رؤية عُمانية لحفظ السلام والاستقرار وسلامة حرية الملاحة عبر مضيق هرمز
كتب – سمير عبد الشكور:
جاءت محادثات يوسف بن علوي بن عبد الله الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية، مع المسؤولين الإيرانيين في طهران مطلع الأسبوع الجاري، في إطار الرؤية العُمانية لإيجاد حلول مناسبة تسهم في حفظ السلام والاستقرار في المنطقة وسلامة حرية الملاحة عبر مضيق هرمز.
وأكد الوزير العُماني خلال لقاءاته على أهمية إرساء السلام واستتباب الأمن في المنطقة وعلى ضرورة احترام الجميع للمقررات والقوانين الأمنية للحفاظ على أمن الملاحة الدولية .
وبالنسبة لسلطنة عمان فإن مضيق هرمز يعد جزءا لا يتجزأ من أمنها القومي وامتدادا لسيادتها الوطنية, حيث يعد من الناحية الاستراتيجية والأمنية (مضيقا عُمانيا يستخدم للملاحة الدولية وينطبق عليه حق المرور العابر وحق المرور البريء الوارد في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار في المادة 36 لعام 1982م.
وباستثناء حق المرور العابر، فإن المضيق يخضع كلياً لما تخضع له باقي المجالات البحرية العُمانية نظرا لوقوع الممرات البحرية في المياه الإقليمية العُمانية بحيث تمارس السلطنة عليه سيادتها على المجالات البحرية العائدة لها والقاع وما تحت القاع وعلى الحيز الجوي الواقع فوق هذه المجالات, غير أن ممارسة هذه السيادة يجب أن لا تمس بحقوق الدول الأجنبية في المرور العابر).
وفي هذا السياق وقعت سلطنة عمان وايران بلاغا مشتركا في مارس 1974 للتعاون المشترك من أجل الاستقرار وسلامة الملاحة عرف باسم الدوريات المشتركة, كما وقعت في نفس العام اتفاقيات تحديد الجرف القاري.
لذا كانت وجهة نظر سلطنة عُمان واضحة وصريحة منذ يوليو 1970، تجاه أمن وسلامة واستقرار منطقة الخليج العربي بوجه عام ومضيق هرمز بوجه خاص, وذلك انطلاقا من نظرة شاملة للأمن القومي العربي الاستراتيجي من جهة ونظرة متوازنة بين الحقوق السيادية العُمانية والمصالح الإقليمية والدولية من جهة أخرى.
وقد أكد السلطان قابوس في لقائه مع مجلة المجالس الكويتية عام 1973 أن مضيق هرمز هو ممر مائي دولي, ولا تقبل السلطنة بأي وجود أجنبي فيه، وهوما يحمل دلالة الأهمية الاستراتيجية والسيادية الوطنية لهذا الجزء من العالم الجيوسياسي.
كان للحرب الايرانية ـ العراقية والتي اندلعت في عام 1980وامتدت لثماني سنوات، الدور البالغ والمحفز لرفع الوعي العُماني من جهة, والوعي الإقليمي والدولي من جهة أخرى تجاه أهمية وحساسية مضيق هرمز, وكذلك الانعكاسات الخطيرة لأي حالة غير مستقرة في محيطه, والتي يمكن ان تؤدي إلى اغلاقه أو إلى تضييق او تحرك غير سلمي فيه.
وأكد السلطان قابوس هذا البعد المقلق في لقاء صحفي له مع مجلة المستقبل الصادرة في فرنسا عام 1981 بقوله (اننا بوابة الجزيرة العربية وطريق النفط وتستطيع أية طائرة في القرن الافريقي أو في كابول أو في طشقند أن تطير إلى مسافة 450 ميلا بحمولة من الألغام البحرية في مضيق هرمز فيقفل المضيق ويختنق شريان الغرب الاقتصادي).
وفي ظل المتغيرات المتسارعة والتحولات الخطيرة التي شهدتها منطقة الشرق الاوسط، أكد السلطان قابوس هذه الرؤية عام 1982م بقوله حينها (لا اعتقد ان المضيق يمكن أن يغلق بسهولة, ولكن في المقابل ليس من المستحيل على أي كان أن يجعل هذا المضيق عرضة للخطر, وأبسط شيء مثلا القيام بزرع ألغام في المضيق, أو حتى مجرد إشاعة من هذا القبيل ستؤدي إلى تعطيل مرور السفن. لا أعتقد أن الأمر سيكون بهذه السهولة, ولكن لا بد من حساب كل الاحتمالات).
على ضوء ذلك اعتبرت سلطنة عُمان نفسها بوابة لأمن واستقرار الجزيرة العربية, وتحملت نتيجة إيمانها بهذا البعد الاستراتيجي العربي العديد من التحديات.
وفي عام 1985 جدد السلطان قابوس رؤيته بأن أمن المضيق سيبقى مسؤولية جماعية, وأن عمان لن تكون طرفا متطرفا في رأيها أو رؤيتها تجاه ذلك أبدا, ولذلك كما قال ردا على سؤال الصحفي المصري الراحل ابراهيم نافع صحيفة الأهرام المصرية بتاريخ 21 / 1 / 1985, ما هو تقدير جلالتكم لمدى الخطر الذي يهدد مضيق هرمز الآن وخاصة بعد اشتعال حرب الناقلات بين ايران والعراق, وما هو موقف عُمان في حالة اغلاق المضيق؟ , فكان رد قابوس: ( في هذه الحالة فإننا ينبغي من خلال مجلس التعاون الخليجي ان نجتمع ونبحث كيف يمكن مواجهة هذا الموقف , لذلك فإنه لن يكون لعُمان موقف فردي ازاء هذه الحالة, وانما لا بد ان يكون هناك موقف جماعي).
يبقى القول أن سلطنة عُمان تعمل دوما على دعم سلامة الملاحة البحرية العالمية ومن أجل تحقيق ذلك الهدف، شاركت البحرية السلطانية العمانية مختلف دول العالم الاحتفال باليوم العالمي للهيدروغرافيا الذي يوافق الحادي والعشرين من يونيو من كل عام، حيث كان شعار العام “الهيدروغرافيا مفتاح الإدارة الجيدة للبحار والممرات المائية”.
وتتجسد الغاية من اليوم العالمي للهيدروغرافيا في حث جميع الدول على تعزيز الملاحة الآمنة في الممرات المائية الدولية والموانئ وأماكن تواجد المناطق البحرية المعرضة للخطر أو المحمية.