بقلم – هيام جابر:
أنا حازم وساحدثكم عن أمي الجميلة …
كانت امرأة جميلة جدا ..فازت بالكثير من مسابقات ملكات الجمال التي كانت تقام في بعض الحفلات والمناسبات …عيناها الخضروان وملامحها الفاتنة تميزت بهما كنجمة متفردة في سماء مليئة بالنجوم …قدها الممشوق ، جعل كل يراه ينبهر بقطعة من الجنة تسير على الأرض … أحبها كثيرأ و كان يكرر ان وجهها خيرا عليه …فمنذ أن تزوجها توفق بكل تجاراته فقد أصبح بالتدريج من أثرياء البلد ….كان لا يتورع عن المفاخرة بها حيث ذكرت . اما هي فلم تكن فخورة إلا باسرتها ولا توفر جهدا لإسعادنا …كانت تساعدنا للقيام بواجباتنا المدرسية في النهار وفي الليل تتابع دراستها الجامعية ..حيث درست وتخرجت من كلية الحقوق …
كنا ثلاثة ذكور صغار ، أكبرهم انا في السادسة عشرة من عمري ..رغبنا كثيرا ان يكون لنا اخت . وتحت الحاحنا انجبت أمي الولد الرابع ولحسن الحظ كان بنتا تشبهها .
غدت ( لونا ) لعبة البيت المدللة …واكثر من ذلك لعبة مفرحة لكل أولاد الجيران الذين يتسابقون لمشاركتها اللعب في مدينة الأطفال القريبة من بيتنا ..حين كنا نخرج مع أمي أيام العطل وفي الصيف .
لم تثننا القذائف التي انهالت على مدينة العاب الأطفال وحول البيت من الخروج …فالحرب طالت ، وأصبح الجميع يمشون والموت يرافقهم كالظل …لم ينفع الإحتماء والإختباء .فالقذائف العشوائية والسيارات المفخخة حصدت أرواح الناس ، وهم في بيوتهم .
قبل عيد الأم بيوم …قررنا أن نذهب انا وأمي لشراء هدية لها فذهبنا للشارع التجاري الذي يبعد قليلا عن بيتنا …اصطحبنا اختي معنا …ولكي لا اتعب امي بحملها قمت بذلك …..
كان الشارع مكتظا بالناس والمحلات تعج – رغم الخطر – بمن يشترون هدايا عيد الأم .
بعد ذلك لم أعد أدري ما حصل إلا بعد ان سمعت الطبيب يخبر رجلا منحي الظهر – له عيني أبي ، أنه بإمكانه نقلي من المشفى للبيت ..فقد عالجوا اذنيّ التي أصابها تمزق في الأغشية ، بسبب صوت انفجار سيارة كنا قربها .
في طريقنا للبيت ، شاهدت صورة امرأة جميلة مسجاة على الأرض وحولها بقعة كبيرة من الدم …تبتسم لي كي لا أجزع …وفي صورة أخرى رأيت طفلة تطير في الجو أشلاء ….بدأت أصرخ وأنتحب ،
حضنني والدي بكثير من الألم والحنان ، وسألني بصوت متلعثم مقهور ماذا ستكون في المستقبل ؟
أجبت بصوت مدو ، ممزوج بالتحدي ..
كما أرادت أمي .
التوقيع
الدكتور حازم