خالد عامر يكتب:
بقلم خالد عامر:
في زمن اختُزلت فيه السياسة في شعارات مستهلكة وأدوار نمطية، ظهرت فكرة جريئة قلبت الموازين، فكرة لم تأتِ من رحم حزب واحد، ولا انطلقت من منصة تقليدية، لكنها جاءت من عقل يرى المستقبل، ويؤمن بأن التغيير لا تصنعه الهياكل بل الأفكار، فكانت تجربة “تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين”.
ليست مجرد فكرة شبابية، ولا تجمع للنخبة كما قد يتخيل البعض، بل هي فكرة مبنية على نُبل سياسي غير مسبوق: وهي تجميع المختلفين فكريًا، تحت مظلة واحدة، دون أن يُطلب منهم التخلي عن مبادئهم، أو الانصهار في قالب موحد.
هذه المعادلة الصعبة، التي عجزت عنها الأحزاب الكلاسيكية، نجحت فيها التنسيقية ببراعة.
صاحب الفكرة لم يكن يبحث عن استعراض، بل عن خلق مساحة جديدة في المشهد السياسي المصري، مساحة يتصدرها شباب من مختلف الأطياف، يؤمنون بأن الحوار أداة، وأن الاختلاف ليس عيبًا بل مصدر ثراء.
ومن هنا بدأت أولى الخطوات، لا على أساس الولاء الحزبي، بل على أساس الجدارة والكفاءة والرغبة الحقيقية في تقديم نموذج سياسي متميز.
وبالفعل، تحولت التنسيقية من مجرد فكرة طموحة إلى حاضنة سياسية للقيادات الشابة.
كوادرها خاضوا معارك تشريعية ومجتمعية وخرجوا منها أكثر نضجًا وخبرة، قدموا نموذجًا لنائب البرلمان الذي لا يكتفي بالكلام، بل ينزل إلى الشارع، يستمع للناس.
في زمن كان يُقال فيه “السياسة لعبة الكبار”، جاءت التنسيقية لتقول: “الشباب إذا أُعطي الفرصة، صنع المعجزات”.
اليوم، حين نُقيّم خريطة القوى السياسية في مصر، سنجد أن أحزابًا كاملة لم تستطع أن تصنع نصف ما قدمته التنسيقية من كوادر وفكر وتواجد.
لماذا؟ لأنهم ظلوا أسرى التنافس والصراعات، بينما اختارت التنسيقية طريق التعاون والهدف المشترك.
وهنا كان الفارق الجوهري.
فما يُميز التنسيقية ليس فقط أنها تجاوزت الحزبية الضيقة، ولكن لأنها كانت المبادرة الوحيدة القادرة على تجميع الشباب بمختلف أفكارهم إلى “قوة تنظيمية”.
وبذلك، أصبحت كيانًا لا يُقارن بأي حزب، لأنها ببساطة، سبقتهم جميعًا بخطوات في الرؤية والبناء.
اليوم لا يمكن الحديث عن مستقبل الحياة السياسية المصرية دون الإشارة إلى تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، كأحد أنجح النماذج المؤسسية في تمكين الشباب وإعادة تعريف دور السياسي.
فهي ليست مجرد مظلة تنظيمية، بل فكرة تنتمي إلى المستقبل.. والمستقبل، دائمًا، ملك لمن يكون مختلفًا.
شكرًا لصاحب الفكرة التي صنعت كيانًا يحق لنا أن نفتخر بوجوده.