د. محمد الحلفاوي يكتب أكذوبة المعارضة المسلحة

بقلم د. محمد الحلفاوي. 
الوطن ليس شركة تجارية ، عندما تخفق فى البورصة ينفض عنها المساهمون !!
وكل الأوطان عبر تاريخها الطويل تمر بظروف إقتصادية صعبة وغلاء أسعار ، ونتيجة تكاتف أبناءها نجحت هذه الأوطان وتقدمت وتجاوزت ظروفها الصعبة .
والمعارضة الوطنية حق وواجب على السياسيين والأحزاب وأصحاب الرأي والقلم .
ولكن هناك فرق جوهري بين المعارضة الوطنية – التى هى جزء من نظام الحكم بنص الدستور فى ظل الدولة الوطنية الحديثة – والتي تهدف للإصلاح وعرض رؤى جديدة لمصلحة الوطن ورفعته .
وبين من يتقمصون دور المعارضة وهم يريدون هدم الوطن وضرب مؤسساته الحيوية وتشويهه لتعبيد الطريق لأهل الشر للوثوب لكرسى الحكم .
ومقابل ذلك يتلقون الدعم والتلميع من منظمات خارجية أصبحت أهدافها الخبيثة واضحة وضوح الشمس في وضح النهار لمن يريد أن يعرف !! .
وساعتها سيكون هؤلاء الأجراء أول من يدفع الثمن ؛ لأنه لا وعد لخائن !!
ورحم الله الأستاذ جلال عامر عندما قال ( أياك أن تقف مع ميلشيا ضد وطنك وجيشك ) .
إن من يدافعون عن الإرهابيين القتلة فى بعض العواصم العربية ويذرفون عليهم دموع التماسيح باسم الديمقراطية وحق المعارضة .. يرتكبون خطيئة وطنية وسياسة وفكرية .
ونسألهم : يعنى أيه معارضة مسلحة ؟!
هل هناك فى علم النظم السياسية شئ اسمه ( المعارضة المسلحة ) ؟!
المعارضة السياسية الحقيقية جزء من الدولة الحديثة وتمارس عملها من خلال البرلمان ، الأحزاب ، الصحافة والإعلام وليس عن طريق القتل ورفع السلاح فى وجه الجيوش الوطنية .
كفى تضليلا وغشا !!

وتذكروا جيدا أن كل أموال الدنيا رخيصة بالنسبة للوطن .
إن هؤلاء المرتزقة ليسوا معارضة ولكنهم إرهابيين ؛ رفعوا السلاح على دولهم وروعوا وقتلوا الآمينين وخربوا العمران والمنشأت .
ومن يدعمهم بالمال والسلاح ومن يدافع عنهم ويسوق لهم بالكلام بالأكاذيب مبررا أفعالهم .. هؤلاء يرتكبون جرائم يعاقب عليها قانون العقوبات .. وهم كلمة السر وراء دموية المشهد فى العالم العربى ؟!
هل وجدنا حروبا أهلية فى رومانيا وبولندا وتشيكوسلوفاكيا والمجر بعد سقوط الأنظمة المستبدة بهذه الدول باسم المعارضة المسلحة ؟!
بالطبع : لا
إن التوصيف الدقيق لما حدث ويحدث فى بعص الدول العربية هو ببساطة :
جيش وطنى يدافع عن وحدة الوطن والدولة ويحمى المواطنين ومؤسسات الدولة فى جانب
ومليشيات مسلحة قادمة من غياهيب التاريخ والجغرافيا .. من تورا بورا وكهوفها .. مدعومة بالمال والإعلام من دول معادية .. جاءوا – أو جئ بهم – بأفكارهم المميتة !!
لينفذوا ( بعلم أو بدون علم ) مخطط تقسيم الدول العربية وتفتيتها تحت اسم براق ” المعارضة المسلحة ”
جبهة النصرة نموذجا:
تم تشكيلها بسوريا فى أغسطس 2011م ؛ حيث قام أبو بكر البغدادى زعيم تنظيم القاعدة بالعراق بتكليف أبو محمد الجولانى وستة من أعضاء التنظيم , للتسلل للدولة السورية لتشكيل فرع للتنظيم بها.
وفى 23 يناير 2012م تم الإعلان عن تشكيل ” جبهة النصرة ” فى سوريا كأحد أذرع تنظيم القاعدة , ودعا بيانها الأول لحمل السلاح ضد النظام السورى الحاكم والمؤيدين له.
وبالفعل قامت الجبهة بتنفيذ عمليات مسلحة ضد المدنيين وقوات الجيش السورى فى ( إدلب , حلب , دير الزور , الغوطة , درعا , حماة , حمص , القلمون وغيرهم ) .
ولقد اعتبرت الجبهة نفسها ” إمارة ودولة ” وقامت بجباية الزكاة من المواطنين بالقوة , وإقامة الحدود .. بالمخالفة لما استقر بالفقه الإسلامى من أنه لا إقامة للحدود فى الحرب !!
ولقد قام أبو محمد الجولانى بالظهور – ملثما – عبر قناة الجزيرة القطرية فى 3 يونيو 2015م
وقام بالتصريح ببعض التصريحات التى توضح منهج التنظيم منها :
أنه يتم تدريس كتب سيد قطب فى معاهد إعداد المجاهدين الخاصة بجبهة النصرة , عدم اعترافه بالحكام العرب عموما ويراهم كفار وطواغيت , دعوته لتكوين جيش مسلح بكل دولة عربية لمواجهة الجيش الوطني بها ؛ لأن هذا – حسب رؤيته – هو بداية الخلاص !!
وأكد أن نسبة الأجانب بالجبهة حوالى 30 % من كل دول وقارات العالم .
ولقد اقترفت الجبهة جرائم خطيرة منها :
1- قامت الجبهة فى 10 يونيو 2015م بقتل ” 22 ” درزيا بقرية قلب لوزة بإدلب شمال غرب سوريا , على الهوية , وقامت بهدم القبور والأضرحة الخاصة بهم بدعوى أنها شرك , وقام أبو محمد الجولانى بتوجيه رسالة للدروز عبر قناة الجزيرة القطرية 1) , مفادها , أنه يجب على كل قرية على حدة التبرؤ من بشار الأسد , والتراجع عن الأشياء العقائدية التى أخرجتهم من دينهم
من وجهة نظره طبعا.
2- قامت الجبهة فى 7 يناير 2015م , بنسف ضريح الإمام النووى فى وسط مدينة نوى , وذلك بزرع عبوات ناسفة 2)
3- قام أبو أيوب الجزائرى القيادى بالجبهة فى 2013م , بنحر أحد المسلمين السوريين بالسكين , وقام بنشر مقطع النحر , والرجل المسكين يستغيث بالله وينطق بالشهادتين ويقول :
” والله العظيم لم أخطئ ولم أهرب شبيحة ” , ولكن أبا أيوب الجزائرى يرد بصلف : ” حتى لو قال لا إله إلا الله فهو كافر ” .
4- قامت الجبهة بقتل امرأة خمسينية رميا بالرصاص فى رأسها بتهمة ممارسة الدعارة , وتم تصوير القتل ونشره على الملأ .
5- قام ثلاثة أعضاء من الجبهة بالاعتداء الجنسى على الطفل ” أحمد كلش ” والذى يبلغ من العمر 13 سنة , وعندما اشتكى أهل الطفل , تم حبسه بمعتقل الجبهة , حتى أتم سن 14 سنة , وعندها قاموا بقتله ” رجما ” بدعوى أنه شاذ !! ولم يعاقبوا المعتدين على الطفل !!
6- قامت الجبهة والتى تدعى أنها تعارض الظلم والاستبداد بإنشاء معتقلات لسجن المخالفين , ومنهم أمهات بأطفالهن الرضع .

