مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

دروس هامة لصقور العلاقات العامة الرأى العام

بقلم – د. أحمد عيسى :
استشارى العلاقات العامة والرأى العام بالمبادرة الرئاسية بداية حلم

إلى كل قادة وصقور العلاقات العامة و الرأى العام المهتمين ببناء أنفسهم إداريا وفق نسق فريد قادر على مواجهة التحديات ، أهديهم هذا المقال الذى سأضع فيه قصة موسى عليه السلام والخضر تحت مجهر الرأى العام وقبل أن أقوم بسرد هذه الدروس وأهم ملامحها ، دعونا نلقى الضوء على ملابسات رسالة موسى عليه الصلاة والسلام .

إن رسالة موسى عليه السلام تكمن صعوبتها فى أنه أرسل لقوم تعدى أذاهم البشر وقالوا عن الرب سبحانه أنه فقير وهم أغنياء ، ومواطن أخرى أتهموه سبحانه بأن يديه مغلولة .إذا فالوضع يحتاج إلى رسول سيتعامل على تغيير القناعات أولا قبل التحدث عن تشريع أو عبادة أو نظام .الوضع مع بنى إسرائيل كان يتطلب قائد صبور إلى أقصى درجات الصبر ويتمتع بأعلى درجات ضبط النفس ، لأن من صفات جمهور بنى إسرائيل الجدل السفسطائى العقيم ، لذلك فالشخص العادى لن يستطيع أن يتم مشروعه بنجاح .كان الوضع أيضا يتطلب تهيئه خاصة لهذا القائد مما قد يشوب النفس البشرية .وتتلخص هذه التهيئة والدروس الإدارية  فى السطور التالية :

أولا – التواضع وعدم الغرور :

 تبدأ القصة بتوجيه الله عز وجل لموسى عليه السلام لمن سيتعلم منه ما ليس عند موسى عليه الصلاة والسلام من علوم ، وبالطبع هذا الرجل ليس مشهور وليس معلوم مكانه وفيه درس قوى للنفس البشرية فى عدم إرتباط الشهرة بالمكانة والقدرة والعلم ، فقد يكون هناك من هو أعلم وأقدر منك ولكنه يعمل فى صمت .

ثانيا -ضرورة حصول المشقة فى البحث والتعليم لبناء قائد جيد :

إن ما جاء سهلا يذهب سهلا ، وما أكتسبه الإنسان بسهولة ويسر من غير عناء ، يذهب مع أول درجة غليان فى إختبارات الحياة ، لذلك كان الدرس المستفاد هو كم العناء الذى تعرض له موسى عليه الصلاة والسلام فى الوصول لمعلمه ، الخضر ، وبالطبع هذا العناء الذى بذله فى الوصول لعنوان الخضر سينعكس إيجابا فى الحرص على التعلم وعدم إهدار أى لحظة فى العملية التعليمية التربوية .

ثالثا – التحفيز السلبى :

قد يهمك ايضاً:

أمين الفلاحين في ضيافة الشهبندر لمناقشة آخر المستجدات…

اليونسكو والفكر التنويري: تراث البشرية في دائرة الخطر

قال الخضر لموسى عليه الصلاة والسلام (إنك لن تستطيع معى صبرا ) ، فأثار حفيظته لبذل كل ما فى وسعه فى الصبر والتحمل ، ثم ربط الخضر كلامه بقوله (وكيف تصبر على مالم تحط به خبرا ) وفيه درس مهم لكل المعنيين بالرأى العام وهو أن الجماهير عرضة لفتك الشائعات فى الأمور والأخبار التى يحيط بها الغموض ، وهذا كان أحد أسباب تأكيد أبو العلاقات العامة إيفى لى على مبدأ الشفافية بين المؤسسة وجمهورها الداخلى والخارجى ، هذه الشفافية تتم من خلال خطط إتصالية إحترافية من قبل أجهزة العلاقات العامة ، وفى هذا الصدد أؤكد على تعامل الرئيس السيسى بإحترافية فى موضوع محمد على ، عندما قام الرئيس السيسى بإزالة الغموض والتحدث بكل شفافية عن الموضوع فى لقائه الجماهيرى الأخير ، وقال أن الأجهزة أكدت عليه عدم التحدث فى الموضوع ، ولكنه يرى أن ما بينه وبين الشعب أعظم من كل هذا ، فتحية تقدير لمعالجة الرئيس السيسى لموضوع محمد على بهذا الشكل الإحترافى ، وقيامه بغلق باب الشائعات الذى كان يمكن أن يفتك بالجماهير .

