خالد علم يكتب أين أنتم ياأهل الفضل ..؟!
النفسُ تبكي على الدنيا وقد علمت
أن السعادة فيها ترك ما فيها
لا دارٌ للمرءِ بعد الموت يسكُنها
إلا التي كانَ قبل الموتِ بانيها
فإن بناها بخير طاب مسكنُه
وإن بناها بشر خاب بانيها
ينادي منادى من قبل الله عز وجل يوم القيامة ينادى بين الخلائق : ليقم أهل الفضل ، فيتساءل الناس فيما بينهم مستغربين فيرد عليهم المنادي بالتخصيص والتعريف بهم : أهل الفضل الذين كانت تُقضى على أيديهم حوائج الناس …
أهل الفضل ” شهادة عليا من الله لبعض خلقه ممن قام بتطبيق الشروط هذه الصفة الراقية في يوم القيامة يوم الحسرة والندامة اليوم العصيب والناس عطشى وذاهلون من هول الموقف ، إلا هؤلاء : أهل الفضل فإنهم في حمى الرحمن وعليهم نفحة الرضوان فتعالوا نتعرف على صفاتهم من القرآن الكريم ، قال الله تعالى في سورة الإنسان يصف أهل الفضل : ( ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيرا * إنمّا نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكورا * إنّا نخاف من ربنا يوماً عبوساً قمطريرا * فوقاهم الله شرَّ ذلك اليوم ولقَّاهم نضرة وسرورا * وجزاهم بما صبروا جنّةً وحريرا * متكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمساً ولا زمهريرا * ) إلى قوله تعالى بنهاية وصف أحوالهم والنعيم الذي يلبثون في فقال : ( إنَّ هذا كان لكم جزاءً وكان سعيكم مشكوراً ) .
إن من مكارم الأخلاق، وكمال الأدب والرحمة – ألا تَنسى الفضل لمن كانت بينك وبينه مودة وأُلفة، فنسيان فضل صاحب الفضل من سوء الأخلاق وسوء الطباع واتباع الشيطان.
يا من تريدون جنات عرضها السموات والأرض كيف تنسو مودة تلك الزوجة التي فتحت لك قلبها زوجًا وحفظتك في مالك وفي عرضك ورضيت وصبرتْ معك على حلو الأيام ومُرِّها، وهبَّت بعد ذلك عواصفُ هوجاءُ عاتية كانت سببًا في أن يذهب كلٌّ منكما في طريق، ولكن هل سيدفعك هذا الأمر لتنسى سنوات العِشرة الطيبة التي جمعتكما تحت سقف واحد، وتُحاربها بشتى الوسائل لتُرضي غرورك الذكوري وتفضحها على وسائل التواصل الاجتماعي وتفشى سرا ما كان بينكم خفى ، أم ستكون من أهل الفضل واتباع تعاليم الرحمان وتُعاملها كما أمرك الله تعالى بالمعروف، وتطبِّق وصيَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، “رفقًا بالقوارير”، وتُبدي لها الإحسان ولا تضطهدها، وتَحرمها من حقوقها.
يا من تريد ان تكون من أهل الفضل؟!
هل يا تُرى سيأتي اليوم الذي ستتبرَّأ فيه من أخيك وتشمت فيكم القريب والبعيد وتنسى ان اخيك الذي ولدته أمك بسبب خصامٍ تافه واختلاف وجهات النظر؟ وهل ستنسى ذاك الرابط المقدَّس الذي جمعكما وهو رابط الدم والأُخوَّة والعشرة الطيبة من أجل دنيا زائلة؟!
يا من تريد إن تكون من أهل الفضل؟!
جارك الذي اخترتَ أن تسكن بجواره، وتقاسمت معه الاحزان والافراح وتجاذبتَ معه أطراف الكلام، وتبادلتما أطباق الطعام، وقد يكون أقرب إليك من أخيك الذي ولدته امك في بعض الأحيان، هل يا ترى بسبب سوء فَهم يسير لن تلقيَ عليه السلام، وستُشيح بوجهكِ بعيدًا عنه ولا تكون له معين في احزانه، أين فضل الجار كما أوصاك به النبي المختار؟
يا من تريد إن تكون من أهل الفضل؟!
هل ستنسى فضل شيخك ومعلِّمك الذي نهلتَ منه العلم ومكارم الأخلاق، فارتفعت مكانتك بين الناس، وأصبحت من جهابذة العلم والطب ويشار اليك بالبنان، فهل ستتعالى عليه، أم ستدعو له دومًا بالصحة والعافية وتتحدَّث عن جميل فضله ما حييتَ وتقصها للإحفاد؟ فأين فضيلة العلم في نفسك؟
وختاما : ﴿ وَلا تَنسَوُا الفَضلَ بَينَكُم… ﴾
التعليقات مغلقة.