خشوع ها نصور
بقلم – صابر الجنزوري:
ولما كانت الليلة الألف والأخيرة من ظهور الداعية فى برنامج التقوى على شاشة الإيمان الفضائية بدأ الشيخ صاحب لقب الدكتور حلقة البرنامج كعادته بالدعاء رافعا يديه للسماء وبين التوسل والرجاء والدموع دعا ، كان عنوان الحلقة : الفقراء يدخلون الجنة ! بدأ سرد حكايات الفقراء ، ربط الفقر بالرضا والسعادة فى الدنيا ودخول الفردوس الأعلى فى الآخرة ، وأخذ يعدد فى احاديث الأنبياء عن الفقراء وضرب امثلة من حياتهم التى كانت فقيرة وعاشوا فى فقر وزهد كبيرين .. قال : طوبى للفقراء فهم عيال الله وأحبابه وويل للأغنياء اعداء البشرية الذين يسرقون قوت الغلابة ! فتح ميكرفون المداخلات .. سألته مشاهدة : الأنبياء لم يكونوا فقراء كان منهم داود وسليمان والذين رعوا الغنم كانوا اغنياء بما يملكون من أغنامهم وتجارتهم فيها فهل نحسبهم من الفقراء ام من الأغنياء ؟ كعادته يستدعى بشاشته وطلاقة وجهه التى تصاحب طلاقة لسانه ونظرات عينيه المراوغة قال : الأنبياء ياسيدتى ليسوا مثلنا وهم الإستثناء من القاعدة. فى مداخلة أخرى سأله المشاهد الحصيف : يامولانا كيف استطعت أن تبكى اثناء الدعاء وأنت فى أول الحلقة ولم تسخن بعد ؟ ضحك الداعية واستدعى خاصية الثبات الإنفعالى والإبتسامة الباردة وأخفى توتره بحركة سريعة داعب فيها أزرار بدلته الإيطالية السوداء ! قال : انها فتوحات وتجليات من الله .. قال المشاهد : ربنا يثبتك ياشيخ وتشارك فى الغزوات آخر الحلقة كما شاركت فى الفتوحات بأولها ! واصل ضحكته البلهاء وأغلق هاتف المداخلات .
فى آخر دعاء الختام قال : اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا ! واصل النحنحة ، تقمص دور الزاهد ، انهمر فى البكاء ، لكن كانت نظراته للكاميرا أثناء بكائه تقول شيئا آخر حتى نزل على الشاشة تتر النهاية ! نسي المخرج الكاميرا والصوت مفتوحين ، سأل طاقم الإخراج : ما رأيكم ؟ قال المخرج مداعبا : هايل يا دكتور ..أتقنت دورك تماما ! كان سائق سيارته الفارهه بانتظاره فتح له الباب ، دلف إلى الكرسي الخلفى ، اغلق السائق زجاج السيارة الأسود ، بدأ هواء التكييف يرسل برودة منعشة ، تناول الدكتور وهذا اللقب كم يحبه وظل عمره يبحث عنه .. فقد كانت الدكتوراه التى اشتراها فى التجارة التى درسها فى مستهل شبابه بالجامعة و ظل حرف الدال ولقب دكتور يراوده فدائما ماكان يقول ” إن لحرف الدال لسحر عظيم يفتح الأبواب المغلقة ” .. تناول سيجارا يستورده من الخارج ، وأخذ يدخن فى خشوع ، بينما حلقات الدخان المشبعة برائحة الحشيش تتطاير فى سقف السيارة ! فيسأله السائق : هل صحيح يا أستاذ الجنة للفقراء أمثالي؟ يجيبه : طبعا .. سوف تدخل الجنة من اوسع ابوابها واحرص ان تقول لى يادكتور ! واسترسل منبها السائق بقوله : لا تنس الليلة أن تتجه إلى الفيلا الجديدة حيث العروسة الجديدة فى انتظارى! باغته السائق وسأله : وأنت يا دكتور هل ستكون معنا فى جنة الفقراء ام جنة الأغنياء ؟ قال مداعبا : لا تخف سوف أخذك معى وندخن معا سيجارا كوبيا هناك ! ضحك السائق وهو يشعل السيجار الذى أعطاه له الشيخ قائلا : اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا !