مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

تحويل القبله…بقلم .الشيخ محمد عرنوس

 

قد يهمك ايضاً:

انور ابو الخير يكتب : مواقف العرب لا تحتمل الالتباس

الصبر الإستراتيجي

تحويل القبله…بقلم .الشيخ محمد عرنوس

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة جاء ذكره في القرآن الكريم (قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها).
ولقد كان هذا الحدث العظيم في النصف من شهر شعبان من السنة الثانية للهجرة على الصحيح، وبه قال الجمهور كما نص عليه الحافظ ابن حجر في الفتح.
عن البَراء بن عازب قال: “صلَّيتُ مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس ستة عشر شهرًا، حتَّى نزلت الآية التي في البقرة: ﴿ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ﴾، فنزلت بعدما صلى النبي صلى الله عليه وسلم، فانطلق رجل من القوم فمرَّ بناس من الأنصار وهم يُصلُّون، فحدَّثهم، فولَّوا وجوههم قِبَلَ البيت”؛ رواه البخاري ومسلم.وعن أبي العالية: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر نحو بيت المقدس، فقال لجبريل: «وددت أن الله صَرَفَني عن قِبلة اليهود إلى غيرها» . فقال له جبريل: إنّما أنا عبد مثلك، ولا أملك لك شيئًا إلا ما أُمِرْت، فادْعُ ربَّك، وسَلْهُ. فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يُديم النظر إلى السماء؛ رجاءَ أن يأتيه جبريل بالذي سأل؛ فأنزل الله:{قد نرى تقلب وجهك في السماء}
والصحابة هنا في الحقيقية أعطونا درسًا في منتهى العظمة لسرعة التلبية لأوامر النبي صلى الله عليه وسلم مع أوامر القرآن الكريم،
ومن الأدلة التي استدل بها الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى- ما رواه بسنده قال: أخبرنا مالك عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال: (بينما الناس بقباء في صلاة الصبح إذ أتاهم آت، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أنزل عليه قرآن، وقد أمر أن يستقبل القبلة فاستقبلوها، وكانت وجوههم إلى الشام، فاستداروا إلى الكعبة)) هذا حديث رواه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب: الصلاة باب التوجه نحو القبلة حيث كان،
يعني: وما جعلنا صرفك عن القبلة التي كنت عليها وهي بيت المقدس إلا للاختبار وإنما يظهر وجه الابتلاء عندما تطالعنا الأخبار التي تعكس صدى تحويل القبلة
– حال المشركون.
يزعم المشركون أن الرسول صلى الله عليه وسلم تحير في دينه ورجع إلى قبلتهم ويرجف المنافقون في أوساط المؤمنين ما بال محمد يحولنا مرة إلى هنا ومرة إلى هنا فجائت الاجابة (قل لله المشرق والمغرل يهدي من يشاء الى صراط مستقيم)
وأَخْبروا عن الصلاة إِلى بيتِ المقْدِس: إِنْ كانَتْ على هدى، فقد تخلَّيْتُم عنه، وإِنْ كانَتْ على ضَلالَةٍ، فقد دِنْتُم اللهَ بها، وَمَنْ ماتَ عليها فقد ماتَ على ضَلالة، فجائت االاجابة(وما كان الله ليضيع ايمانكم)
– حال المسلمون.
خاف المسلمون على صلواتهم التي صلوها إلى بيت المقدس أن يبطل أجرها ). وقد أوضحت الآية أن الله لا يضيع صلاة من صلى منهم إلى بيت المقدس ومات قبل تحويل القبلة دون أن يتجه إلى الكعبة، وهم عشرة من الصحابة، لأنهم أطاعوا الله ورسوله بالاتجاه إلى بيت المقدس كما أطاعه الأحياء في الاتجاه إلى الكعبة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: “لما وجِّه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة، قالوا: يا رسول الله، كيف بإخواننا الذين ماتوا وهم يصلون إلى بيت المقدس؟ فأنزَلَ الله تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ ﴾ [البقرة: 143]؛ يعني: صلاتكم”.
وقول الله تعالى: {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المسجد الحرام} . هو رد على المنافقين واليهود والنصارى الذين حاولوا التشكيك في الإسلام. . بأن واجهوا المسلمين بقضية تغيير القبلة. . على أساس أنها قضية ما كان يجب أن تتم لأنه ليس فيها زيادة في التكليف ولا مشقة زائدة تزيد ثواب المؤمن. . فالجهد الذي يبذله المؤمن في الاتجاه إلى المسجد الأقصى هو نفس الجهد الذي يبذله في الاتجاه إلى البيت الحرام. . فأنت إذا اتجهت في صلاتك يمينا أو شمالا أو شرقا أو غربا فإن ذلك لا يضيف إليك مشقة. فما هو سبب التغيير؟
نقول لهم إن هذه ليست حجة للتشكيك في تحويل القبلة لأن الاتجاه إلى المسجد الحرام هو طاعة الله. ومادام الله سبحانه وتعالى قد قال فعلينا أن نطيع طاعة إيمانية. . يقول المولى جل جلاله: {وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَمَا الله بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} . أي أن ما فعلتموه من تحويل القبلة هو حق جاءكم من الله تبارك وتعالى. . والله عز وجل ليس غافلا عن عملكم بحيث تكونون قد اتجهتم إلى البيت الحرام. بل الله يعلم ما تبدون وما تكتمون. . فاطمئنوا أنكم على الحق وولوا وجوهكم تجاه المسجد الحرام. واعملوا أن الله سبحانه محيط بكم في كل ما تعملوا
لذا وصف الله بالسفاهة المعارضين المشككين في النبي ورسالته ودينه الحنيف
حيث يقول قبل ان تتحرك السنتهم بهذا القول لعلمه تعالى بما سيكون منهم قبل خلقهم فهو علام الغيوب (سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرل يهدي من يشاء الى صراط مستقيم)
وترشدنا الاية الى:-
أولاً: إعتراض اليهود على تحويل القبلة سفه وجهالة لأنه لا يعتمد على منطق سليم.
ثانياً: الجهات كلّها لله تعالى خَلْقاً وملكاً فلا اعتراض عليه بالتحويل من جهة إلى أخرى.
ثالثاً: الأمة المحمدية أفضل الأمم لذلك اختارها الله للشهادة على الخلائق يوم القيامة.
رابعاً: تحويل القبلة امتحانٌ لإيمان الناس ليتميّز المؤمن الصادق عن الفاجر المنافق.
خامساً: أدب لرسول الله صلى الله عليه وسلم َ كان يمنعه من سؤال تحويل القبلة ولذلك أكرمه الله بما يرضى.
سادساً: الكعبة المشرفة قبلة أبي الأنبياء وقد جمع الله بها قلوب العباد.
سابعاً: أهل الكتاب يعلمون أن تحويل القبلة حق ولكنهم أرادوا فتنة المؤمنين.
حفظ الله الامة الإسلامية واعاد الى حظيرتها اولى القبلتين وثاني الحرمين.