رابعا – الإتفاق مع المتدرب والمتعلم على طريقة إدارة العملية التعليمية :

ويتضح ذلك من قول الخضر (فإن أتبعتنى فلا تسألنى عن شئ حتى أحدث لك منه ذكرا ) ،،،،وفى هذا الإتفاق سر نجاح العملية التعليمية وعدم إهدار الأوقات فى مناقشات تضر بمسار التدريب والتعليم ، ويحدث كثيرا فشل فى العملية التعليمية بسبب عدم وجود إتفاق مسبق على طريقة إدارة الحوار والتدريب بين المعلم القائد وبين طلابه .

خامسا -الإلتزام بالخطة وعدم الإنسياق وراء إرضاء المتدرب :

ويتضح هذا الملمح عندما أنكر موسى عليه الصلاة والسلام على الخضر قيامه بخرق السفينة ، فما كان من الخضر إلا أن إلتزم بالخطة المسبقة قائلا (ألم أقل لك إنك لن تستطيع معى صبرا ) ،،،ولم يسعى لتبرير ما فعله مع موسى عليه السلام ، ومنه نتعلم أن القائد ليس مطالبا بتبرير كل ما يقوم به من إجراءات بشكل فورى ، فقد يكون من الصواب تنفيذ الإجراء ، ثم شرح ملابساته للمتدرب بعد ذلك عندما يكون الوقت مناسب ، أما أن يقوم القائد بالإستراحة بين كل إجراء وأخر ليوضح ويبرر فهذا لن يؤدى لإنجاز أى خطة .

سادسا -عدم السماح بتكرار نفس الخطأ ثلاث مرات :من الدروس الإدارية الهامة لأى قائد هى عدم قبول تكرار نفس الخطأ ثلاث مرات ، وكما يقولون بالعامية المصرية

 (التالتة تابتة ) ،،،وفى هذا الصدد نؤكد على أن من يتكرر منه نفس الخطأ ثلاث مرات فلابد من إتخاذ موقف حاسم معه وإلا سيدخل الكيان الإدارى فيما يسمى بالفوضى الإدارية وإنتشار الخطأ بين الجميع وذلك لعدم حسم الأمر من قبل القيادة وإتخاذ إجراء صارم حيال المتجاوز ، ولكن أيضا لنأخذ الإجراء كاملا وليس من جانب واحد فقط ، فإن الخضر أخبره بإنتهاء التدريب والتعليم معه قائلا (هذا فراق بينى وبينك ) ولكن أيضا منحه حقه فى التعليم والشرح قائلا (سأنبئك بتأويل مالم تستطع عليه صبرا )،،،وفيه أيضا أن إنهاء العلاقة التعليمية أو التدريبية يجب أن يكون بنفس التلطف والإحترام الذى بدأت به ،وفيه أيضا أن الإخفاق فى أمر من أمور الحياة قد يكون أولى الخطوات فى نجاح منقطع النظير .إنتهت قصة موسى عليه السلام مع الخضر ، وكان السبب الأساسى لهذه الصحبة والتعلم هو تعلم الصبر ، نعم الصبر الذى لم يستطع موسى عليه السلام الحفاظ عليه بسبب ذهوله من هول أفعال الخضر الغير مبررة من وجهة نظر موسى عليه السلام .

 

ومن الأهمية بمكان أن نوضح دور الصبر فى حياة أى قائد إدارى ناجح ، والصبر يعنى التجلد والإحتمال ، وجاء فى حديث نبوى شريف …الصلاة نور والصبر ضياء ، أتدرى ما الفرق بين النور والضياء ؟إن الفرق شاسع بين النور والضياء ، إنظر إالى قول الله تعالى (هو الذى جعل الشمس ضياءا والقمر نورا ) وملخص القول أن الضوء ما ينتفى معه أى ظلمة ، ويتحقق فيه وضوح كامل لأدق التفاصيل ، لذلك فإن من إحتياجات القائد الإدارى أن يتحلى بالصبر حتى تتضح له الحقائق بشكل ينتفى معها أى غموض ولبس ، ومن ثم تنعكس على قوة القرار المتخذ لأنه تم إتخاذه على بينة ووضوح لأدق التفاصيل ، وننهى بحديث النبى لرجل يسمى أشج عبد القيس ، عندما قال له النبى صلى الله عليه وسلم (إن فيك خصلتان يحبهما الله ورسوله (الحلم والأناة ) ،،،،نعم إنهما صور مختلفة من الصبر ، فالحلم صبر فى الفهم ، والأناة صبر فى التنفيذ ، فالقائد الناجح يحتاج إلى الحلم والأناة أو الصبر الجميل فى تجميع الحقائق وفهمها وعدم التسرع فى الحكم على أى شخص حتى تكون ملما بكل الملابسات التى تحيط به وكذلك يحتاج القائد الإدارى إالى الصبر فى تنفيذ الإجراءات والقرارات أو ما يسمى بالأناة .

وبهذا التفصيل أصل إلى ختام مقالى وإنتظرونى فى مقال قادم إن شاء الله تعالى .

التعليقات مغلقة.