استقبلت دار الإفتاء المصرية، ظهر اليوم، وفدًا رفيع المستوى من أئمة علماء كردستان العراق، لبحث تعزيز التعاون الديني بين إدارات الدار وكردستان العراق.
وخلال اللقاء استعرض الدكتور مجدي عاشور -المستشار الأكاديمي لمفتي الجمهورية-، إدارات الدار وطبيعة العمل بها التي شهدت تطويرًا واسعًا شمل العمل الفني والإداري، من خلال تجويد الأداء الشرعي للإدارات الإفتائية، والتوسع في إنشاء إدارات جديدة، كما لفت إلى اهتمام الدار بنشر المنهج الوسطي، وعنايتها ببرامج تدريب وإعداد المفتين لمواجهة فوضى الفتاوى والفتوى الشاذة والمتطرفة.
وأوضح د. عاشور أن دار الإفتاء أولت اهتمامًا كبيرًا بتدريب وتأهيل المفتين عبر برامج تدريبية متنوعة على علوم وشئون الفتوى وفق منهج دار الإفتاء المصرية في إصدار الفتاوى مع التأصيل لهذا المنهج، وبيان أركانه، وشروطه، وبيان مرجعية دار الإفتاء الفقهية المذهبية المؤصلة في تناول الفتاوى، مع النظر الدقيق للواقع عن طريق الاستعانة بالمتخصصين في كافة المجالات، فضلًا عن التدريب العملي على كيفية إنشاء دور الإفتاء وكيف يمكن أن يكون مرجعًا لأى دولة بحاجة لإنشاء دار إفتاء خاصة بها، لتكون الفتوى دائمًا تحت أيدى المتخصصين ذوي المنهج الحضاري الوسطي المعتدل.
وشدد المستشار الأكاديمي لفضيلة المفتي على أن التدريب في الدار يعتمد على أن الفتوى أمر مؤسسي، وأن الإفتاء في الدار يتم وفق عمل جماعي وليس فردي؛ لذلك أنشأت الدار أمانة الفتوى التي تتشكل من 25 عالمًا من كبار علماء الدار يجتمعون بشكل أسبوعي حتى تخرج “الفتوى مؤسسية منضبطة”.
وأضاف مستشار مفتي الجمهورية أن الدار استشعرت خطر الجماعات المتطرفة فأنشأت مراصد بحثية لمجابهة خطر التطرف وظاهرة التكفير من خلال رصد الفتاوى وتفنيدها وتقديم عدد من التقارير والدراسات الخاصة بذلك، مع الاهتمام بمواجهة ظاهرة الإسلاموفوبيا وتصحيح صورة الإسلام في الغرب عن طريق نشر تلك الفتاوى والتقارير بعشر لغات مختلفة، وذلك عبر سائر مواقعها.
وفى سياق متصل أشار الدكتور مجدي عاشور إلى اهتمام الدار بالتواصل عالميًّا مع كافة المؤسسات الإفتائية فأسست الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، مؤكدًا أنها مبادرة مصرية خالصة انطلقت يوم الثلاثاء الموافق 15 ديسمبر 2015م، حيث أسهمت في عودة الريادة الإفتائية لمصر، وتهدف إلى تبادل الخبرات العلمية والعملية والتنظيمية بين دور وهيئات الإفتاء الأعضاء، ودراسة مشكلات الحياة المعاصرة والاجتهاد فيها اجتهادًا أصيلًا فاعلًا، من أجل تقديم الحلول النابعة من التراث والمنفتحة على تطور العصر.
كما أعرب فضيلته عن ترحيب الدار بكافة أشكال التعاون العلمي والشرعي والإفتائي مع علماء كردستان.
