تجارة البشر وحقوق الإنسان
بقلم دكتور – هشام فخر الدين:
لا شك أنه من بين أهم القضايا المطروحة على الساحة العالمية والتى تمثل نتاجاً للنظام الرأسمالى العالمى والمجتمع الصناعي والحداثى، هى الجرائم المنظمة وفى مقدمتها تلك الجريمة التى أضحت أكثر تنظيماً ودقة وتطور، متماشية مع التطور الحادث فى العالم الآن والمتمثلة فى تجارة البشر فى الأطفال والنساء والرجال دون تفرقة وانتهاكاً صارخاً للإنسانية.
فلا يمكن الجزم على الإطلاق بوجود دولة محصنة ضد الاتجار بالبشر. ففي كل عام يتم الاتجار بنحو 800,000 رجل وإمرأة وطفل عبر الحدود الدولية، وتقدر بعض المنظمات الدولية وغير الحكومية العدد بأنه أكبر من ذلك بكثير وما زالت تلك التجارة تنمو وتزدهر.
ويضاف إلى هذا الرقم أعداد غير محددة من الذين يتم الإتجار بهم داخل الدول، ويتم إجبار الضحايا على العمل في الدعارة أو المصانع، أو المزارع، والخدمة المنزلية وفي صفوف الأطفال المجندين، وفي أشكال عديدة من الأشغال الشاقة الإستعبادية الإجبارية، وتقدر الحكومة الأميركية أن نصف الذين يتم الإتجار بهم دولياً يكون من أجل استغلالهم جنسياً، ووفقاً للإحصائيات يقدر ضحايا الإتجار بالبشر ب 40 مليون شخص بحسب آخر إحصائية للأمم المتحدة.
فيتم الاتجار بالملايين من البشر داخل حدود دولهم، وتزدهر تجارة عبودية القرن الحالى التي تلبي الطلب العالمي على العمالة الرخيصة والضعيفة، بسبب دوافع إجرامية، وصعاب اقتصادية، وحكومات فاسدة، وتفتت اجتماعي، وعدم استقرار سياسي، وكوارث طبيعية، ونزاع مسلح.
فضلاً عن ذلك تمول عملية الإتجار بالبشر المنظمات الإجرامية الدولية، وتعزز فساد الحكومات، وتقلل من شأن القانون. وتقدر هيئة الأمم المتحدة أن الأرباح الناجمة عن الإتجار بالبشر تحتل المركز الثالث من مصادر دخل الجريمة المنظمة، أي بعد الإتجار بالمخدرات والأسلحة.
فالاتجار بالبشر هو أحد أسرع أنشطة الجريمة المنظمة العابرة للحدود نمواً، حيث يتم إدانة وتجريم الاتجار بالبشر بشكل واسع في المحافل الدولية، بإعتباره إنتهاكاً صارخاً لحقوق الانسان، بالإضافة إلى خضوع الاتجار بالبشر للتوجيه والرقابة داخل الاتحاد الأوروبي.
ووفقا للتقارير الدولية تعد كل من بيلاروسيا وإيران وروسيا وتركمانستان ضمن أسوء الدول عندما يتعلق الأمر بتوفير الحماية للممارسات المرتبطة بالإتجار بالبشر والعمالة القسرية.
والذى يتحدد فى تجنيد ونقل وإيواء أو إستقبال الأشخاص من خلال وسائل التهديد أو استخدام القوة أو غيرها من أساليب الإكراه والاختطاف والتزوير والخداع وسوء استخدام السلطة، أو موقف ضعف أو إعطاء أو إستلام دفعات مالية أو خدمات للحصول على موافقة الشخص على أن يسيطر عليه شخص أخر من اجل استغلاله.
و يتضمن الاستغلال في حده الأدنى، استغلال الأشخاص للعمل في البغاء أو أية أشكال أخرى من الاستغلال الجنسي، أو الإكراه على العمل أو الخدمات؛ العبودية، أو ممارسات مشابهة للعبودية؛ الأشغال الشاقة الإجبارية، أو تجارة الأعضاء والأنسجة، و الحمل بالإنابة ونقل البويضات.
ويمكن أن يتم الاتجار بالبشر في نطاق بلد معين أو يمتد ليشمل أكثر من دولة (جريمة عابرة للحدود الوطنية). ويعد الاتجار بالبشر جريمة موجهة ضد الفرد حيث يتم خلالها انتهاك حقوق الضحية المرتبطة بحرية الانتقال، حيث يتم نقله بشكل قسري، ناهيك عن الاستغلال الذي يتعرض له الفرد لأغراض تجارية.
ووفقا لمنظمة العمل الدولية، فإن العمالة القسرية تجلب ما يمكن تقديره ب 150 مليار دولار من الأرباح سنويا، وذلك ابتداءا من عام 2014 .وخلال عام 2010، قدرت منظمة العمل الدولية وجود ما يقرب من 21مليون ضحية لما يعرف بالعبودية الجديدة. حيث تم استغلال حوالي 14.2 مليون نسمة (68% ) في العمل القسري، بينما نجد أن 4.5 مليون نسمة (22%) قد تم استغلالهم جنسيا، بالإضافة إلى وقوع 2.2 مليون نسمة (10%) تحت طائلة السخرة التي تفرضها الدولة. ولقد سجلت منظمة العمل الدولية تعرض كل من العمال من الأطفال والقاصرين إلى صورآخرى أكثر تطرفا من الاستغلال والعبودية.