مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

حرمان أبنائكم نتاج حرمانكم

بقلم -زينب مدكور:

الحرمان تسلسُل معاناة من الطفولة حتى الشيخوخة .
هناك صورة نموذجية حاضرة في ذهن الناس حول مفهوم الطفل المحروم ، والتي غالبًا ما تكون نتيجة للوضع الاقتصادي والاجتماعي لأسرة هذا الطفل أو البلد الذي يعيش فيه . فمع ذكر كلمة حرمان الأطفال يتكرر للجميع فكرة ضعف الجسد للطفل ونحافته ، ورغم حقيقة هذه الصورة ، إلا أن الحرمان من حيث أنواعه قد يشمل أشكالاً ومظاهر أخرى يعاني منها الأطفال حتى في أغنى البلدان والمجتمعات. ومن ثم ، كان من الضروري تحديد معنى حرمان الأطفال ، وأشكاله وآثاره ، وكيف ينبغي التعامل معه .

لا تأتي ظروف الحياة دائمًا كما هو متوقع ومطلوب ، سواء للأطفال أو لعائلاتهم أو مجتمعاتهم ، وفي كثير من الحالات قد يكون لهذه الظروف تأثير سلبي على الرغبات والاحتياجات الأساسية للأطفال ، ومن ثم تسبب لهم نوعًا من الحرمان
ومن أحد هذه الحاجات ، هناك بعض العوامل التي تسبب حرمان الأطفال :

– انفصال الوالدين : هو أحد العوامل التي تؤثر على العديد من جوانب حرمان الطفل. بسبب انفصال الوالدين ، حيث سيُحرم الطفل أولاً من العيش في أسرة طبيعية ذات أطراف متكاملة وبنية أسرية ، بالإضافة إلى حرمانه من التثقيف الصحي الأُسري الذي يتطلب وجود الوالدين وقيامهم بدورهم المتكامل للأسرة ، وكذلك للطفل ، وعدم تلقي الاهتمام الكافي له بسبب ما يحدث عادة بينهم وهو إلقاء المسؤوليات تجاه بعضهم البعض من قبل الوالدين المنفصلين عند انفصالهم .

– الحوادث والتشوهات الخلقية: قد يولد الطفل وهو يعاني من مرض معين أو تشوه في أحد جوانبه الجسدية ، أو قد يتعرض لحادث خلال حياته الطبيعية يسبب له هذا التشوه أو الإعاقة ، وبالتالي كل هذا سوف يؤدي إلى حرمانه من العيش بشكل طبيعي أسوة بأقرانه وافتقاره للصفات الجسدية التي تتواجد مع أي طفل عادي .

– الفقر والضعف الاقتصادي : وهو من أهم أشكال الحرمان المادي للطفل الذي يعيش في أسرة فقيرة أو ضعيفة اقتصادياً ، وهذا الحرمان سيؤثر على مختلف مجالات احتياجات الطفل ورغباته سواء أكانت تعليمية أم غذائية أم صحية ، أو البيئة السكنية ، كما ستؤثر على حياته اليومية مثل الملابس واللعب والحصول على ما يتمني .

– عدم كفاءة الوالدين : في بعض الأحيان لا يكون الوالدان نفسهما مؤهلين نفسياً أو اجتماعياً لإنجاب طفل وتربيته ، سواء بسبب صغر سنهم أو معاناة أحدهم من مرض معين أو جهلهم بكيفية رعاية الطفل واحتياجاته ، وهذا أيضًا سيؤدي إلى العديد من جوانب الحرمان العاطفي والمادي والتربوي وربما التعليمي للطفل .

– الأوضاع الاجتماعية والسياسية : قد تعاني بعض المجتمعات والدول من كوارث طبيعية وأزمات إنسانية حقيقية بسبب الظروف الطبيعية لتلك الدول ، أو قد تعاني من اضطرابات سياسية وإدارية تؤدي إلى الحروب والفساد الإداري ، مما يؤثر سلبًا على الوضع الاقتصادي المعيشي من شعوب تلك البلدان ، ويكون سبب الحرمان فيها خارج عن إرادة وقدرات الوالدين أو حتى المجتمع بأكمله لمواجهتها ، وتحتاج إلى جهود حكومية ودولية وعالمية متضافرة على نطاق واسع للتخفيف من تأثيرها .

