بقلم – دكتور محمد عسكر :
مستشار التكنولوجيا وخبير أمن المعلومات
لقد أحدثت شبكه الإنترنت وأجهزه الكمبيوتر والهواتف المحموله وغيرها من أشكال التكنولوجيا المختلفه ثوره فى كل جانب من جوانب الحياه البشريه على مدى العقود الماضيه، بما فى ذلك طرق التواصل، وإجراء المعاملات المصرفيه عبر الأنترنت، والتسوق عبر المواقع المختلفه، وقد خلقت هذه التطورات أيضا فرصاً لا تعد ولا تحصى لإرتكاب أشكال مختلفه من الجرائم السيبرانيه لا سميا في الوقت الراهن الذي يشهد تزايدًا ملحوظا لمختلف الأعمال التي يقوم بها الأفراد عبر التطبيقات الإلكترونية المختلفه والتي تستخدم شبكه الإنترنت، وهذا يؤكد علي أهمية الأمن السيبراني لهذه الأنظمه وذلك للحفاظ علي أمن وسلامة الوطن والمواطنين. لقد أصبح الأمن السيبراني أكثر أهمية من أي وقت مضى في ظل التطور الرقمي الذي نعيشه، وقد تزايدت أهمية الأمن السيبراني في السنوات الأخيرة وذلك بسبب تزايد اعتمادنا على الأنظمة الرقميه من أجهزة الكمبيوتر وأجهزة الهواتف المحمولة في جميع جوانب حياتنا ومعاملاتنا. ومع تزايد إستخدامنا لشبكه الإنترنت، أصبحت هذه الأنظمة عرضة للهجمات السيبرانيه والإختراق من قبل قراصنة يهدفون إلى سرقة البيانات أو تعطيل الخدمات أو إلحاق الضرر بالبنية التحتية للشركات وبخاصه المؤسسات الماليه والبنوك مما يلحق الضرر بالمجتمع ككل
يعتبر مفهوم الأمن السيبرانى من المفاهيم الحديثه نسبيا، حيث إرتبط ظهوره بالثوره التكنولوجيه وما تبعها من تحولات رقميه فى مختلف القطاعات والمؤسسات الحكوميه والخاصه على حد سواء. ومع تزايد الإعتماد على التكنولوجيا فى كل شئ أصبح الأمن السيبرانى أحد أكبر التحديات التى تواجهها المؤسسات فى الوقت الراهن. ويعرف الأمن السيبراني بأنه أمن الشبكات والأنظمه المعلوماتيه، وأى بيانات تتعلق بالأجهزه المتصله بالأنترنت، وعليه فهو المجال الذى يتعلق بإجراءات ومقاييس ومعايير الحمايه المفروض إتخاذها أو الإلتزام بها لمواجهه التهديدات المحتمله بإستخدام البرامج والتقنيات التي تهدف إلى حماية هذه الشبكات والمعلومات والأنظمه من أجهزة الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر والخوادم للشركات والمؤسسات والأفراد من أى نوع من أنواع الإختراقات أو الهجمات الإلكترونية الضارة ومنع الغزو الإلكتروني الذي يهدد بالسيطرة على هذه الأنظمة أوالتلاعب بالبيانات الحساسة المخزنه عليها. ويظهر مفهوم الأمن السيبراني كرد فعل ضروري على تزايد ظاهرة القرصنه الإلكترونيه، وتستمر أهمية الأمن السيبراني في النمو يوما بعد يوم مع تزايد أعداد المستخدمين للأنظمه الإلكترونيه والأجهزة والبرامج الحديثة المتصله بشبكه الأنترنت، بالإضافة إلى الطوفان المتزايد من البيانات التي يعتبر الكثير منها حساسًا أو سريًا. كما أن تزايد حجم وتطور طرق الإختراقات والهجمات الإلكترونيه وكذلك تقنيات الهجوم يؤدي إلى تفاقم المشكلة بشكل أكبر من أي وقت مضى، لذا يلعب الأمن السيبراني وبرامج الدفاع الإلكتروني دورا لا غنى عنه في حماية الأشخاص والمؤسسات بل وإقتصاديات الدول
