مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

ترامب والأزمات المحتملة

بقلم دكتور – هشام فخر الدين:

لاشك أن كل من يتولى رئاسة الولايات الأمريكية أياً كان توجهه، يعمل من خلال أجندة ثابتة وتنفيذ مخططات موضوعة مسبقاً لدعم الأمن القومى الأمريكى وحماية نفوذها فى شتى دول العالم، عبر إشعال الحروب والأزمات، وتقديم الدعم الكامل للمحتل الصهيونى باعتباره الإبنة المدللة والذراع الطولى لها فى المنطقة.

فالوجه المستتر للولايات المتحدة الأمريكية قد ظهر بجلاء عبر سياسة دعم ومساندة المحتل الصهيونى فى إبادة الفلسطنين، ودعم لوجسيتى كامل للتوسع الصهيونى فى ضم أى قطعة من الأرض العربية، تحت زعم تحقيق الحلم الصهيونى ونبوءة التوراة المزعومة.

 ولاشك أنه مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض في ولاية جديدة ستكون لها انعكاسات عميقة على السياسة الخارجية الأمريكية، بما في ذلك علاقاتها مع الدول العربية. فقد عرف ترامب خلال ولايته الأولى بنهج سياسي مثير للجدل تجاه المنطقة، حيث ركز على الصفقات الاقتصادية، التطبيع بين الدول العربية وإسرائيل، والسياسات الصارمة تجاه إيران. في هذا المقال، سنتناول الأزمات المحتملة التي قد تواجه الدول العربية في حال انتخاب ترامب رئيساً مجدداً مع التركيز على التداعيات السياسية والاقتصادية . .

فمن المتوقع أن يستأنف ترامب سياسة “الضغط الأقصى” على إيران، والتي قد تؤدي إلى تصعيد عسكري واقتصادي في المنطقة. وستكون دول الخليج العربي في صدارة الدول المتأثرة نتيجة موقعها الجغرافي والقرب من مسرح التوترات. ومن الممكن أن يؤدي التصعيد إلى تعطيل الملاحة في مضيق هرمز، مما سيؤثر على صادرات النفط العالمية. كما قد تواجه الأسواق العربية ارتفاعاً في تكاليف التأمين البحري واضطراباً في أسواق الطاقة.

فضلاً عن ذلك فيتميز نهج ترامب بمعاملته للدول العربية كشركاء اقتصاديين بدلاً من حلفاء سياسيين. فقد يطالب الدول العربية بزيادة مساهماتها المالية في الاتفاقيات الدفاعية أو “شراء الحماية”، وهو ما قد يضغط على الميزانيات العامة لهذه الدول.

كما كان فى صفقة الأسلحة الكبرى مع السعودية بقيمة 110 مليارات دولار عام 2017، والتي تعرضت لانتقادات واسعة بأنها استنزاف للموارد المالية. أيضاً قد يركز ترامب على تعزيز العقود التجارية والعسكرية على حساب دعم سياسات التنمية المستدامة في الدول العربية، ما يعمّق الاختلالات الاقتصادية الداخلية.

قد يهمك ايضاً:

انور ابو الخير يكتب : كلما زاد عمري زاد خوفي

شهادات الكربون طريق جديد نحو مستقبل مستدام

كما قد يعيد ترامب دفع أجندة التطبيع بين الدول العربية وإسرائيل دون معالجة جذور الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.

مما سيزيد من الإحباط الشعبي داخل الدول العربية وقد يؤدي إلى اضطرابات داخلية. مما يؤدى إلى استمرار تهميش القضية الفلسطينية مما يفقد الحكومات العربية مصداقيتها بين شعوبها، خاصة في ظل غياب حلول عادلة.

حيث أنه خلال ولايته السابقة نقل ترامب السفارة الأمريكية إلى القدس واعترف بسيادة إسرائيل على الجولان. وبالتالى من المحتمل أن يستمر في سياسات مماثلة، مما يجهض أي أمل في حل الدولتين. كما يعتمد ترامب على سياسة الإنسحاب من الالتزامات الدولية وتقليل التدخل المباشر. الأمر الذى يؤدي إلى تقليص الدعم الأمريكي التقليدي للدول العربية في مواجهة الأزمات الإقليمية، مثل النزاعات في سوريا واليمن وليبيا. مما يسهم فى تعاظم الدور الروسي والصيني في المنطقة، ويُضعف التحالفات التقليدية للدول العربية مع الغرب. فمع غياب الدعم الأمريكي قد يترك فراغاً استراتيجياً يزيد من حدة الصراعات المحلية. .

أيضاً قد يستغل ترامب التنافسات الإقليمية بين الدول العربية، مثل تلك القائمة بين السعودية وقطر أو بين السعودية وإيران، لتعزيز مبيعات الأسلحة أو لتحقيق مكاسب سياسية، مما يعمّق الإنقسامات الإقليمية. مع مواصلة ترامب تجاهله لمسائل حقوق الإنسان في الدول العربية، مما قد يمنح الحكومات حرية أكبر لقمع المعارضة الداخلية، ولكنه في الوقت نفسه يفاقم الإستياء الشعبي. كما سبق ودعم الحكومات رغم الانتقادات الحقوقية، مثلما حدث مع السعودية بعد قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي . .

وفي الدول التي تمر بمرحلة انتقالية، مثل السودان أو تونس، قد يؤدي غياب الدعم الأمريكي إلى تعثر عمليات الانتقال الديمقراطي، مما يزيد من عدم الاستقرار. بالإضافة إلى أن نهج ترامب العدائي تجاه إيران سيؤدى إلى تصعيد مباشر في المنطقة، مما يهدد استقرار دول الخليج. مما يترتب عليه ارتفاع أسعار النفط عالمياً. مع استهداف محتمل للبنية التحتية الحيوية، مثل منشآت النفط في السعودية والإمارات. .

كما أن سياسات ترامب التجارية العدائية، مثل فرض رسوم جمركية، قد تؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد العالمي، مما يؤثر سلباً على الدول العربية التي تعتمد على صادرات النفط أو التحويلات المالية من الخارج. مع تجاهله لقضايا تغير المناخ الأمر الذى يزيد من معاناة الدول العربية التي تواجه تحديات بيئية، مثل نقص المياه والتصحر.

فعودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض قد تعيد تشكيل السياسة الأمريكية تجاه الدول العربية بطرق تحمل فرصاً ومخاطر على حد سواء. وبينما قد تُظهر بعض الدول العربية استعداداً للتكيف مع سياساته، فإن الأزمات المحتملة – سواء الاقتصادية أو السياسية – تتطلب استعداداً استراتيجياً على الدول العربية أن تستفيد من التجارب السابقة لتقليل الاعتماد المفرط على الولايات المتحدة وتبني سياسات إقليمية ودولية أكثر استقلالية، بما يضمن حماية مصالحها واستقرارها على المدى الطويل.

 

 

التعليقات مغلقة.