حوار مع الكاتب حيدر حسين سويري
حوار – اسعد عبد الله عبد علي
كاتب وأعلامي عراقي
حوار حول الدين واللادين والوسطية
كثيرة هي الأسئلة عن الدين والحياة والإيمان والفكر, ونجد الجدل عنها يبدأ ولا ينتهي, مع أهمية أن تكون لكل إنسان رؤية كونية شاملة, عن الحياة وعن الخلود وعن الثواب والعقاب وعن الخير والشر, لذا كان التحاور مع أصحاب الفكر طريقا لكشف المبهمات وتوضيح ما غاب عنا, العام الماضي شهد ولادة كتاب مهم عنوانه ( ما هو الدين) للكاتب العراقي حيدر حسين سويري, كان في صميم ما تحتاجه الساحة, من ردود وإجابات عن العديد من المبهمات, فالكتاب بمجموعه يمثل كنز للباحث عن كشف العلل حول ماهية الدين؟ ولماذا الدين؟ لذا حاورنا الكاتب حول نقاط مهمة وحول الكتاب.
فكانت هذه السطور :
1 – الدين, ما هو تعريفك له, وبماذا اختلفت عن التعريفات الأخرى؟
◄ للدين عدة تعريفات ذكرتها في الكتاب، ويعتبر كتابي كلُه تعريفاً للدين، فلك أن ترى عنوانه (ما هو الدين؟)، وبما أني أميل للاختصار فأستطيع أن أجعل لهُ تعريفاً بسيطاً: الدين هو الأيمان بوجودِ خالقٍ للوجود, وإقامة الأحكام الشرعية التي جاء بها الرسل.
2 – كيف يصبح الإنسان ذا دين, هل عبر التزام شريعة ما, أم من خلال التزام أفكار معينة ؟
◄ إذا أعتقد الإنسان بوجود خالقٍ للوجود، وأتخذ له شريعةً ومنهاجاً يعتقد أنها صدرت عن ذاك الخالق فقد أصبح ذا دين.
3 – عندما تصفحت الكتاب وجدت انه على شكل حوارية, تذكرني بأسلوب كتاب المراجعات، وكان لكتاب المراجعات قصة, فهل لكتابكم قصة معينة؟
◄ نعم ، بعد إنهاء الدراسة الجامعية، اتجهنا إلى الوظيفة, (وكما هو معروف في بلداننا العزيزة، الرجل المناسب في المكان المناسب!)، ظهر تعييني في مدرسة تقع في قرية أطراف بغداد، لم أكن لوحدي بل كنا مجموعة، وفيها التقيت مع شريكي في هذا الحوار، وصراحة كان شاباً مهذباً, لكنه في نفس الوقت متعصباً (مُقدِساً)، فبدئت بعض المواضيع تُعرض للنقاش، فأُبدي رأيي فيها، وكان هو ساكتاً يُبدي عليه هدوء، فعلمت ذلك فأثرت موضوعاً، فأنفجر في وجهي، فقرأته تماماً, ثم أعانه الله تعالى وهو وحده المعين المستعان، أن يتخلص من تلك المرحلة الفكرية التي كان يمر فيها، والتي أُطلقُ عليها تسمية( مرحلة المراهقة للفكر)، بعدها بدأ بتقبل الرأي الأخر وأصبح مثقفاً جداً، كذلك وأصبح يودني كثيراً، بل وصديق حميم، فكتب مقالاً وعرضه عليَّ لأبدي رأيي فيه، فأجبته شفاهاً، فرفض ذلك وقال: خذه وأقرأه جيداً ثم أكتب ودون ما تراه. فقبلتُ، وصراحة كنت قبل ذاك لا أدون أفكاري، ولم أكن أتصور إن الموضوع سيتطور إلى ما هو عليه الآن، ولا هو أيضاً.
