضع البيئي في منطقة خليج «حنكوراب»، الواقعة ضمن محمية «وادي الجمال»، أو «حماطة»، في جنوب البحر الأحمر، برقية مناشدة للرئيس عبدالفتاح السيسي، أعربوا فيها عن تطلعهم إلى التدخل بشكل عاجل، لوقف كافة الأعمال التي تجري في منطقة المحمية، التي تتميز بنظامها البيئي شديد الحساسية، لحين الانتهاء من دراسات تقييم الأثر البيئي للأنشطة المخطط تنفيذها في مناطق المحمية.
جاء في البرقية، التي تم توجيهها إلى رئاسة الجمهورية، ونشر نسخة منها على الصفحة الرسمية للرئاسة بموقع «فيسبوك»، أن التهديدات البيئية، التي يتعرض لها خليج «حنكوراب» تمثل خطراً جسيماً على النظام البيئي الفريد الذي تتميز به المنطقة، بما في ذلك الشعاب المرجانية النادرة، والكائنات البحرية المهددة بالانقراض، وأن الاستمرار في هذه التعديات، يؤثر سلباً على هذا الموقع المتميز، الذي يعد وجهة رئيسية للسياحة البيئية، ورافداً مهمًا للتنمية المستدامة في مصر.
وأضافت البرقية: «من منطلق الفخر بأن مصر كانت من أوائل الدول التي وضعت حماية النظم البيئية والموارد الطبيعية ضمن أولويات خططها الوطنية، وأصدرت التشريعات الكفيلة بتحقيق الأهداف الاستراتيجية لهذه الخطط، وضمان الإدارة الرشيدة للمحميات الطبيعية، نضع بين أيديكم هذه القضية التي تمس سمعة مصر البيئية، ودورها الريادي في حماية التنوع البيولوجي، ونتطلع إلى تدخلكم الحكيم لضمان الحفاظ على هذا الإرث الطبيعي للأجيال القادمة، انسجاماً مع رؤية مصر للتنمية المستدامة، والتزاماتها الدولية في مجال صون الطبيعة».
وحرصت الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، على المشاركة في جلسة الحوار المجتمعي الأولى من نوعها، التي نظمتها شبكة «رائد»، بالتعاون مع المكتب العربي للشباب والبيئة، باعتبارهما من أعضاء الاتحاد الدولي لصون الطبيعة في مصر، بمشاركة ممثلين عن الهيئات والجمعيات المعنية بحماية الطبيعة، وأعضاء البرلمان، والخبراء، والإعلاميين والصحفيين، وذلك للرد على ما تردد بشأن الأعمال التي يجري تنفيذها في خليج «حنكوراب»، على ساحل البحر الأحمر.
بدأت الجلسة بكلمة للدكتور عماد عدلي، المنسق العام لشبكة «رائد»، ورئيس المكتب العربي للشباب والبيئة، أكد فيها أن الهدف من الحوار المجتمعي عرض الحقيقة الكاملة حول الرؤية المستقبلية لخطة تطوير المحمية، وضمان تنفيذ أعمال التطوير داخل المحميات، وفقاً للمعايير البيئية والاشتراطات المعمول بها، وكذلك ضمان الحفاظ على استدامة الموارد الطبيعية، وأشار إلى أن هذه الجلسة تعد بداية لسلسلة من جلسات الحوار المجتمعي، لمراجعة مخططات التطوير المقترحة في مختلف المحميات.
واستعرضت وزيرة البيئة التصور المبدئي لعملية التطوير المقترحة في محمية «وادي الجمال»، وأكدت أنه يجري حالياً إعداد دراسات تقييم الأثر البيئي لمشروع «رأس حنكوراب»، في ضوء ما قدمته إحدى الشركات من مقترحات لتطوير المنطقة، وشددت على أنه منذ بدأت وزارة البيئية منح تصاريح لشركات القطاع الخاص للاستثمار في مناطق المحميات، يتم التأكيد على تقديم دراسات الأثر البيئي كشرط أساسي قبل تنفيذ أي أعمال، بحيث يتم التأكد من تنفيذ أعمال التطوير وفقاً للاشتراطات البيئية، كما لفتت الوزيرة إلى أنه تم بالفعل رصد بعض المخالفات، التي تم تحرير المحاضر اللازمة بشأنها.
