مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

تقديرات إسرائيل تحسم ملف مفاوضات وقف الحرب فى غزة

 

 

قد يهمك ايضاً:

المملكة تحقق المركز الـ14 عالمياً والأولى عربياً في المؤشر…

المؤتمر العالمي للمرافق 2024 يختتم أعماله في أبوظبي

السنوار ونتنياهو فى معادلة الواقع الإقليمى المتوتر الصمود المصرى أجبر واشنطن وتل أبيب على التراجع عن أبعاد مشروع خطير البيت الأبيض يدرك رغبة إسرائيل فى قتال الإيرانيين حتى آخر جندى أمريكي أسباب اتساع مجال المناورة الحمساوية فى إبرام اتفاق وقف إطلاق النار

«ترغب إسرائيل فى قتال الإيرانيين حتى آخر جندى أمريكي»، جاءت هذه العبارة على لسان الرئيس الأمريكى السابق، مرشح الرئاسة الحالى دونالد ترامب بعد خسارته فى الانتخابات السابقة وفوز الرئيس الحالى جو بايدن، لكن الواقع على الجبهتين الإيرانية والغزاوية فى الوقت الراهن وعلاقته بإسرائيل التى يقودها رئيس الوزراء نفسه بنيامين نتنياهو، ضاعف الحمل الأمريكي، وأجبر واشنطن على تسديد فاتورة أعلى تكلفة من سابقتها؛ فرئيس حكومة «الليكود» بعد «طوفان الأقصى» فى 7 أكتوبر الماضي، لا يرى نفسه رئيسًا لوزراء إسرائيل فقط، وإنما «منقذًا للغرب والشعب والتاريخ اليهودى من العدو الإسلامي»، حسب تعبير الكاتب الإسرائيلى ناحوم بارنيع.

أما يحى السنوار وبعد انتخابه رئيسًا لهيئة المكتب السياسى لحماس، فلا يعتبر نفسه مسؤولًا عن سكان القطاع فقط، وإنما يتعاطى مع الواقع المأزوم على أنه «صلاح الدين الجديد»، الموكل إليه وليس غيره إحراز النصر للعرب والمسلمين فى أنحاء المعمورة؛ لذلك لا يتعاطى السنوار مع المعطيات الجديدة بمحدودية القطاع، وإنما ينفتح فى استراتيجيته على تطورات إقليمية، فرضها اغتيال إسماعيل هنية فى طهران، وتصفية رئيس أركان «حزب الله» فؤاد شكر فى لبنان؛ فالفعل ورد الفعل فى هذه التطورات قد يسمح بفتح ما يُعرف بفتح نيران الجبهات المتصلة على إسرائيل، ويلهى الأخيرة فى انشغال بجبهتها الشمالية، ما يسمح باتساع دائرة المناورة الحمساوية ضد إسرائيل من داخل القطاع وربما من الضفة الغربية أيضًا.

ووسط السنوار ونتنياهو، وإليهما يضاف بفعل الواقع إيران ومليشيات موالية لها فى سوريا والعراق واليمن، لا ترغب واشنطن فى الانجرار لحرب إقليمية شاملة، فالنوايا الأمريكية على «رقعة الشطرنج»، هدفت من البداية أمريكيًا وإسرائيليًا إلى تركيع حماس، وتهجير سكان القطاع لإعادة احتلاله، وكان من المستحيل الوصول إلى الهدف إلا بتأزيم الوضع فى قطاع غزة، لكن الصمود المصرى أمام المشروع بأبعاده الإقليمية، أجبر واشنطن وتل أبيب على التراجع، ونقل رحى الصراع الإقليمى إلى إيران ووكلائها.