ويوجد أيضا للحرمان أوجه وأشكال مختلفة :
فمفهوم الحرمان ، وخاصة النوع الذي نعني به الأطفال ، واسع جدًا في معناه والأشكال التي يتضمنها . فأي جانب من جوانب احتياجات الطفل الأساسية ، الجسدية والعاطفية والاجتماعية التي لا يستطيع الطفل الاستغناء عنها في حياته اليومية يمكن أن يعرضه لأي نوع من الحرمان بسبب تغير ظروف الحياة ، ومن أهم أشكال أو أنواع الحرمان :

الحرمان المادي
– الحرمان من الغذاء : يقصد به أن الطفل لا يحصل على الكمية المناسبة والكافية من العناصر الغذائية اللازمة لنموه السليم والحفاظ على صحته وطاقة جسمه .

– الحرمان من الملابس: تعتبر الملابس أيضًا من الاحتياجات الضرورية للطفل سواء في تأمين الدفء في الشتاء ، أو راحته وحرية الحركة أثناء ممارسة أنشطته اليومية ، بالإضافة إلى أهمية اللباس في الصورة التي يراها الآخرون عن الطفل ، والحرمان من الملابس المناسبة للطفل له آثار عديدة. تؤدي بالسلب عليه .

– الحرمان من اللعب والحركة : حيث يعتبر اللعب من أهم الأنشطة في نمو الطفل وتنشئته واكتساب المعرفة والخبرات والعلاقات الاجتماعية ، بالإضافة إلى استمتاعه وتفريغ طاقته ، وحرمانه من اللعب لأسباب عديدة ، يؤدي إلى عيوب كثيرة على تربيته وشخصيته .

– الحرمان من التعليم : التعليم حق لجميع الأطفال ومن واجبنا تأمينه لهم على أفضل المستويات الممكنة. إن حرمان الطفل من هذا الحق سيكون له أثر سلبي على مختلف مراحل حياته ومستقبله .

– الحرمان الاجتماعي والعاطفي
اليتم : لأسباب خاصة قد يحرم الطفل في كثير من الأحيان من أحد والديه أو كليهما ، وهذا يعتبر من أسوأ أشكال الحرمان.

وجود إعاقة جسدية : مرض الطفل أو إعاقته الجسدية نتيجة ظرف أو حادث ، أو ولادته ببعض التشوهات والإعاقات تحرمه من الحياة الطبيعية مثل أقرانه ، وهذا يؤدي إلى عدم قدرته على القيام بالكثير . من أفعال أو حركات بسيطة ، وإحساسه بهذه الإعاقة له آثار سلبية كثيرة على شخصيته.

الولد مجهول النسب : الطفل الذي تربى دون أن يكون له أبوين معروفين ، وهذا الطفل يعاني الكثير خلال حياته سواء من تعامل معه أو قبوله ، وكل هذا لسبب ليس ذنبه ، و يعاني هذا الطفل من العديد من أشكال الحرمان المادي والعاطفي والاجتماعي .

قد يهمك ايضاً:

أحمد سلام يكتب ذكري مذبحة بحر البقر

رئيس جامعة قناة السويس يُكلف عبد الناصر عبد الجليل مديرًا…

** آثار حرمان الأطفال
إن الاحتياجات والرغبات والضرورات المتوفرة للطفل خلال المراحل الأولى من نموه ستنعكس بشكل طبيعي سلبًا أو إيجابيًا على طبيعته النفسية وشخصيته والتعليم الذي يتلقاه على جميع المستويات ، وبالتالي فإن حرمانه من هذه الاحتياجات سيكون واضحًا الآثار المترتبة عليه سواء بشكل مباشر أو بعيد على مستوى شخصيته البناءة ، وتشمل هذه الآثار : الشعور بالدونية وانعدام الثقة بالنفس: حيث يشعر الطفل بأي نوع من الحرمان والضعف ، خاصة الأشياء البسيطة التي يراها من أبسط حقوقه والمتاحة للأطفال الآخرين ، سوف ينمو لديه شعور بأنه أقل منهم ولا يستحق ما يستحقه وبالتالي يفقد ثقته بنفسه وحبه لذاته.

– الشعور بالغيرة والحسد : يحدث هذا عندما يلاحظ الطفل أن كل ما هو محروم منه متاح ببساطة للأطفال الآخرين في محيطه ، سواء من أقاربه أو زملائه في المدرسة أو حتى أصدقائه المقربين ، وهذا ما يُطور فيه الشعور بالغيرة منهم ومن كل من يملك ما لا يملك.

– تعلم السرقة والسلوك السيئ : حتى يعوض الطفل ما حرم من الأشياء المادية ، قد يلجأ إلى السرقة في بعض الحالات للحصول على ما يريد ، مثل السرقة من أقاربه لشراء بعض الأطعمة المحرومة ، أو قد يسرق من زملائه أغراضهم وألعابهم لإشباع رغباته.

