كتب: عبد الرحمن هاشم
وقَّعت اليوم بلدان إقليم منظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط على اتفاق عالمي بشأن التغطية الصحية الشاملة لعام 2030 خلال “الاجتماع الوزاري حول الطريق نحو التغطية الصحية الشاملة” المعقود حاليا في صلالة بسلطنة عُمان في الفترة من 3 إلى 5 أيلول/سبتمبر 2018. ووافق وزراء الصحة ورؤساء الوفود موافقةً جماعيةً على هذه الوثيقة التاريخية، مما جعل هذا الإقليم هو الإقليم الأول الذي يقوم بذلك من بين الأقاليم الستة لمنظمة الصحة العالمية.
ويُثبت التوقيع على الاتفاق العالمي بشأن التغطية الصحية الشاملة لعام 2030 وجود مستوى عالٍ من التزام جميع بلدان الإقليم باتخاذ إجراء لإحراز تقدم نحو تحقيق التغطية الصحية الشاملة. ويعني ذلك أن المُوقِّعين وحكوماتهم يتعهدون بالتعاون الفعال على تسريع وتيرة التقدم نحو تحقيق التغطية الصحية الشاملة من خلال بناء نظم صحية مُنصِفة ومستدامة وقادرة على الصمود.
ويهدف هذا الاتفاق العالمي إلى إيجاد زخم سياسي، والدعوة إلى تخصيص موارد كافية ومناسبة ومُنسَّقة تنسيقاً جيداً للأنظمة الصحية، وتشجيع الشركاء على متابعة التقدم المحرز والخضوع للمساءلة.
وقال الدكتور أحمد المنظري، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط: “لقد توجهنا بالدعوة إلى بلدان الإقليم للتوقيع على الاتفاق العالمي بشكل مشترك كدليل على الالتزام الإقليمي والتضامن في سبيل تحقيق التغطية الصحية الشاملة. فالإرادة والالتزام السياسيان ضروريان لضمان واستدامة الاستثمار في الصحة ودفع الإصلاحات المناسبة للنظم الصحية.”
وتُعتبر الشراكة الصحية الدولية من أجل تحقيق التغطية الصحية الشاملة 2030 منصةً لتبادل المعرفة والعمل بشكل جماعي على تعزيز النظم الصحية. ومن خلال الانضمام إلى هذه الشراكة، سوف يكون بإمكان المُوقعيِّن الوصول إلى شبكة من خبراء الصحة العالميين، وسوف تُتاح لهم الفرصة لتبادل الخبرات والعمل الجماعي لتعزيز النظم الصحية.
افتُتح الاجتماع أمس برعاية صاحب السمو السيد أسعد بن طارق بن تيمور آل سعيد، نائب رئيس وزراء عُمان لشؤون العلاقات الدولية والتعاون الدولي، والممثل الخاص لجلالة السلطان قابوس بن سعيد.
وألقى معالي وزير الصحة العُماني، الدكتور أحمد محمد عبيد السعيدي، الضوء على الخطوات التي اتخذتها عُمان بالفعل من أجل تحقيق التغطية الصحية الشاملة، بما في ذلك التوسع في باقة الخدمات الصحية الأساسية المُقدَّمة إلى جميع سكان عُمان.
وأكد الدكتور المنظري، في كلمته الافتتاحية، أن التغطية الصحية الشاملة تركز تركيزاً أساسياً على الناس. ويعني ذلك أن جميع الناس والمجتمعات ينبغي أن يكونوا قادرين على الوصول إلى ما يحتاجون إليه من خدمات صحية ذات جودة كافية، دون أن يتكبدوا مشقة مالية.
وأعلن الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، في رسالة مُسجَّلة وجّهها إلى الاجتماع، أن التغطية الصحية الشاملة على رأس أولويات منظمة الصحة العالمية، مُعتبراً أن التغطية الصحية الشاملة والأمن الصحي وجهان لعملة واحدة. وقال المدير العام للمنظمة إن: “النظم الصحية القوية، التي أساسها الرعاية الأولية التي تركز على الناس، هي الاستثمار الأمثل للحد من أوجه عدم المساواة، وخط الدفاع الأحصن في وجه آثار حالات الطوارئ”.
أما سعادة البروفسور رجب أكادوغ، عضو البرلمان ووزير الصحة السابق ونائب رئيس الوزراء في تركيا، فقد سلّط الضوءَ في كلمته التي ألقاها بوصفه متحدثاً رئيسياً على التحوُّل الذي أحدثه بلده في نظام الرعاية الصحية. وذكر أن ذلك التحوُّل لم يُمهِّد الطريق أمام التغطية الصحية الشاملة في تركيا فحسب، بل ضرب مثلاً يمكن أن تحتذي به البلدان الأخرى.
وكانت الدكتورة سانيا نيشتار من المتحدثين الرئيسيين أيضا. وبصفتها رئيساً مشاركاً للجنة العالمية المستقلة الرفيعة المستوى المعنية بالأمراض غير السارية التابعة لمنظمة الصحة العالمية، قالت الدكتورة سانيا إن الأمراض غير السارية يجب أن تكون جزءا من أُطر التغطية الصحية الشاملة. فالأمراض غير السارية هي الأكثر فتكاً في العالم، وهي السبب الرئيسي للمراضة والإعاقة التي يمكن الوقاية منها.
وفي كلمتها التي ألقتها بصفتها متحدثة رئيسية، شرحت صاحبة السمو الملكي الأميرة دينا مرعد، الرئيسة المُنتخبة للاتحاد الدولي لمكافحة السرطان، كيف يمكن للتغطية الصحية الشاملة أن تقلص من عدد الوفيات بسبب السرطان والتفاوتات في الحصائل الصحية.
وجرى خلال الجلسات التقنية إطلاع المشاركين على تحليل البنك الدولي لإصلاحات التغطية الصحية الشاملة في أكثر من 40 بلداً يبلغ مجموع 2.6 مليار نسمة. ومن الدروس المُستفادة أن جميع البلدان، بغض النظر عن حالة الدخل، يمكن، بل وينبغي، أن تمضي قُدماً صوب التغطية الصحية الشاملة. وقال الدكتور فرناندو مونتينيغرو توريس، كبير الاقتصاديين الصحيين في البنك الدولي: “لا يلزم أن يكون البلد ثريا ليبدأ في التحرك نحو التغطية الصحية الشاملة”.
وأكد الدكتور ظفار ميرزا، مدير تطوير النظم الصحية في المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، على أهمية باقة الخدمات الصحية الأساسية المُقدَّمة لجميع السكان في سياق التغطية الصحية الشاملة، إلى جانب مجموعة من الخدمات المشتركة بين القطاعات التي تتناول المخاطر السلوكية والبيئية.
وفي اليوم الأخير من الاجتماع، سيواصل المشاركون مناقشة الجهود الرامية إلى تعزيز النظم الصحية لتحقيق التغطية الصحية الشاملة وضمان الحماية من الأزمات الصحية، والمقصود بمبدأ “عدم تخلف أحد عن الركب” – وهو مبدأ أساسي من مبادئ خطة التنمية المستدامة لعام 2030.