ختان الإناث بين الحقيقة والخرافة
بقلم – نيڤيرنا إبراهيم:
“يقوم مفهوم الشرف على خيط واه فإذا صمد فبضرب من ضروب الحظ غالباً”
لعل مقولة ألبير كامو الفيلسوف الفرنسى تطابق مفهوم ربط شرف الأنثى بالختان، مفهوم واه وخرافة مضللة توارثتها مجتمعاتنا الإفريقية منذ القدم، لتنتهك تلك الممارسة الوحشية أجساد الآلاف من الفتيات الصغيرات و المراهقات سنويا، تفقد العديد من الفتيات حياتهن أثناء عملية تشويه الأعضاء التناسلية، إلى جانب ما تعانيه الناجيات من إضطرابات ما بعد الصدمة وآلام الجرح والنزف الحاد وصعوبات التبول وقد يصل الأمر إلى العدوى المميتة أو صعوبات قد تُودى بحياة النساء إلى الوفاة أثناء الولادة، إلى جانب البرود الجنسى وما يترتب عليه من مشاكل زوجية، وقد جرمت منظمة الصحة العالمية عملية الختان وأُصدرت قوانين لمعاقبة من يقوم به، فما الذى يجعل تلك الممارسة الوحشية تمتد منذ عصور إلى وقتنا هذا؟
تأثير العقل الجمعى على إستمرار تلك العملية و بقائها حيث تتناوب النساء بحرص شديد على إتمام تلك العملية لفتياتهن الصغار فى مراحل ما قبل البلوغ بهدف الحفاظ على العفة و الطهارة كما هو متداول فى المجتمعات الريفية و التى تنخفض فيها نسب تعليم و تثقيف المرأة نجد النساء يشجعن بعضهن على ذلك، بل يصل الأمر فى بعض الأحيان إلى القيام بتلك العملية فى صورة حفل جماعى لصغيراتهن والإحتفاء بذلك الطقس الدامى، ضاربين بعرض الحائط المشاعر السلبية التى تتولد لدى الفتيات نتيجة ذلك و المعاناة الجسدية والنفسية، لتبدأ الصغيرات رحلة جديدة مع كره أجسادهن والخوف منها، ثم التخوف من العملية الجنسية وكرهها فى الكبر لتستمر رحلة من الإرهاب النفسي والمعاناة، فما الذى يدفع من مرت بكل هذا ومازالت تعانى منه أن تعيد الكرّة مع طفلتها؟
إنه نوعاً من البرمجة السلبية التى ترسخت فى عقول العديد من النساء عبر السنوات ليتم ممارسة الإرهاب النفسي على الفتيات فى مقتبل أعمارهن بأنهن شرف العائلة الواجب الحفاظ عليه وحمايته بأى ثمن حتى لو كان من دمائهن الخاصة، فى كل مرة تقف امرأة فى وجه تلك العادة الرجعية فأنها تساند جميع النساء وتدعم التحرر من أغلال تلك العبودية العقلية التى قهرت ملايين الفتيات فى عصرنا هذا داخل القارة الإفريقية، الأنثى ليست عاراً أو عورة أو مخافة نحن فخورات بفتياتنا مستقبل قارتنا، إن مفهوم الشرف يرسخ فى العقول قبل الأجساد، من حق كل فتاة إفريقية أن تعيش بجسد كامل سليمة معافاة، وإن أرادت المجتمعات الحفاظ على موروثات الشرف فلتدعم النساء وتساندهن بالحصول على تعليم جيد وحقوق آدمية وقوانين صارمة ضد العنف والإنتهاكات بحق النساء، لم يقف الختان ومفاهيم الشرف حاجزاً يوماً فى وجه مغتصب أو معتدى، فلما الإصرار على تلك الخرافة حتى وقتنا هذا، إن أرادت المجتمعات حقاً أن تحيا نساءها شريفات فليتوقف الإرهاب النفسي ويزال الوصم الذى يلاحق من تتحدث عن الإنتهاكات الواقعة بحقها.
وليستوقفنا سؤالاً هاماً فيما يتعلق بجذور عملية الختان ومحاولة تغليف تلك العملية عبر الفترات الزمنية المختلفة عن طريق صبغها بالعادات والتقاليد تارة وتارة أخرى صبغة دينية وكلاهما خاطىء، أم إنها كانت عملية لختان العقول قبل الأجساد! هل المرأة حيوان مندفع بشهوته لذلك وجب الحد منه! ما المرعب والمخيف فى أجساد النساء إلى هذا الحد! لم تعمد التشويه العقلي و الحد من القدرة الإبداعية لفتياتنا!
وإن بحثنا فى مجتمع العاملات بالجنس فالكثير منهن مختنات! لم يقف الختان حارساً للفضيلة إذا! بدلاً من تعنيف الفتيات و قهرهن فلتبدء المجتمعات بأخذ خطوات إيجابية و خاصة مجتمع النساء والتصدى لتلك الظاهرة، ادعموا فتياتكم وإحرصوا على نيلهم قسطاً وافراً من التعليم والتمكين والإعتزاز بالنفس، بدلاً من تحويلهن لدمى ضعيفة مشلولة الإحساس، من حق كل فتاة أن تحيا سليمة.