– تعلم مواجهة ظروف الحياة : يعتبر من المشاعر الإيجابية للحرمان إذا كان هذا الحرمان على مستوى بسيط وثانوي في موضوعه. يتعلم الطفل أنه ليس كل ما يريده متاحًا ببساطة ، ولكنه يحتاج إلى النضال من أجل الحصول عليه ، وبالتالي يتعلم كيفية الحفاظ على ممتلكاته والدفاع عما لديه .

– الإصابة بالأمراض :
في الحالات التي يحرم فيها الطفل من مقومات الحياة الأساسية مثل اللعب والراحة والرعاية الصحية واللباس الجيد والحركة ، فقد يعاني الطفل من العديد من الأمراض أو مشاكل النمو بسبب هذه المشكلات ، مثل ضعف الجسم والمناعة. وكذلك الأمراض النفسية والعقلية التي قد تكون نتيجة مباشرة للحرمان في الطفولة.

– التراجع في التعليم : المقصود هنا هو التعليم من حيث الخبرات التي يمر بها الطفل أثناء اللعب وتكوين الصداقات والعلاقات ، أو التعليم بمفهومه المدرسي والأكاديمي. غالبًا ما ينخفض ​​المستوى التعليمي للطفل.

العزلة في حالة الحرمان الاجتماعي : عن الأصدقاء والزيارات بسبب ظروف أسرية أو عائلية أو مشاكل .

-السلوكيات العدوانية: فالطفل الذي يشعر بالحرمان من أي شيء مادي أو عاطفي أو اجتماعي ، يشعر دائمًا بعدم الثقة بالآخرين وعليه أن يدافع عن نفسه بكل الطرق ، وهذا ما يطوره في السلوكيات العدوانية بالإضافة إلى توتره وغضبه نتيجة شعوره بالظلم .

** خطوات لتقليل شعور الطفل بالحرمان

ففي معظم الحالات ، قد لا يتمكن الآباء من مواجهة وضع طفلهم المحروم بمفردهم دون دعم ، خاصة في الحالات التي تكون فيها ظروف وأسباب الحرمان فوق قدراتهم وإمكانياتهم لذلك فيجب التعاون وتوحيد الجهود الإجتماعية والمؤسسية للدعم والتقليل من حالات الحرمان لدى الأطفال:

* دور الوالدين

تقييم الموقف قبل الإنجاب: يجب على الآباء الذين هم على وشك إنجاب طفل أن يخططوا ويقيموا ظروفهم المادية واستقرارهم الاجتماعي والعاطفي قبل اتخاذ هذه الخطوة ، من أجل تأمين أفضل الظروف التعليمية والمعيشية للطفل قبل إنجابه.

– تعليم الطفل قيم الرضا والصبر :
فهذه القيم تخفف من مشاعر الاكتئاب والحزن التي تصاحب حالة حرمان الطفل من أي شيء ، وعندما يتعلم الرضا والصبر يمكن أن يرضي واقع الحال وتوقع الأفضل في المستقبل والعمل الجاد لتحسين وضعه.
– زيادة ثقة الطفل بنفسه:
إن حالة الحرمان كما ذكرنا سابقاً تضعف ثقة الطفل بنفسه وحبه لذاته ، وهذه القضية بدورها لها العديد من السلبيات على شخصيته وتوازنه النفسي ، ويجب تقوية ثقته بنفسه من أجل للتخفيف من آثار مشاعر الحرمان عليه.

* دور المؤسسات

– برامج دعم الأسرة والطفل : هذه هي مسؤوليات المؤسسات الحكومية أو الدولية أو حتى المدنية والمحلية ، من خلال تأمين العمل للوالدين العاطلين عن العمل ، على سبيل المثال ، أو برامج الرعاية الصحية أو تأمين الاحتياجات الغذائية.
– دور المدرسة : يأتي دور المدرسة في الأمور التربوية ، حيث قد لا يستفيد بعض الأطفال من الدروس المدرسية نتيجة ضغوط الحياة المختلفة. توفير الكتب المدرسية مجانا.

* وأخيرًا
ليس هناك ما هو أسوأ من رؤية أطفالنا محرومين من حقوقهم واحتياجاتهم الأساسية كأطفال لا ذنب لهم في الظروف أو الأسباب التي أدت إلى هذا الحرمان مهما كانت ، لذلك فهي من أهم واجباتنا تجاههم سواء كآباء أو مجتمعات أو حتى مؤسسات حكومية أو خيرية أو مدنية أو دولية . فلنفعل ما في وسعنا لمواجهة حرمان الأطفال من جميع جوانبه وتقليل حدته وتقليل آثاره ، ولهذا كان اهتمامي بهذا المقال هو مفهوم حرمان الأطفال من حيث المعنى والظروف المسببة بالإضافة إلى النتائج والآثار وأفضل الخطوات للمواجهة.