لقد فوجئنا في مصر خلال الأيام القليلة الماضية بأخبارعديده متداولة عن هجمات سيبرانية “قرصنة إلكترونية” تضرب مؤسسات ومنشأت مصريه حيويه ، أولاها كان ضد واحدة من أهم شركات المدفوعات المصرية وهى شركة “فوري” لحلول الدفع الإلكتروني والخدمات التمويلية الرقمية في مصرما أصاب عملاء الشركة بحاله من الفزع خاصه بعد تعطل أحد تطبيقاتها بشكل موقت، نتيجة مزاعم انتشرت حول اختراق بيانات الشركة، والتي تم استهدافها ببرمجيات الفدية الخبيثة وفقًا لما تم إعلانه، والثانية ضد التطبيق الإلكتروني الخاص بمطار القاهرة الدولي والذى أعلنت مجموعة هاكرز تُعرف نفسها بإسم “أنونيموس كولكتيف” تبنيها لهذا الهجوم. الجهات الرسمية المصرية إكتفت بتأكيد أن الهجوم السيبراني “نفذ من خارج الحدود المصرية”، مؤكدة أنها تتبع مصدره لكشف الجهة المسؤولة عنه مع التشديد على أن الهجوم “لم يستهدف أى بيانات” وهو ما يفرض تساؤلات عده متعلقة بقدرة الأنظمة الدفاعية التي تمتلكها الهيئات والمؤسسات المصريه على حماية البيانات والمعلومات الحساسة من مرمى الهجمات السيبرانية وما إذا كانت تفتقد لأنظمة حمايه فائقة تمكنها من تحديد هوية القائم بتلك الهجمات السيبرانية، أم أن الأنظمه القائمه تقتصر وظيفتها على رصد الهجمات والتصدي لها فقط. وبغض النظر عن مدى الضرر أو التأثير الذي حدث نتيجة هذه الهجمات، فإن ما حدث يمثل ناقوس خطر ويدق جرس إنذارحول مدى جاهزية بيئة العمل في المؤسسات المصرية سواء الخاصة أو الحكومية لصد مثل هذه الهجمات، وأيضًا يلفت النظر إلى أهمية قيام الجهات المعنيه بدورها الرقابي والتنفيذي نظرًا لحساسية البنية التحتية المعلوماتية في الحكومة المصرية
إن الهجمات السيبرانية المتتالية التي تحدث في توقيتات متزامنة “ليست مصادفة” فالمخترقين لهم أهدافاً متنوعة من بينها تحقيق الشهرة والربح أوالاستفادة السياسية، حيث يجد الهاكرز في أوقات الأزمات والحروب بيئة خصبة لاستهداف نطاقات ذات بنية تحتية حرجة في دول عدة، تدفعهم إلى تنفيذ عمليات واسعة. ومن المتوقع أن تزداد وتيرة الهجمات السيبرانية خلال الفترة المقبلة بـ”تكتيكات مختلفة”، لنظرا لما يمر به العالم من حروب وظروف إستثنائية “تشجع مجموعات الهاكرز على تكثيف هجماتها، ومنطقة الشرق الأوسط بلا شك أصبحت هدفاً رئيساً لتلك الهجمات فى الفتره الحاليه. وإدراكاً منا لخطورة هذه التهديدات، فإننا نؤكد على ضروره إتخاذ كافه التدابيرالإحترازية والإجراءات الإستباقية لمواجهة تلك الحوادث والتنبؤ بها قبل وقوعها لمجابه هذه المخاطر نظرًا لأضرارها بالغة الخطورة والتى تمس بالأمن القومى المصرى. كما أننا نهيب بالدولة المصرية أن تولى إهتماماً بالغاً بمجال الأمن السيبرانى وأن تسارع بإتخاذ العديد من التدابير والإجراءات لتنظيم الفضاء الإلكتروني وحماية البيانات وذلك على المستويات كافة حتى تصبح قادرة على التصدي للتحديات والمخاطر العالمية الناجمة عن التهديدات السيبرانية، على النحو الذي يدعم جهود الدولة في عمليه التحول الرقمى وبناء مصر الرقمية من خلالها رقمنة الخدمات الحكومية وتبني المعاملات الرقمية وهو ما يتطلب رفع جاهزية مختلف الهيئات والمؤسسات لمواجهة أي تهديدات محتملة. كنا ندعو إلى مواكبة أحدث الأليات والإطلاع على أفضل الممارسات والتجارب الدولية في مجال الأمن السيبراني والعمل على زيادة قدراتنا الفنية بشكل مستمر لحماية القطاعات الحيوية فى الدوله مثل الطيران والموانئ والبترول والاتصالات وغيرها
و بناءً على ما سبق فإننا نطالب بتفعيل دور المجلس الأعلى للأمن السيبراني والعمل على تنميه الكوادر البشريه المدربه فى كافه الهيئات والمؤسسات لمواجهة أخطار الهجمات الإلكترونية المحتمله، وتبنى إستراتيجيه وقائيه لحمايه المؤسسات الحيويه من عمليات القرصنة الإلكترونية، كما نشدد في الوقت ذاته على أهمية تدشين “خطة إدارة كوارث” أو إدارة أزمه” ورفع درجات الاستعداد لمواجهه أى تحديات محتمله قد تنال من مقدرات الوطن
التعليقات مغلقة.