مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

حكم إفطار الطلاب في رمضان بسبب الامتحانات

كتبت – سناء مقلد :

صيام رمضان واجب على كل مسلم مكلَّف صحيح مقيم، والواجبات الشرعية منوطة بالقدرة والاستطاعة؛ فإذا عجز المكلف عن الصوم أو لحقَتْه منه مشقة لا قدرة له على تحملها جاز له الإفطار شرعًا؛ لقوله تعالى ﴿لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة : 286]، وقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : «دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلاَفِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» متفق عليه.

وقد نصَّ الفقهاء على إباحة الفطر لمن يجهدهم العمل الذي لا بد لهم من أدائه ويشق عليهم بحيث لا يستطيعون أداءه مع الصوم الواجب، ومنهم أصحاب الحِرَف الشاقة؛ كعُمَّال المناجم وقطع الأحجار، والحصَّادين، والخبازين، الذين لا بد لهم من مزاولة هذه الأعمال لضرورة الحياة

قد يهمك ايضاً:

إنطلاق النسخة الثانية لمهرجان التحرير الثقافي إيه يو سي…

وفد فرنسي رفيع المستوى يُبدي إعجابه بإمكانات الأكاديمية…

كما نصوا على جواز الفطر للأجير صاحب المهنة الشاقة الذي يعوقه الصوم أو يضعفه عن عمله وأن من أجر نفسه مدة معلومة وكان عمله في رمضان وهو يتضرر بالصوم فإن له أن يفطر وإن كان عنده ما يكفيه سواء كان حصول العقد في رمضان أو قبله
بل نصوا على جواز الفطر للزارع الذي يخاف على زرعه الهلاك أو السرقة ولا يجد من يعمل له صيانة لماله

ومثل هؤلاء في الحكم الطلاب الذين يتضررون بالصوم تضررًا يقطعهم عن مواصلة مسيرتهم الدراسية، أو يضعف مستواهم فيها؛ بالتأثير السلبي على مذاكرتهم واستيعابهم وتركيزهم وأدائهم في الامتحانات؛ فإن النظم التعليمية تُقيِّد منتسبيها وطلابها بمدد دراسية معينة، وتلزمهم بأداء الامتحانات في أوقات محددة، فإذا تخلفوا عنها أو رسبوا فيها تضرروا ضررًا بالغًا بضياع سنواتهم الدراسية وذهاب أعمارهم هباءً، وإذا تشتت تركيزهم وضعف استيعابهم كان لذلك أثره السلبي على أدائهم ونتائجهم في الامتحانات، وعاد على مستوياتهم العلمية بالضعف.
ولا يخفى أن الانتظام في مراحل التعليم المختلفة أمر لا بد منه في هذا العصر، وأن الطلاب محتاجون إلى استكمالها والتركيز في دراستها وأداء امتحاناتها في أوقاتها المحددة لها والنجاح فيها واجتيازها؛ احتياجًا لا بد منه ولا محيص عنه؛ فقد أصبح ذلك الوسيلة الأساسية للحصول على الوظائف والمهارات والأعمال المختلفة التي هي مصدر الدخل المعتاد للمواطنين، فإذا حصل الانقطاع عنها أو التقصير فيها أثر ذلك بالسلب على مستقبل الطالب ومعيشته.

بناءً على ذلك فإنه يجوز للطلاب المكلفين الإفطارُ في شهر رمضان، إذا كانوا يتضررون بالصوم فيه، أو يغلب على ظنهم ذلك؛ بالرسوب أو ضعف المستوى الدراسي، ولم يكن لهم بد من الاستمرار في الدراسة أو المذاكرة أو أداء الامتحان في رمضان؛ بحيث لو استمروا صائمين مع ذلك لضعفوا عن مذاكرتهم وأداء امتحاناتهم التي لا بد لهم منها، فيجوز لهم الفطر في الأيام التي يحتاجون فيها للمذاكرة أو أداء الامتحانات احتياجًا لا بد منه، وعليهم قضاء ما أفطروه بعد رمضان عند زوال العذر.
وكل طالب حسيب نفسه في ذلك، وهو أمين على دينه وضميره في معرفة مدى انطباق الرخصة عليه وتقدير الضرورة التي تسوغ له الإفطار.
ويجب التنبه إلى أنَّ هذه الفتوى إنما هي فتوى ضرورة، والضرورة تقدر بقدرها، فالعمل بها مشروط بشروط لا بد من توافرها وإلا وجب الصوم وحرم الإفطار
فهي مشروطة أولًا : بكون الطالب يتضرر بالصوم في رمضان تضررًا حقيقيًّا لا موهومًا.
وهي مشروطة ثانيًا : بأن يغلب على الظن الرسوب أو ضعف النتيجة وتدهور المستوى.
وهي مشروطة ثالثًا : بكون المذاكرة مضطرًّا إليها في شهر رمضان ولا يمكن تأجيلها.
وهي مشروطة رابعًا : بأن لا يتجاوز الطالب في الإفطار أيام الاحتياج والضرورة للمذاكرة أو الامتحانات إلى غيرها.