ولكن بعد قراءته لردي عرضه على بعض الزملاء، فأعجبهم الموضوع، وأعجبته الفكرة، وبدأ هو من يخطط للموضوع ويضع الشروط ( التي خالفها بعض الشيء فيما بعد) منها: أي تعارض من أي كلام في الكون مع كلام الله سبحانه سيكون الترجيح لكلام الله سبحانه, وأي كلام سيعارضه فهو زخرف وباطل نضربه عرض الحائط, ومنها كذلك لا نستشهد بمقولة أي كان ونلتزم بها لأنه ليس حجة علينا(عدا المعصوم طبعاً)، إلا بقدر ما نفهمه نحن من تلك الآراء ونتبناه، وأن تكون النتائج حصيلة البحث، لا نتائج وأفكار معدة مسبقاً، ويتم عرض النتائج من خلال الدليل، ومقارعة الحجة بالحجة والدليل بالدليل، لا الاعتقاد المبني على التقليد الأعمى، قال تعالى﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ﴾ وقوله تعالى﴿ وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا ﴾, كنت كتبتُ وأرختُ ردي إليه في سجل لدي، فقام هو كذلك بإعداد نسخة خاصة به ينقل فيها ردي، ويدون رده في سجلي ويؤرخ رده أيضاً، وبعد مدة من الزمن جاءني رده، وكنت عند ذاك خرجت من المدرسة للعمل في وظيفة إدارية، والصراحة حزن الجميع على ذلك ولكن تمنوا لي الخير، وعزمنا على الاستمرار فيما بدأنا به، ولذلك كانت الردود تأخذ مدة طويلة.
4 – هل الدين حاجة إنسانية واجبة, أو لنقل هل يستطيع الإنسان العيش من دون دين؟
◄ أوضحت في محتوى الكتاب بأن الإنسان محتاج إلى الدين (العبادات والمعاملات) ولا يستطيع أي إنسان الاستغناء عن الدين, وإن أدعى ذلك فهو كذاب,
فمنذ بدأ الخليقة وإلى الآن مازال موضوع الدين يشغل الحيز الكبير من الفكر البشري, إذا لم نقل الحيز الأكبر، حيث تتباين فيه الآراء والأهواء على حد سواء، فنرى بين الفينة والأخرى ظهور شخصيات تتبنى مفهوم الدين المتعصب، فتظهر كحصان جامح يهرب من الجميع، أو يلجأ إلى تحطيم (تكفير) الجميع، وبالمقابل يتمرد البعض الأخر على الدين فيخالفه في كل شيء، فيجعل منه أفيون الشعوب، لكننا نرى أيضا ظهور شخصيات تحاول التوفيق بين جميع الاتجاهات وخلق مفهوم(الوسطية)، إلا أنها محاولات تبوء بالفشل دائماً، لأن المناهج تتباين فيما بينها تبايناً متمايزاً يصعب جمعه.
إن الذي يهمنا من الأمر هو الحلول التي تطرحها تلك المناهج وسبل تطبيقها، وهل استطاعت حل المشاكل ولو نظرياً؟
5 – ما هي ابرز المشاكل التي واجهتك في تأليف الكتاب؟
◄ المشاكل التي واجهتني في تأليف الكتاب: أولها الالتزام بالشروط المتفق عليها مع المُحاور، وثانيها الحصول على المعلومة الدقيقة ولا سيما اختيار الآيات التي أستخلص منها ردودي على أسئلة المُحاور، ثالثها ضيق الوقت وضعف الإمكانيات المادية، وغيرها من مصاعب الحياة، رابعها التقية التي هي ديننا فليس كل ما يعرف يُقال, وكانت هذه هي أهم المشاكل التي واجهتني.
6 – هل تعتقد انك أحطت إحاطة كاملة بموضوع البحث عن الدين ؟
◄ قطعاً لا، لكني قدمتهُ بأسلوبٍ عصريٍ جديد، في هذه المحاورات التي جرت على السليقة دون الاعتماد على مدرسة أو مدارس فكرية معينة، ظهرت كثير من الأشياء أو الأفكار التي سيطلع عليها القارئ، والتي قد تكون جالت في فكره مرة من المرات، حين دخوله في حالة من الصفاء الذهني، أو حين انتابته لمسه نورانية قلبية بعيدا عن العقل، ومشاكل المحل، أو وسوسة للشيطان على ما يقال.
ونحن لا ندعي إننا جئنا بجديد محض، لكنه قد يكون غريباً، ظهر بصورة غير معتادة، فالكهرباء موجودة ولكنها تظهر من خلال صور متعددة، لا تلغي حقيقة الكهرباء أبداً، كونها تجليات لا أكثر.
7 – الحوارية هل أنتجت أفكار جديدة لك, كما نعرف عصف الأفكار ينتج أفكار جديدة؟
◄ بالطبع، منها نظريتي في(واو العطف)، فقد أطلقت عليها أسم (واو المغايرة) وطبقتها في تفسير كثير من آيات القرآن وقد جاءت أُكلها، وكذلك طرحتُ نظرية في القانون الشامل الكامل، مستدلاً بآياتٍ قرآنية أيضاً.