واستهل الدكتور مصطفى فودة، خبير حماية الطبيعة، مداخلات المشاركين في الحوار المجتمعي بالتأكيد على أن خطة إدارة المحميات، تم وضعها قبل إنشاء قطاع حماية الطبيعة، وبعد إجراء العديد من الدراسات وتنفيذ عدد من المشروعات باستثمارات أجنبية، وشدد على ضرورة إنفاذ القانون، وفي نفس الوقت، تعزيز الاستثمار، الذي يسمح بصيانة المكان لضمان استدامته، مع الأخذ في الاعتبار رأي السكان المحليين، والاستفادة من الخبرات المحلية.
وعرض محمد كمال، من مؤسسة «جرينش»، الذي تحدث بصفته ممثلاً عن تحالف الجمعيات الأهلية المعنية بالبيئة، بياناً تضمن التأكيد على أن الموارد الطبيعية ملك للشعب، وفق الدستور المصري، وأن الدولة مسؤولة عن حمايتها، فيما أعربت النائبة نورا علي، رئيس لجنة السياحة بمجلس النواب، ورئيس جمعية «هيبكا» لحماية البيئة في البحر الأحمر، عن ترحيبها بالإجراءات السريعة لوزارة البيئة، وما تم تحريره من محاضر لمواجهة التعديات، ودعت إلى عقد المزيد من جلسات الحوار المجتمعي، تتناول ملف التعديات على المحميات الطبيعية، حتى يمكن التصدي لها، باعتبار أن هذه المحميات تمثل «ثروة قومية».
ولفت الدكتور مجدي علام، الخبير البيئي، عضو مجلس أمناء المنتدى المصري للتنمية المستدامة، إلى أم كثيراً من دول العالم تعتمد على دخل المحميات الطبيعية، مثل سويسرا، رغم أنها اقل ثراءً من المحميات المصرية، ورغم ذلك تحقق عوائد اقتصادية كبيرة، مما يتطلب النظر للتجارب الدولية والاستفادة منها، كما أوضح الدكتور أيمن فريد أبو حديد، وزير الزراعة الأسبق، إلى المفهوم الأوسع لصون الطبيعة، وضرورة مراجعة التخطيطات العمرانية والسياحية الجديدة بمفهوم بيئي، للحفاظ على الموارد الطبيعية، والاستغلال الأمثل لها، وتعزيز جهود وزارة البيئة في مراقبة أي أعمال انشائية يجري تنفيذها داخل المحميات، للتأكد من الالتزام بالمعايير البيئية.
وأشادت النائبة نهى زكي، عضو لجنة الطاقة والبيئة بمجلس الشيوخ، بحرص وزيرة البيئة على تصحيح المعلومات والأخبار المغلوطة التي انتشرت مؤخراً، وأكدت أن التوازن بين عناصر التنمية المستدامة يتحقق في تطوير المحميات، ورؤية الاستفادة منها، وتعظيم عوائدها الاقتصادية، كما شددت على حق المواطن في التمتع بالمحميات الطبيعية، مع وضع معايير للحفاظ عليها، والاستخدام الرشيد لها، وكذلك، أشادت النائبة مها عبد الناصر، عضو مجلس النواب، والتي سبق وتقدمت بطلب إحاطة موجه لكل من رئيس مجلس الوزراء، وزيري السياحة والآثار والبيئة، بشأن التعديات على منطقة «رأس حنكوراب»، بمحمية وادي الجمال، بجهود وزارة البيئة، وحرصها على لفت الأنظار لأي اخطار محتملة على الطبيعة.
وأصدر المشاركون في الحوار المجتمعي مجموعة من التوصيات، عرضتها الدكتورة ياسمين فؤاد، تتضمن تشكيل مجموعة علمية تختص بملف المحميات، على أن يتم عقد جلسة أخرى بعد تقديم دراسة تقييم الأثر البيئي، مع تنفيذ زيارة ميدانية للمحمية، بمشاركة عدد من الخبراء والإعلاميين، كما تضمنت التوصيات تقديم الخبراء للمقترحات الفنية المتعلقة بتصور التطوير، الذي تم عرضه في الحوار، خلال أسبوع، بالإضافة إلى تنفيذ حملة إعلامية للتوعية بأهمية المحميات الطبيعية، وخطورة التعدي عليها، وتنفيذ سلسلة من الحوارات المجتمعية عن المحميات الأخرى في مختلف محافظات مصر.