الإنجرار للحرب

فى إطار هذا الواقع، أعادت واشنطن إلى الذاكرة عبارة ترامب: «إسرائيل ترغب فى قتال الإيرانيين حتى آخر جندى أمريكي»، وعمدت إلى نزع فتيل الأزمة عبر اتصالات مارثونية مع طهران، حذرتها خلالها من التجاوب مع استفزازات إسرائيل، والانجرار إلى حرب شاملة يريدها نتنياهو، لاسيما بعد اعترافه برغبته خلال لقاء مع أعضاء اللوبى اليهودى الموالى لإسرائيل فى الولايات المتحدة «إيباك»؛ فبعد كلمته الأخيرة فى الكونجرس الأمريكي، دعا نتنياهو إلى «حتمية اندلاع حرب إقليمية تجبر جميع القوى الإقليمية فى نهاية المطاف على الجلوس حول طاولة المفاوضات، والاعتراف بإسرائيل، بالإضافة إلى انضمام دول عربية جديدة إلى طابور التطبيع مع الدولة العبرية».

لذلك لا يكترث رئيس الوزراء الإسرائيلى بالجهود المبذولة لنزع فتيل الأزمة فى قطاع غزة، ولا تصل إلى آذانه أصوات المحتجين فى الشوارع والميادين الإسرائيلية، للمطالبة بوقف رحى الحرب الدائرة فى القطاع وإعادة المحتجزين الإسرائيليين لدى حركة حماس.

ويرى الكاتب الإسرائيلى نيداف إيال أن «موقف بنيامين نتنياهو لا يزال غير واضح»؛ فبينما نقل الوسطاء خلال الآونة الأخيرة رسائل مباشرة إلى تل أبيب تؤكد رغبة السنوار فى إبرام صفقة، لم يرد نتنياهو على الرسائل، وعزا المراقبون ذلك إلى إدراك نتنياهو أن السقوط يصبح مصيرًا محتومًا على حكومته إذا جرى إبرام الصفقة؛ وتفاديًا للخلاص من هذا الموقف، يرى نتنياهو أن «إبرام الصفقة لا يستدعى نهاية القتال فى القطاع»، بالإضافة إلى طرح صياغات غامضة تحجب الآلية التى ينبغى تحديدها لاحقًا فى القطاع.

 دوامة التورط

ونقلت شبكة «CNN» عن مصدر إسرائيلى رفض الكشف عن هويته قوله: «لا يعرف أحد ماذا يريد بيبى (نتنياهو)»، فالأخير لا يكترث بضغوطات الولايات المتحدة الرامية إلى ضرورة وقف إطلاق النار فى قطاع غزة، للخلاص من دوامة تورطها الإقليمي. أما الكاتب الإسرائيلى ناحوم بارنيع، فيرى أن نتنياهو هو «كبير الروافض»، لاسيما فى ظل قراره رفض أى تقدم على المسار الغزاوي؛ وأضاف: «نتنياهو لم يعد يحارب من أجل آرائه، وإنما يتمسك بها وفقط، فلم يعد هناك حوار كما كان فى السابق بين المستويين السياسى والعسكرى فى تل أبيب»؛ ويشهد على ذلك مصدر مقرب من نتنياهو، إذ يقول: «بى بى تغيَّر ولم يعد يستمع إلى أحد، إنه مقتنع بالمسار الذى اختاره، وهو مصمم على أخذ دولة إسرائيل معه».

ويعزو مراقبون فى تل أبيب معارضة نتنياهو لصفقة إطلاق سراح المختطفين إلى اعتبارات تتعلق بالمصالح السياسية، إذ يتخوَّف من تفكيك ائتلافه على أيدى وزير الأمن القومى المتطرف إيتمار بن جافير، أو نظيره وزير المالية الأكثر تطرفًا بيتسلئيل سيموتريتش، لكنه لا يفطن فى ظل الواقع الإقليمى المأزوم إلى أنه بات أداة لتنفيذ مهمة وليس خطة، سواء للأفضل أو للأسوء، ولا يعى أن إسرائيل لا تستطيع بدون الولايات المتحدة القيام بعملية إقليمية، لاسيما أن واشنطن ودون مواربة «استسلمت عمليًا لحقيقة أن إيران أضحت دولة على عتبة السلاح النووي». ولسنوات عديدة، اشتبه الأمريكيون (ويبدو ذلك واضحًا من عبارة ترامب) فى أن نتنياهو يريد جرهم إلى حرب مع إيران؛ ويمكن القول بأن موقف رفض التورط فى حرب مع إيران يشترك فيه بايدن وترامب وربما هاريس أيضًا.