8- من هم القراء المحتملون لكتابك، اي ما هي الفئة المستهدفة ؟ ولماذا؟
◄ الباحثون في الوجود، المحتارون لما يدور في رأسهم من أسئلةٍ لا يجدون لها جواباً، وأما أذا كنت تقصد الفئات العمرية فهم الشباب, الذين بدأوا يتجهون إلى الإلحاد, بسبب أجوبة وكتب من يدعون أنهم رجال دين.
9 – هل أنت صاحب مشروع فكري, والكتابة يمثل خطوة في الطريق الذي تسير فيه؟
◄ نعم، مشروعي فكري تربوي، أبحثُ عن مجالٍ لتطبيق مشروعي فيه، فأنا كمعلم أحدثتُ تغيراً كبيراً لدى بعض تلامذتي، وكذلك زملائي، وأتمنى أن أدخل في وظيفة الأشراف أو العمل في مديرية المناهج التربوية ليرى مشروعيَّ النور.
10 – كتابكم ما هو الدين هل جاء بشي جديد, حدثنا عنه؟
◄ نعم، رؤية لتفسير القرآن مادياً وكشف مكنوناته، بالاضافة لتطبيق نظريتي بواو العطف(حيث أطلقتُ عليها واو المُغايَرة)، مع ثمة رؤية أُخرى لم أطرحها في الكتاب لعلي أطرحها في طبعتهِ الثانية.
11- هل هناك حالة يمكن وصفها باللادين, وما هو تعريفك لها؟
◄ أدعى بعضهم الإلحاد، ونكران الدين، وكما قلنا فهو كاذب، فما أن يتعرض لحادث حتى يذكر الله شاء أم أبى، ولقد شاهدتم ما حصل للمخرجة(إيناس الدغيدي) في احد برنامج الكاميرة الخفية(رامز تحت الارض) في شهر رمضان, عندما أحست بالخوف لجأت الى الله عز وجل, وشرعت بقراءة الآيات القرآنية, مع أنها معروفة المواقف، التي هي على الضد من الدين، كدعمها للإباحية في أفلامها،وتعرضها الدائم للدين, وغيرها الكثير من المواقف المحاربة للدين.
أما تعريفي لها(حالة اللادين): هي مرض نفسي كما وصفها القرآن، وهي إدعاء للذين يريدون جواباً وحلولاً لكل المشاكل دون سعي وبحث, وهم لا يعلمون أن ليس للإنسان إلا ما سعى.
12 – يقال أن المجتمعات البعيدة عن الدين تضطرب عندها المقاييس, ويصبح الحق عندها باطلا والباطل حقا ..ما رأيكم؟
◄ وفق ما طرحتهُ في كتابي، نعم، حيث ستنتشر فيها الأمراض النفسية لا محالة، منها الانطواء والعزلة والاغتراب، وفوبيا المستقبل, ولا سيما التقدم في السن وخوف الموت, لعدم اعتقادهم بوجود حياة أُخرى, إما ما بشر بهِ الدين فهو وجود حياة أُخرى, وهذا الموضوع مهم جداً من الناحية النفسية، فضلاً عن العملية.
13 – منذ متى بدأت رحلتك الفكرية, وكيف كانت المخاضات الأولى وإرهاصات البداية؟
◄ مُنذ الصغر بدأتُ بطرح الأسئلة، حول الله والوجود، ولم يكن ثمة مجيب حتى إذا كبرتُ وثبتُ على الكتب، فأخذتُ بافتراسها, ولطالما سمعت من الآخرين أرائهم وتجاربهم وأفكارهم، ونظرتهم للأشياء، وكثيراً ما قرأت كتبهم، لكني بقيت قليل الكلام في مواضيعهم، مثل(الدين وغيره) ولعل البعض يقول بعد أن يقرأ كتابي هذا: ليتك بقيت صامتاً.
