كتبت – نهلة مقلد:
أصدرت المؤسسة المصرية الروسية للثقافة والعلوم بالتعاون مع دار نشر أنباء روسيا كتاب يجمع العديد من قصص الأدب الروسي المعاصر للكاتبة الروسية ليديا صيتشوفا و آخرون. وقام بترجمة هذا الكتاب الى اللغة العربية المترجم الدكتور باسم الزعبي وتصدر طبعته العربية عن دار نشر أنباء روسيا والمؤسسة المصرية الروسية للثقافة والعلوم.
سيجد القارئ في هذا الكتاب غنىً في مصادر العالم الروسي: هنا يوجد كتّاب ولدوا في أقصى شمال روسيا، وفي آسيا الوسطى، ومن الأورال، ومن منطقة البحر الأسود، ومن موسكو، ومن الجمهوريات التي استقلت بعد انهيار الاتحاد السوفيتي. هنا تجدون أبناء المدن و أبناء الريف، الفنانين والعلماء، والمهندسين والصحفيين- كلهم أدباء ساحرون، تركوا بصمتهم في الأدب الروسي. بعض المشاركين يعيش خارج روسيا، وفي أوروبا و أمريكا، دون أن يقطعوا، بالمناسبة، صلتهم بوطنهم. الخيط الذي يجمع كل هؤلاء مع وطنهم هو- الكلمة الروسية. إنها توحّد أيضًا الكتّاب غير الروس بالولادة- مثل هؤلاء الكتاب احتلوا مكانًا في هذا الكتاب.
في الكتاب اجتمع كتّاب معروفون جيدًا في روسيا، وكذلك كتّاب جدد، وبين دفتيه اجتمع ممثلو أجيال متعددة من الأدب الروسي. هنا تجدون التقليديين والحداثيين والواقعيين والتجريبيين. وجمع الكتاب أحياء وراحلين أيضًا، يتعرف القارئ على ذلك من خلال النبذات الذاتية الخاصة بالمؤلفين. مثل هذا الكتاب كان يمكن أن يكون حدثًا استثنائيًا حتى في روسيا، وهذا يدل على النظرة الأصيلة، والدقيقة التي مكنت الدكتور باسم الزعبي من تقديم مختارات متميزة من دون شك.
ارتبط الأدب الروسي ارتباطًا وثيقًا بتاريخ الدولة الروسية، إذ تتجلى فيه بوضوح إرادة، وعقل، وروح الشعب. الروس هم أكبر شعب سلافي في العالم، يعيش على أطراف أوروبا ويمتد بعيدًا في أعماق آسيا. تأثرت الدولة الروسية بالغرب كثيرًا، وهذا التفاعل أحدثته الطبقة الحاكمة في البلاد. لقد فهم الأوروبيون أصالة الروس ،و وطنيتهم الحقيقية على أنها تخلف. وقد شاطرتهم غالبًا، الطبقة الحاكمة في روسيا، التي كانت مستعدة للتخلي عن تقاليدها، ومعتقداتها، وأيديولوجيتها، ومؤسستها السياسية، هذه النظرة، مقابل ” التساوي” مع الغرب، ” والحداثة”، وبلوغ” التقدم “كثيرًا ما كان مثل هذا الانقسام في المجتمع الروسي يقود إلى نتائج تراجيدية، آخرها كان انهيار الاتحاد السوفيتي. ونتيجة لذلك أصبح الشعب الروسي أكثر شعوب العالم انقسامًا، وهذا ما أضعف من دون شك من معرفته لذاته وشعوره بها، وبقواه الإبداعية، وبإمكانياته الإرادية.