بقلم: محمد حسن حمادة
“بين الجامعين”. هكذا كنا نطلق على الممر الواقع بين جامعي الرفاعي والسلطان حسن، في طفولتي كنت أفرد ذراعي لتيار الهواء البارد في الصيف فأشعر أن لي أجنحة تعانق السماء، وأحلق في رحلة روحانية عبر الزمن، لأرسم أجمل بورتريه يروي أمجاد الأجداد، الذين شيدوا هذه المعجزة الإسلامية المعمارية، منقوش على أجمل أحجار سطرها التاريخ، هنا يجتمع الجمال المعماري مع روحانيات غريبة تتلبس الإنسان فور دخوله المكان، هكذا حالنا عندما نكون في حضرة الكبار، نشعر بالمهابة والوقار، فالصمت في حضرة الجمال جمال، هنا أجمل الذكريات، ذكريات بطعم التاريخ، هنا كانت جائزتنا الكبرى، هنا كنا نلهو مع أصدقاء العمر، هنا يسكن الفؤاد، آه لو أستطيع شراء الليالي القديمة حتى أسترجع أيام وليالي رمضان في هذا المكان، عندما كنا نفترش الثرى لنفطر على تكبيرات مآذن الشيخ وقباب السلطان ونصلي التراويح فنعانق الثريا، ونتأمل في عمارة الإيوان، ونغوص في دهاليز الزخارف والنقوش والكتابات وبعقلية الأطفال نعد المشكاوات، ياإلهي كم اشتقت لفرحة العيدين في رحاب هذا المكان!. آه لو التقيت تلك العرافة التي قرأت طالعي ذات يوم وأقنعتني بأنني أستطيع كتابة مقال عن حوارات السلطان حسن والشيخ الرفاعي، فمن ذا الذي يستطيع أن يدون في حضرة السلطان!. وأن لمثلي أن يصف هذا البنيان!. حنانيكَ أيها العمر توقف هنا لتسجيل أجمل اللحظات، ولكن للأسف لكل حكاية نهاية، ولزاما علي مغادرة المكان، لكن مازال قلبي معلقا بالشيخ والسلطان، وقبل الاستئذان بالانصراف شاهدت مجموعة من المؤرخين يتقدمهم المقريزي يُصغون بإجلال يدونون مناقشات الخليفة والباشا والجدة خوشيار هانم والخديوي والشاه لفك لغز السلطان حسن الذي خرج ولم يعد؟!.
التعليقات مغلقة.