كنت أميل مع أي رأي أسمعه وأهيم مع أي كتاب أقرأه، حتى غدوت ساحة للمتناقضات، وفي نفس الوقت أحاول أن أبرهن على الآراء كما عرضها أصحابها، لكني كنت أفشل في ذلك دائماً، والأمر واضح، فكما أسلفت (كنت ساحة للمتناقضات) لا أرتكز لفكر ثابت، علاوة على ذلك، تقديس الأسماء بلا مبرر، لكني وجدتهم هكذا، فالعلماني يقدس رجالاته، والمتدين يقدس رجالاته، والفاشي والقومي و….. الخ، كلهم سواء، حتى بدأتُ بسؤال نفسي: أين أنا بينهم؟ كنت أقرا لجميعهم؟ وكنت أتأثر بجميعهم؟ ثم سألت نفسي: أليَّ رجالات مثلهم؟! ولكي لا أطيل، في أحد عوالمنا ولأني بدأت في البحث عن ذاتي حظيت بأستاذ، فعلمني الكثير، وإن مما علمني: ليس المهم ما تعرف أو كم تعرف، المهم بماذا ينفعك ما تعرف؟ والرحلة تطول.
أردت أن أقول : تكوّن لي رأي خاص ورؤيا وبدأت أعرض أفكاري رويداً رويدا ، كلما سنحت لي الفرصة والأسباب كثيرة(سلباً وإيجاباً).
14 – ما قضايا الفكر التي تشتغل في حقولها تحديداً؟
◄ مادتي البحثية هي: الإنسان، إذن فقضاياي الفكرية تدور في فلك هذا المخلوق العجيب، سواءً منها الفكرية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، وأهمهما الأخيرتين(الاجتماعية والاقتصادية) وإني ليؤلمني كثيراً أن أرى العوز لدى بعض المجتمعات، أو لدى طبقات المجتمع الواحد، العوز الثقافي والمالي.
15 – ما رأيكم بالمشاريع الفكرية والفلسفية في الساحة العراقية, وهل هناك مشاريع جادة أم لكم رأي مختلف؟
◄ حبرٌ على ورق، ولدينا مسؤولين في الدولة قادريين على أماتت أيّ مشروع وصاحبهِ، وهؤلاء هم البهائم الذين جاءت بهم الرشاوى والمحسوبية فأصبحوا أصحاب قرار, نعم توجد لدينا مراكز مختصة، مثل بيت الحكمة! ولكن ماذا قدَّم هذا البيت للدولة والمجتمع، بالرغم من المؤتمرات العديدة التي يقيمها في الداخل والخارج, والتي تُكلف الدولة مبالغ طائلة، وأنت اليوم إذا ذهبت إلى شارع الثقافة(شارع المتنبي) وسألت روادهُ عن هذا البيت، أنا متأكد أنك لن تجد من يعرفهُ حتى بالاسم, بالرغم من قرب مكانه من الشارع!
16 – ما تقييمك للاتجاهات الإسلامية في العراق, وهل تراها صاحبة مشروع حقيقي؟
الجواب:النزرُ القليل منها مَنْ يمتلك مشروعاً حقيقياً، لكن القتل مصيرهُ عاجلاً أم آجلا، ولن يرى التطبيق أبدا.
17- كيف تنظر الى إشكالية العلاقة الثقافية بين الشرق والغرب؟
◄ لا يوجد أحد يحمل الحقَّ في جعبتهِ أبداً إلا الله ومن ارتضاه، فكلا الثقافتين لها ما لها وعليها ما عليها، وكلٌ يطرح بضاعته وعلى الإنسان أن يختار, وأرى أن الاختلاف ثروة إذا استخدمت بشكلها الصحيح، على أن الغرب ومجتمعاته ترى نفسها في علوٍ ورفعةٍ فوق المجتمعات الشرقية، وهذا لم يأتي عن فراغ, وإنما أتى عن عقدة قديمة، فهل تعلم عزيزي أن الأوربيين لم يكونوا يعرفوا السكر حتى الحروب الصليبية (راجع قصة الحضارة لديورانت), وستجد فيها من المفاجئات الكثير، إن هذه العقدة جعلتهم يربون أولادهم على احتقار الشرق، وهذا يعتبر طبيعياً، لكن المؤسف أن يرى الشرقي بل ويقبل بأنه مجتمعٌ دون المجتمع الغربي.
18 – الفكر الديني هل يمكن أن يقود دولة تقيم العدل؟
◄ لما لا, إذا وجد له رعاة حقيقيون يحملون مبادئ محمد وعلي وسلمان وأبا ذر وغيرهم من ألصحابه، إذا وجد أُناس يناضلون من أجل الحرية الحقيقية، يناضلون لبناء حياة أفضل.