من جهته قال الدكتور عمرو الورداني -مدير إدارة التدريب بدار الإفتاء: إن الدار حريصة كلَّ الحرص على أن تقوم بواجبها في تدريب الأئمة والمفتين، عبر برامج تدريبية تهدف إلى إكساب الطلبة مهارات التعامل مع أهم الأفكار، والتيارات المتطرفة، مشيرًا إلى أن إدارة التدريب في الدار تدرك أن عالم الشريعة لا بد أن يكون مدركًا للنص ثم للواقع بما فيه من علوم مختلفة وجديدة مثل علم اجتماع الفتوى وإدارة الفتوى، لافتًا النظر إلى أن دار الإفتاء تولي اهتمامًا كبيرًا بالعلوم الحديثة للتدريب على الإفتاء.
وأشار إلى أن إدارة التدريب في الدار لديها أكثر من برنامج تدريبي للوافدين في العالم أكبرها لمدة ثلاث سنوات، حيث بدأت الإدارة في العمل في عام 2006 وتم تخريج 1500 متدرب من المفتين حتى الآن وهم الذين يمارسون الإفتاء حاليًّا على مستوى العالم منهم 5 تولوا منصب المفتي الأكبر في بلادهم.
وفصل الورداني طبيعة برامج التدريب التي تعتمدها الدار، موضحًا أن التدريب يهدف إلى رفع مهارات وقدرات الطلاب الوافدين من خريجي جامعة الأزهر الشريف، وذلك في مجال الإفتاء وعلومه، من خلال برنامج مدته ثلاث سنوات، ويجمع بين الدراسة النظرية للعلوم الشرعية والعلوم الحديثة الضرورية للإفتاء، ثم التدريب العملي على الإفتاء في إدارات الفتوى المختلفة بالدار.
فيما تحدث الدكتور خالد عمران – أمين عام الفتوي بدار الإفتاء المصرية- عن الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، وإسهاماتها في الحقل الإفتائي وكيف يتم من خلالها تنفيذ الاستراتيجية الخاصة بمواجهة التطرف والعنف والأفكار التكفيرية في وفق عدد من الأطر والبرامج.
وأوضح د. عمران أن الأمانة شرعت في إنشاء مجموعة من المراصد البحثية والإصدارات المرجعية فضلًا عن المطبوعات التي أثرت بشكل كبير العمل الإفتائي خلال السنوات القليلة الماضية فدشنت مجلة(Insight) للرد على مجلتَي “دابق” و”رومية”، اللتين يصدرهما تنظم “داعش” الإرهابي باللغة الإنجليزية، وتتناول ردودًا علمية وتفنيدًا شرعيًّا لكافة الشبهات الواردة في إصدارات تنظيم “داعش”، كما أصدرت الدار قبل أشهر نشرة دورية شهرية حملت اسم “جسور” وتهدف إلى مد جسور التواصل مع العالم الإسلامي شرقًا وغربًا، فضلًا عن ترسيخ التعاون مع أعضاء الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم من خلال أداة إعلامية تخترق ساحة الإفتاء وتفند ما يتعلق به بالحجة والدليل.
واستطرد عمران في حديثه مشيرًا إلى استعداد دار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لإطلاق “اليوم العالمي للإفتاء” المزمع إطلاقه يوم 15 من ديسمبر الجاري، والذي يهدف إلى ترسيخ مبادئ الإفتاء المنضبط كإحدى اللبنات الرئيسية لاستقرار الفرد والمجتمع والدولة والأمة بأسرها، مشيرًا إلى أنه سيشمل بعض الأنشطة الهامة التي من شأنها تكريس الجهود لإفشاء حالة السلام والتعايش السلمى.
من جانبه أبدى وفد أئمة علماء كردستان العراق، عميق شكره وامتنانه على مجهودات دار الإفتاء المصرية في نشر صحيح الدين والمنهج الوسطي وتأهيل المفتين الذين يتصدون للإفتاء في أوطانهم، مؤكدين أنهم بعودتهم إلى بلادتهم سيكونون سفراء لمنهجية دار الإفتاء في الفتوى ومنهجية الأزهر الوسطية.
وأعرب الوفد عن تطلعهم لمزيد من التعاون في مجال التدريب على الإفتاء والاستفادة من خبرات الدار في تدريب المفتين على الفتوى ومواجهة الفكر المتطرف، وكذلك الاستفادة من إصدارات الدار.