بسملة سمير:
تبحث الدول بشكلٍ متزايد عن طرقٍ لتعزيز اقتصاداتها وتحقيق الاستقرار المالي والاجتماعي، ومن بين الاستراتيجيات الفعالة التي تبنتها العديد من الدول، يبرز التنويع الاقتصادي كأحد أهم الأدوات لبناء اقتصاد قوي ومستدام. وهو الخيار الاستراتيجي الذي تبنته سلطنة عمان لإعادة هيكلة اقتصاداتها وجعلها أكثر استقرارًا ونموًا.
وأكد خبراء في اقتصاد، أن سياسات عُمان منفتحة ومرنة لتحفيز الاستثمار، وأن الاقتصاد العماني في ظل تنفيذ «رؤية عمان 2040» يسعى إلى تحقيـق تحـول اقتصـادي من خلال التركيز على التنويع القائم على أساس التقنية والمعرفة والابتكار، ويستهدف التنويع الاقتصادي توسيع قاعدة الاقتصاد الوطني من خلال تطوير قطاعات مختلفة ومتنوعة وعدم الاعتماد على قطاع واحد فقط لتحقيق النمو الاقتصادي. ويبدأ التنويع الاقتصادي بتحديد القطاعات التي تمتلك إمكانيات نمو واعدة.
أشار خبراء في الاقتصاد إلى أن ثمة عدة مؤشرات يمكن من خلالها قياس مدى نجاح برامج التنويع الاقتصادي، مثل مساهمة القطاعات الجديدة في الناتج المحلي الإجمالي، وتقليل الاعتماد على قطاع واحد للإيرادات، وزيادة فرص العمل في المجالات الجديدة، وتحسين ميزان المدفوعات من خلال تعزيز الصادرات، والاستقرار الاقتصادي وتقليل التأثر بالأزمات العالمية.
ثمن الخبراء والمحللون الاقتصاديون جهود عُمان نحو تسريع وتيرة التنويع الاقتصادي، إذ أطلقت سلطنة عمان تحت إشراف وزارة الاقتصاد البرنامج الوطني «تنويع»، الذي يركز على تعزيز مساهمة القطاعات غير النفطية في الاقتصاد الوطني، مع التركيز على القطاعات الواعدة مثل السياحة والصناعات التحويلية والتكنولوجيا. بهدف تحقيق نقلة نوعية نحو اقتصاد معرفي، يعتمد على الابتكار والتنافسية العالمية، بما يعزز من قدرة عُمان على التكيف مع التغيرات الاقتصادية العالمية وتحقيق الاستدامة الاقتصادية.
ويُعد برنامج «تنويع» ركيزة استراتيجية أساسية في مساعي سلطنة عُمان لتحقيق التنويع الاقتصادي وتعزيز الاقتصاد الوطني ضمن «رؤية عُمان 2040». من خلال التكامل بين القطاعات الاقتصادية المختلفة وفق سياسات وبرامج تنفيذية تُحفز جذب الاستثمارات الجديدة وتُحدد الفرص الاستثمارية الواعدة، خاصة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
كما أن برنامج «تنويع» يدعم الخطة الخمسية العاشرة ويواكب توجهات الخطة الحادية عشرة، مع التركيز على استغلال الميزات النسبية لسلطنة عمان وتنمية القطاعات غير المستغلة. ومن أبرز مخرجات البرنامج، إطلاق مشاريع استراتيجية مثل الدراسة التي نفذتها وزارة الاقتصاد بشأن الإطار الاقتصادي والمالي للتخارج من قطاع النفط والغاز بحلول 2050، ووضع سياسات داعمة لتطوير القطاعات الواعدة كالثروة السمكية والصناعات التعدينية والهيدروجين الأخضر، بالإضافة إلى تطوير مبادرات تكاملية في البنية الأساسية مثل الموانئ وسلاسل التبريد اللوجستية.
ويشمل البرنامج أيضًا إقامة خمسة تجمعات اقتصادية متكاملة في مناطق مختلفة لتعزيز التنمية وجذب الاستثمارات، مثل تجمع النجد الزراعي في محافظة ظفار لتعزيز الأمن الغذائي، وتجمع الدقم اللوجستي لتحسين جودة الصادرات، وتجمع صحار لصناعات الألمنيوم لدعم الصناعات التحويلية، وتجمع شليم للمعادن لاستغلال الموارد المعدنية، وتجمع الداخلية السياحي لتعزيز القطاع السياحي المحلي.
ويُتوقع أن تُسهم هذه التجمعات في جذب الاستثمارات، وخلق فرص عمل، إلى جانب تعزيز التنوع الاقتصادي والأمن الغذائي ودعم اقتصاديات المحافظات.