19- من أهم من تأثرت بكتاباتهم, ولماذا؟
◄ السيد عبد الحسين دستغيب، مرتضى مطهري، علي الوردي، سبيط النيلي، ديكارت، برتراند رسل، جان جاك رسو، محمد جواد مغنية، السيد الخوئي، وغيرهم كثير ولكن هؤلاء تقريباً قرأت كل كتبهم.
20- أين تجد نفسك؟
◄ في قراءة القرآن، فأني لا أُفارق قراءته يوماً واحداً، فعندما أقرأ القرآن كأني داخلٌ في حوار، حوار عميق، أكتشف في كل مرةٍ شيئاً جديداً. أتمنى أن يُجرب الجميع ذلك.
21- الكتاب الذي غير قناعاتك؟
◄ بصراحةٍ هي ثلاث كتب أحدثت لي نقلات في مراحل ثلاث: الأول(النفس المطمئنة) للسيد عبد الحسين دستغيب والثاني(كتاب العدل الإلهي) للشيخ مرتضى ألمطهري والثالث(وعاظ السلاطين) للدكتور علي الوردي.
22 – هنالك كلام كثير عن الوسطية في الدين, فما هي الوسطية , ومن يمثل الوسطية ألان على الخريطة الإسلامية؟وهل الوسطية واضحة المعالم نظرية معروفة أم عنوان فضفاض؟
◄ في مقالٍ لي أعربت عن رأيي في الوسطية والاعتدال, أنقلهُ كما هو إجابةً على سؤالك: تعجبني كثيراً قيادة السلطان العُماني(قابوس)، الذي رسم ملامح السياسة العُمانية، وسُبل إدارة دولة السلطنة، وبالرغم من موقعها الجغرافي المهم، وعضويتها في مجلس التعاون الخليجي، إلا أنها اختلفت عن بقية دول المجلس، فـ(عُمان) غالباً ما تلعب دور الوسيط، في إيجاد الحلول للخروج من الأزمات. في جريدة الخليج الكويتية، قرأت مقالاً جاء فيه” مخطئ من يظن أن السلطنة في منأى عن العالم، فهي تمد يدها لتدعم الحق والعدل والمحبة والتسامح في كل مكان، إن «عمان» لم ولن تكون يوما أرضا تنمو منها أو إليها الفتن، والسبب في ذلك بسيط جدا، فبالإضافة الى السياسة العمانية المتزنة تأتي الثقافة الصحية المغروسة في النفوس منذ القدم لتؤدي دورها في عملية الاستقرار والإنجاز، وما نعنيه بالثقافة الصحية هي تلك الخالية من الإمراض والنعرات الاجتماعية، وهي كذلك التي تحث النفس على قبول الآخر و احترام رأيه وفكره ومنهجه, باختصار إنها ثقافة التسامح والمحبة التي بدورها تكرس قيم الأخوة والتلاحم والتعاضد، فتلك القيم إن استيقظت في الإنسان وانتشرت في الأوطان تتهاوى الأزمات وتنمو الأمم والمجتمعات.
أنقل قولاً جميلاً للكاتبة منى سالم سعيد جعبوب, حيث تقول في كتاب قيادة مجتمع نحو التغيير – التجربة الثورية لثورة ظفار: يرى البعض بأن سلطنة عمان من أوائل دول المنطقة التي عاشت تجربةً ديمقراطيّة “إسلاميّة”، من خلال إقامة دولةٍ تقوم على أساس الانتخاب، والتي على أساسها يقوم المذهبُ الإباضي، وهو المذهب الذي استطاع أن يقيم دولة في عمان. و”يمكننا القول بأن الأباظية أوّل حزب جمهوري في الإسلام، حيث لم يقرَوا بمبدأ الحكم الذي يكون محصوراً في آل البيت، أو حكراً على قريش، بل كانوا يرون أن قرار اختيار الحاكم يعود إلى اختيار الشّعب من حيث الأفضلية.“.
23 – كلمة أخيرة تود أن تقولها ؟
◄ أخيراً أتمنى من الإخوة القراء الذين قرأوا أو سيقرؤون كتابي(ما هو الدين؟)، أن يراسلوني عبر البريد الالكتروني أو صفحتي في الفيس بوك، لعرض آراءهم بكل صراحة ووضوح، ليتم الاستفادة منها، ويكون هناك تبادل وتلاقح في الأفكار، للوصول إلى ما ينفعنا في الدنيا والآخرة؛ قال تعالى ﴿ ابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ((القصص)).