كتب – سمير عبد الشكور:
أكدت دراسة علمية على أهمية البعد الديني وقيم التسامح في تشكيل وبناء الدولة العصرية الحديثة في سلطنة عُمان من خلال الدور المحوري لهذه الأبعاد والمبادئ في بناء الدولة البوسعيدية في زمن الإمام أحمد بن سعيد 1744 ـ 1783م)
وقد اشتملت الدراسة على خمسة فصول، خصص الفصل الاول للتحولات السياسية والاجتماعية في عهد اليعاربة والظروف المؤسسة لظهور دولة البوسعيد. وتناول الفصل الثاني والثالث من الدراسة شرح وتوضيح وتحليل الظروف التاريخية والمقدمات الذاتية والموضوعية لظهور دولة البوسعيد، وأثر القيادة السياسية في بناء الدولة والمتمثلة في شخصية الامام احمد بن سعيد، وأسباب انتخابه للإمامة وعلمه ورجاحة رأيه وتوحيده للقبائل ومواقفه المعتدلة والمتسامحة مع المخالفين في الفكر والمذهب واسلوبه في بناء الروح الوطنية.
في حين تناول الفصل الرابع عملية بناء وازدهار دولة البوسعيد من حيث بناء وإرساء اركان الدولة الداخلية وعلاقاتها الخارجية مع الدول الاخرى وفق قيم التسامح الديني، باعتباره أهم الاسس الاساسية في بناء الدولة البوسعيدية.
وطالبت الدراسة التي أعدها الباحث أحمد بن محمد السعدي من وزارة الاوقاف والشؤون الدينية، بضرورة استلهام دروس الاهتداء بمستقبل إعلاء قيم المحبة والتسامح التي أرسى قواعدها السلطان قابوس، مستندا في ذلك على قراءة عميقة لتجربة الامام احمد بن سعيد من مختلف الجوانب.
كما طالبت الدراسة العلمية الباحثين العُمانيين في التراث والمهتمين، تسليط الضوء على فترة الامام احمد بن سعيد وفق معطيات القراءات الحديثة، وضرورة تنظيم المزيد من المؤتمرات والندوات الخاصة بدراسة هذه الفترة والبحث في مختلف وثائقها ونصوصها.
لا تكمن أهمية الدراسة في الرصد والتحليل لقيم التسامح في بعدها الديني والانساني لدى القيادات التاريخية والمعاصرة للدولة العُمانية، بل يتعدى ذلك الى حث جيل المستقبل على السير قُدماً نحو تأصيل البعد الديني القائم على التسامح والاحترام والمحبة والثقة والمدد الاخلاقي والثقافي المستمد من تجارب الأجداد والآباء لبلوغ الغايات المنشودة في بناء الدولة العمانية العصرية الحديثة الخالية من مختلف انواع التعصب المذهبي والطائفي.