واصلت دار الإفتاء المصرية قوافلها الإفتائية إلى محافظة شمال سيناء، وذلك بالتعاون مع الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف، تأكيدًا على حضور المؤسسات الدينية الوطنية في مختلف ربوع الوطن، ودعمًا لأهالي سيناء علميًا ودعويًا وروحيًا.
وشهدت قافلة هذا الأسبوع مشاركة فضيلة الشيخ عبد الرحمن محمد محمد أنور شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء، وفضيلة الشيخ محمد أشرف عبد الرازق أبو زيد، الباحث بالإدارة العامة للأبحاث الشرعية بدار الإفتاء، حيث نفذت القافلة عددًا من الأنشطة الدعوية والعلمية المتنوعة.
وتضمنت فعاليات القافلة عقد مجلس لقراءة البردة الشريفة عقب صلاة العصر يوم الخميس، في أجواء إيمانية وروحية، إلى جانب أداء خطبة الجمعة بمنطقة البرث، وأداء خطبة الجمعة أيضًا بمسجد التيسير بالكيلو 14، أعقبها عقد مجلس فتوى مباشر للإجابة عن أسئلة المواطنين وبحث قضاياهم الدينية والاجتماعية.
وأكد أمناء الفتوى، خلال خطبة الجمعة، أن القيم الأخلاقية الكبرى في الإسلام تقوم على اتساع القلب للناس جميعًا، وتقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، مستشهدين بما ورد عن الإمام السري السقطي –رحمه الله– في تعظيمه لشعور الأمانة ومحاسبة النفس على مجرد خاطر فضل فيه ذاته على غيره. وأوضحوا أن هذا المعنى الرفيع يمثل أساسًا مهمًّا في تحريم الاعتداء على المال العام، الذي هو ملك للأمة بأسرها، ويشمل موارد الدولة ومرافقها ومنشآتها وخدماتها.
وشدد أمناء الفتوى في خطبة الجمعة على أن الحفاظ على المال العام فريضة شرعية ومسؤولية مجتمعية، تشمل صيانة المدارس والمستشفيات ووسائل النقل والمرافق العامة، وعدم التعدي على الكهرباء أو المياه أو الطرق، مؤكدين أن الإفساد في هذه المرافق يُعد خيانة للأمانة وإضرارًا بحقوق الجميع، مستدلين بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “من استعملناه منكم على عملٍ، فَكَتَمَنا مخيطًا فما فوقه كان غُلولًا يأتي به يوم القيامة”.
كما تناولت الخطبة جانبًا اجتماعيًّا مهمًّا، حيث أكدت أن علاج التفكك الأسري واجب ديني واجتماعي، وأن الأسرة تمثل اللبنة الأولى في بناء المجتمع، داعية إلى ترسيخ قيم المودة والرحمة والتغافل والحوار الهادئ داخل البيوت، بما يحقق الاستقرار النفسي والتماسك الاجتماعي، مستشهدين بالآية الكريمة:
﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾.
واختتم أمناء الفتوى خطبة الجمعة بالتأكيد على أهمية استقبال شهر رجب بما يليق بفضله ومكانته، باعتباره من الأشهر الحرم، والدعوة إلى اغتنامه في فعل الخيرات وتهذيب النفوس، والإكثار من الذكر والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، سائلين الله تعالى أن يبارك للأمة في رجب وشعبان، وأن يبلغها شهر رمضان وهي في خير ووحدة واستقرار.
وتأتي هذه القوافل الإفتائية في سياق استراتيجية دار الإفتاء المصرية الهادفة إلى الوصول إلى المواطنين في أماكنهم، وتعزيز الخطاب الديني الوسطي، وترسيخ مفاهيم الانتماء والمسؤولية المجتمعية.

