مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

حفل جوائز أوليفييه 2025: ليلة تألق المسرح في قاعة ألبرت الملكية بلندن

كتب – أحمد قرمد :

في ليلة ساحرة من ليالي لندن، أضاءت قاعة ألبرت الملكية سماء الفن المسرحي يوم الأحد 6 أبريل 2025، حيث احتضنت حفل توزيع جوائز أوليفييه السنوي، أرفع تكريم للمسرح البريطاني  هذا الحدث، الذي استضافه الثنائي المبدع بيفرلي نايت وبيلي بورتر، لم يكن مجرد احتفال بالإبداع، بل كان شهادة على قوة المسرح في إعادة إحياء الكلاسيكيات وابتكار الجديد، حيث عجت القاعة بنجوم الفن ومحبي الدراما ونجوم المسرح من كل حدب وصوب.

كان نجم الحفل بلا منازع مسرحية “فيدلر أون ذا روف”، التي أخرجها جوردان فين ببراعة منقطعة النظير هذا العمل الموسيقي الكلاسيكي، الذي بدأ رحلته في مسرح ريجنتس بارك المفتوح قبل أن ينتقل إلى مسرح

باربيكان، حصد ثلاث جوائز أوليفييه مستحقة: “أفضل إحياء لمسرحية موسيقية”، “أفضل تصميم ديكور” لتوم سكات، و”أفضل تصميم صوتي” لنيك ليدستر. بترشيحها لـ13 جائزة، ساوت “فيدلر أون ذا روف” الرقم القياسي الذي سجلته مسرحية “هاميلتون” عام 2018، مؤكدةً مكانتها كإحدى أبرز الأعمال المسرحية لهذا العام. لم تكن هذه الجوائز مجرد تكريم للعمل الفني فحسب، بل كانت دليلاً على قدرة المسرح على إعادة تقديم القصص التقليدية برؤية معاصرة تأسر القلوب.

ولم تكن “فيدلر أون ذا روف” وحدها في دائرة الضوء، فقد تشاركت الأضواء مع مسرحيتين أخريين سطعتا في تلك الليلة: “The Curious Case of Benjamin Button” و”Giant”، حيث فاز كل منهما بثلاث جوائز أيضًا. “جاينت”، التي ربما أثارت فضول الجمهور بقصتها المستوحاة من رواية إدنا فيربر الشهيرة، أثبتت أن المسرح البريطاني لا يزال يمتلك القدرة على خلق أعمال جديدة تنافس الكلاسيكيات. هذا التنوع في الفائزين يعكس ثراء المشهد المسرحي في بريطانيا، حيث يتجاور الإبداع الحديث مع إعادة إحياء التراث بسلاسة مدهشة.

لم يكن الحفل مجرد مناسبة لتوزيع الجوائز، بل كان احتفالًا بالروح الإنسانية التي يجسدها المسرح من خلال أداء المقاطع الموسيقية الحية وكلمات الشكر المؤثرة، استطاع الحضور أن يلمسوا شغف الفنانين وتفانيهم. ومع انتهاء الليلة، بقيت قاعة ألبرت الملكية شاهدة على لحظات لا تُنسى، حيث أُعيد تأكيد أن المسرح ليس مجرد فن، بل هو لغة تجمع البشر وتحكي قصصهم بكل صدق وعمق  وجمال.

قد يهمك ايضاً:

من أجل تكريم إرث ديريك جارمان: دونا ماكيفيت تحيي أمسية فنية…

وكيل تعليم كفر الشيخ: لا صحة لإقالة مدير إدارة بيلا…

تعود قصة جوائز أوليفييه إلى قلب لندن في منتصف القرن العشرين، وتحديدًا إلى عام 1976، عندما قررت جمعية لندن للمسرح (Society of London Theatre) إنشاء تكريم سنوي لأفضل الأعمال المسرحية في بريطانيا. كانت الفكرة بسيطة في البداية: الاحتفاء بالمبدعين في عالم المسرح، من ممثلين ومخرجين إلى مصممي ديكور وكتاب، في وقت كانت فيه السينما تهيمن على الأضواء بفضل جوائز مثل الأوسكار الأمريكية والتي فقدت مصداقيتها تماماً لكن المسرح البريطاني، بتراثه العريق الذي يمتد إلى أيام شكسبير، كان يستحق تكريمًا خاصًا به.

في البداية، كانت الجوائز تُعرف باسم “جوائز جمعية لندن للمسرح”، وأُقيم الحفل الأول في ديسمبر 1976 في مسرح صغير نسبيًا، بحضور متواضع من أهل المسرح لم تكن الأضواء ساطعة بعد، ولا الكاميرات تحيط بالمكان، لكن الحماس كان واضحًا الفائزون الأوائل تلقوا جوائزهم بفخر، وكانت البداية واعدة، لكنها لم تكن بالمستوى  المبهج الذي  نراه اليوم.

 لورانس أوليفييه: الاسم الذي غير كل شيء
في عام 1984، حدث تحول كبير. قررت الجمعية تكريم أحد أعظم أساطير المسرح البريطاني، السير لورانس أوليفييه، الذي كان قد توفي في 1989 لاحقًا، لكن إرثه كان قد ترك بصمة لا تُمحى.

أوليفييه لم يكن مجرد ممثل؛ كان رمزًا للإبداع المسرحي، بأدواره الشكسبيرية الأيقونية وقدرته على الجمع بين العمق والجاذبية فأُعيد تسمية الجوائز بـ”جوائز لورانس أوليفييه” تكريمًا له، ومن هنا بدأت القفزة نحو العالمية.

من البداية إلى اليوم: إرث حاضر و مستمر
من بداياتها المتواضعة في 1976 إلى ليلة 2025 المبهرة، تحولت جوائز أوليفييه من احتفال محلي إلى رمز عالمي للتميز المسرحي في قلب العاصمة البريطانية لندن .

إنها ليست مجرد جوائز، بل قصة شغف وإبداع، تحكي كيف يمكن للفن أن يجمع الناس ويحتفي بأحلامهم وفي كل عام، مع كل حفل جديد، تستمر هذه القصة في النمو، تاركة خلفها إرثًا يلهم الأجيال القادمة.