مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

تفاصيل بدء الكلام عن وقف إطلاق النار في لبنان وغزّة: ما خلاصة المشهد؟

 

 

في حمأة الحرب الدائرة والمجازر المروّعة في لبنان ربّما لم يلتفت كثير من المتابعين لطبيعة زيارة الموفد الفرنسي إلى لبنان في ذروة اشتداد القصف والمجازر. فقد كان واضحا أنّ الرجل لم يأت في مسعى لدى صاحب القرار العسكري في لبنان -وهو حزب إيران- لدفعه باتجاه وقف إطلاق النار وحسب، وإنّما التقى بمختلف القيادات اللبنانية المعنيّة بانتخاب رئيس للجمهورية، وفي مقدّمتها مَن يمثّل أكبر الكتل في البرلمان، برّي وجعجع وجنبلاط وغيرهم، كما التقى أيضا بسفراء دول اللجنة الخماسية المعنيّة بمتابعة ملفّ انتخاب رئيس للجمهورية، لدرجة أنّ السفير المصري قطع إجازته وعاد إلى لبنان. وكان الموفد الفرنسي صريحا وواضحا بأنّها الفرصة المناسبة لانتخاب رئيس للبنان، وكان الكلام واضحا عن مرشّح الخيار الثالث، أي التوافقي كما يسمّى. وقد غادر لبنان وهو يحمل انطباعا بتجاوب الأطراف اللبنانية مع مسعاه. وتزامن هذا كلّه مع تصريح لبرّي بالأمل بالتوصّل إلى وقف لإطلاق النار.

هذا كلّه يعني بكلّ وضوح أنّ فرنسا التي كانت شريكة مع أمريكا في البيان الداعي إلى وقف إطلاق النار كُلفت بإرسال موفدها إلى لبنان ليبلّغ حزب إيران عبر وسيطه برّي بأنّ وقف الحرب عليه وعلى مناطق طائفته مشروط بالتنازل عن مرشّحها الوحيد فرنجية والرضا بانتخاب المرشّح التوافقي الذي تسمّيه أمريكا.
وهكذا فإنّه في حال نجح مسعى أمريكا لوقف إطلاق النار فإنّها بهذه الضربة القاسية التي شدخت نافوخ حزب إيران، بدءًا بتفجير الآلاف من عناصره وتصفية كبار قادته العسكريين ووصولا إلى إعطاء الضوء الأخضر لكـ.ـيان الا.حتـ.ـلا.ل بالعملية التدميرية الواسعة المترافقة مع المجازر المريعة تكون قد حقّقت جملة من الأهداف مجتمعة:

 

قد يهمك ايضاً:

نتنياهو : لا يوجد مكان في إيران لا يمكن للذراع الطويلة…

المملكة تفوز بالإجماع في انتخابات رئاسة شبكة غلوب إي (globe…

١. أقنعت نـ.ـتنيا.هو بوقف الحرب على غزّة مقابل جائزة قدّمتها له في لبنان، وهي تحطيم قدر كبير جدّا من قوّة حزب إيران العسكرية وإظهاره أمام شعبه بصورة البطل المنتصر. وهذا واضح في التصريحات الأمريكية عن ربط وقف إطلاق النار في كلا الساحتين غزّة ولبنان معا. وفي المقابل فإنّ ربط وقف إطلاق النار في لبنان بوقف إطلاق النار في غزّة سيكون مخرجا يعين حزب إيران على القبول بوقف القتال وفق شروطها والعودة إلى التزام القرار ١٧٠١، إذ يحفظ شيئا من ماء وجهه بأنه قبِل بوقف إطلاق النار مقابل إنهاء الحرب على غزّة. والواقع أنّ وقف إطلاق النار سيكون لصالح الكيان، لأنّ ربطه بالعودة إلى التزام القرار ١٧٠١ هو في حقيقته شرطه هو.

 

٢. حجّمت قوّةَ حزب إيران العسكرية، ما يعني إضعاف موقفه السياسي وكسر عنجهيّته، الأمر الذي يدفع مشروعها في لبنان قُدمًا، إذ إنّ من مرتكزات مشروعها في لبنان، بل في المنطقة كلّها، توازن القوى المحلّية والإقليمية، بينما كان الحزب حتّى واقعة أجهزة الباجر وتصفية كبار قادته العسكريين يشعر بفائض قوّة يعطيه هامشًا واسعًا من المناورة. فكانت الدفعة العاجلة التي قبضتها أميركا بكسر عنفوان الحزب والضغط عليه من خلال المجازر والتدمير إذعانه لانتخاب الرئيس الذي ستسمّيه هي قريبا. وقد تكشف الأيّام المقبلة عن فرضها ما هو أكثر من انتخاب مرشّحها لرئاسة الجمهورية، كتسميتها لرئيس الحكومة المقبل مثلا. وهذا كلّه يأتي في سياق تحديد أمريكا لدور حزب إيران السياسي الداخلي في المرحلة المقبلة، لا في سياق إنهاء دوره والقضاء عليه كما يخيّل للبعض، فالحزب يبقى له دور في الصيغة الأمريكية المقبلة للبنان والمنطقة عموما.

 

٣. وممّا حقّقته أمريكا أيضا بهذه العملية كسر أقوى أجنحة إيران في الإقليم، ما يضيّق هامش المناورة لديها في المفاوضات المستمرّة بينهما. وقد أدركت إيران هذا بوضوح، بل بدت في مواقفها الذليلة أثناء إرغام حزبها في لبنان وكسر شوكته مستعدّة لتحمّل هذه الخسارة، لأنّ البديل قد يكون توريطها في حرب إقليمية تضطّر فيها إدارة بايدن إلى مساندة كـ.ـيا.ن يـ.ـهو.د، فضلا عن ارتقابها للجوائز التي ستقدّمها لها الإدارة الأمريكية، وعلى رأسها إحياء الاتّفاق النووي. بل أبعد من ذلك تعاملت إيران مع الأحداث الجارية على خلفية أنّها معنيّة بدعم الحزب الديمقراطي في حملته الانتخابية خشية وصول ترامب إلى البيت الأبيض. فكانت إيران بحكم المتواطئة مع أمريكا على حزبها اللبناني من أجل مصالحها الخاصّة.

 والجدير بالذكر  أن هذا كلّه متوقّف الآن على مضيّ نتنياهو في قرار أمريكا وقف إطلاق النار. وهذا ما يترقّبه الجميع في هذه اللحظة.

التعليقات مغلقة.