 المستفيد الأول

ولا تتوقف تقديرات الموقف الإسرائيلية المناوئة لسياسة نتنياهو، ويرى أغلبها أن يحى السنوار الذى رفض نتنياهو فى السابق اعتماد خطة اغتياله، هو المستفيد الأول من تشتيت الانتباه الإسرائيلى عبر اندلاع حرب شاملة، ولعل ذلك هو ما منحه ورجاله نفسًا طويلًا نسبيًا للمناورة فى مفاوضات وقف إطلاق النار، وإبرام صفقة تبادل الأسرى مع إسرائيل. وحسب تحليل لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، تنامت روح المناورة لدى السنوار لعدة أسباب، أولها: إرجاء حسم الموقف فى قطاع غزة مع إسرائيل لحين قراءة موقف إيران و«حزب الله» وربما جبهات إقليمية أخرى من الرد على اغتيال اسماعيل هنية وفؤاد شكر.

ثانيًا: يعتمد السنوار استراتيجية تصدير فكرة الولاء لإيران و«حزب الله»، ومن غير المستبعد استغلال فرصة تصعيد إقليمى لإعادة تهديد إسرائيل من القطاع والضفة الغربية. ثالثًا: اعتمادًا على توترات الواقع الإقليمي، يطمح السنوار إلى فرض مواقف تكتيكية على الأرض بهدف تحقيق إنجازات فى مفاوضات الصفقة واتفاق محتمل لوقف إطلاق النار. وبعيدًا عن الأسباب الثلاثة، وفقًا للتحليلات الإسرائيلية «يرى السنوار فى التوترات الإقليمية الجارية فرصة لتقارب الساحات القتالية، ولعل ذلك هو ما كان يحلم به منذ بداية الحرب».

ربما خرجت تلك التحليلات من رحم الموقف الإسرائيلى الجديد، الذى أبدت فيه دوائر مقربة من نتنياهو تراجعًا ملحوظًا، وأشارت إلى «وجود فرصة نادرة وفريدة من نوعها للتوصل إلى اتفاق، وأن هذه الفرصة الزمنية الحاسمة قد تقود إلى نتيجة مرجوة لكافة الأطراف. هناك حافز كبير لدى الوسطاء للتوصل إلى اتفاق، فضلًا عن التزام هائل من الجانبين (حماس وإسرائيل) للاستفادة من الزخم الذى يمكن أن يؤدى إلى وقف إطلاق النار وإطلاق سراح المختطفين. وإذا ضاعت هذه الفرصة، فإن ذلك سيغلق الباب أمام اتفاق آخر فى إطار زمنى واقعي».

رغم ذلك، نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مصدر إسرائيلى قوله: لا تخطئوا. قواعد كامل اللعبة بين شخصين لا ثالث لهما: السنوار ونتنياهو؛ فكلا الرجلين لا يكترثان بأى طرف بما فى ذلك الولايات المتحدة، فإذا كان الأول ينتظر الرد الإيرانى أو على الأقل رد «حزب الله» لتشتيت الانتباه الإسرائيلى بعيدًا عن قطاع غزة، وبالتالى يحقق استفادة من الحرب الشاملة؛ فالثانى لا يمتلك خطة أو حتى رؤية فى الأفق، ويحفز الدوائر الإقليمية والدولية على حتمية انتهاز فرصة تركيع إيران فى الوقت الراهن، ما يشى بأنه إذا تعرضت إسرائيل لعملية تضاهى ما حدث قبل أسابيع فى «مجدل شمس» بالجولان المحتل، أو غيرها فى تل أبيب أو حيفا، فعندئذ سيكون من الصعب وقف تصعيد الموقف إلى حرب شاملة.

التعليقات مغلقة.