واللافت أن دولا عربية وغربية قامت بدعم ” جبهة النصرة ” بدعوى أنها معارضة مسلحة , وذلك بهدف القضاء على الدولة والنظام والجيش السورى .
وعندما أعلنت الجبهة أنها فرع لتنظيم القاعدة , كانت نصيحة الإتحاد العالمى لعلماء المسلمين الإخوانى لقيادة الجبهة هو التبرؤ والإنشقاق – فقط -عن تنظيم القاعدة , حتى يتم رفع اسمها من قوائم المنظمات الإرهابية بمجلس الأمن , وليس غعتراضا على جرائمها الإرهابية .
, وهذا ما حدث بالفعل , فقد قام أبو محمد الجولانى بفك ارتباطه مع تنظيم القاعدة فى 29 يوليو 2016م وتغيير اسم الجبهة إلى ” جبهة فتح الشام ” !!
إن جبهة النصرة بسوريا مجرد مثال فج , لما يطلق عليه ” المعارضة المسلحة , فهناك أمثلة كثيرة مثل ابتلى بها عالمنا العربى منها :
ليبيا قوات فجر ليبيا التابعة لتنظيم الإخوان:
والتى قامت بإرتكاب جرائمة إرهابية كثيرة منها : الهجوم المسلح على مطار طرابلس الدولى وحرق المبنى الرئيسى وإتلاف عدد من الطائرات بالمطار , اقتحام قناتى ليبيا الوطنية وليبيا الرسمية والسيطرة عليهما وبث خطب تحريضية ضد الدولة والجيش الليبى من خلالهما وذلك فى 24 أغسطس 2014م , حرق بعض مستودعات البترول الليبية فى 29 ديسمبر 2014م .
تنظيم أنصار بيت المقدس بسيناء :
والذى قام بتفجير مبنى مديرية أمن الدقهلية فى 24 ديسمبر 2013م , تفجير مبنى مديرية أمن القاهرة فى 24 يناير 2014م , اغتيال المقدم محمد مبروك ضابط الأمن الأمن فى 17 نوفمبر 2013م لمنعه من الشهادة فى قضية اقتحام السجون الكبرى .
وكلها كما ترى منظمات إرهابية لا تمت للمعارضة السياسية بصلة .
فاحذروا الأنبياء الكذبة المروجين للخراب والدمار والفتن باسم الديمقراطية وحقوق الإنسان وهذه المبادئ منهم براء !!

الهوامش :
1- بتاريخ 3 يونيو 2015م
2- قناة سى إن إن العربية بتاريخ 7 يناير 2015م