تأثير فقدان التنوع البيولوجي على التنمية المستدامة

 

بقلم: د.هند المتولي إبراهيم

دكتوراة في الاقتصاد-كلية الدراسات الإفريقية-جامعة القاهرة

التنوع البيولوجي هو مصطلح يُطلق على أصناف الحياة على الأرض بجميع أشكالها ولايعني فقط التنوع الكبير للنباتات والحيوانات والكائنات الحية الدقيقة وإنما يشمل أيضًا الاختلافات الجينية في كل نوع، ويُشكل شبكة الحياة التي نعتمد عليها في أمور عديدة كالغذاء والماء والمناخ المستقر والنمو الاقتصادي حيث نجد أن أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي العالمي يعتمد على الطبيعة وأكثر من مليار شخص يعتمدون على الغابات لكسب لقمة عيشهم

وللتنوع البيولوجي أهمية كبيرة في تحقيق التنمية المستدامة؛ حيث إنه يوفر الموارد الطبيعية التي تدعم بشكل مباشر مجموعة من الأنشطة الاقتصادية مثل الزراعة ومصايد الأسماك والسياحة والتي تمثل سبل عيش كثير من الأفراد، كما يُعتبر عاملًا أساسيًا لتحقيق الأمن الغذائي؛ حيث تُعتبر المنتجات التي تُتحيها الطبيعة مصدرًا هامًا للتغذية، بالإضافة إلى أن الأفراد تعتمد على الموارد الطبيعية مثل الخشب والفحم الحجرى كمصادر للطاقة، كما يُمكن أن نستفيد من التنوع البيولوجي في أشكال الطاقة المتجددة مثل الطاقة المائية، كما يدعم التنوع البيولوجي توفير خدمات النظم الايكولوجية التي تعتبر أساسًا للأنشطة الاقتصادية وتوفر فرص عمل مثل: الزراعة ومصايد الأسماك والطاقة والسياحة والنقل؛ لهذا يمكن أن يؤدي حفظ التنوع البيولوجي إلى زيادة الانتاجية، كما تظهر أهمية التنوع البيولوجي في أنه يُوفر بنية تحتية طبيعية موثوقة وفعالة فمثلًا تقوم الشعاب المرجانية وغابات المانغروف بحماية السواحل من الفيضانات المتوقع زيادتها مع تغير المناخ.

لكن الطبيعة في أزمة إذ أن ما يصل إلى مليون نوع مهدد بالإنقراض والعديد منها ستختفي في غضون عقود، وقد يؤدي تدهور التنوع البيولوجي وانقراض كثير من الأنواع سواء النباتات أو الطيور أو الحيوانات أو الأحياء المائية إلى انقراض الإنسان نفسه أو على الأقل انتشار الأمراض والفقر وقلة الغذاء، كما يُهدد فقدان التنوع البيولوجي الإمددات الغذائية وفرص الاستجمام والسياحة، كما أنها يُهدد مصادر الخشب والأدوية والطاقة.

ويُعتبر المحرك الرئيس لفقدان التنوع البيولوجي هو تعامل الإنسان مع البيئة بصورة خاطئة، كما أن تغير المناخ يلعب دورًا متزايد الأهمية في تدهور التنوع البيولوجي؛ حيث أدى إلى تغيير النظم الإيكولوجية البحرية والبرية والمياه العذبة في جميع أنحاء العالم، كما تسبب في فقدان الأنواع المحلية وزيادة الأمراض، والموت الجماعي للنباتات والحيوانات، وبسبب ارتفاع درجات الحرارة تقلصت الشعاب المرجانية إلى النصف، ويهدد المزيد من الاحترار بتدمير جميع الشعاب المرجانية المتبقية تقريبًا.

ولتحقيق التنمية المستدامة لابد من ضرورة العمل للحفاظ على الموارد الطبيعية في البيئة، والتنوع البيولوجي وإدارته لخدمة التنمية، لهذا يجب إتخاذ عدة طرق للحفاظ على التنوع البيولوجي منها:

– سن القوانين والتشريعات لحماية التنوع البيولوجي، وتفعيل القوانين المتعلقة بحماية الأراضي الزراعية وعدم الاعتداء عليها، وتغليظ العقوبات على الصيد الجائر واتلاف الشعاب المرجانية والمحميات الطبيعية.

– الاهتمام بالبحث العلمي وزيادة الانفاق عليه والاهتمام بالحصول على تكنولوجيا صديقة للبيئة بالإتجاه إلى الاقتصاد الأخضر.

– إنشاء جهاز خاص برصد التنوع البيولوجي وتسجيل كل أنواع التنوع البيولوجي من نباتات وطيور وحيوانات بالإضافة إلى الكائنات البحرية والنيلية الموجودة.

– العمل على نشر الوعي البيئي في المجتمع وتعريف أفراد المجتمع بأهمية الحفاظ على التنوع البيولوجي والتنمية المستدامة، وتضمين ذلك في المناهج التعليمية لجميع المراحل العمرية.

– الاستفادة من التجارب العالمية الناجحة في مجال تطوير وتنمية المحميات الطبيعية لتحقيق التنمية المستدامة من ناحية الإدارة والتطبيقات والبرامج التي تستهدف تطوير المحميات.

– إدماج المجتمعات المحلية في مناطق المحميات في خطط تنمية وتطوير المحميات وإعطائهم الأولوية في مجال التوظيف في تلك المحميات.

– تعزيز التعاون بين إدارة المحميات الطبيعية ومراكز البحوث العلمية.

وفي النهاية يستطيع كل إنسان أن يؤثر بشكل إيجابي على البيئة و الحفاظ على التنوع البيولوجي مهما كان التأثير بسيطًا من خلال استخدام التكنولوجيا النظيفة للحد من التأثير السلبي على البيئة والمحافظة على المحميات الطبيعية، والحد من كافة أشكال التلوث، والاهتمام بإعادة التدوير للحد من الإفراط في استخدام موارد الطبيعة، واستخدام الطاقة المتجددة والنظيفة واستخدام المنتجات الصديقة للبيئة والابتعاد عن الصيد الجائر وعدم صيد الحيوانات المهددة بالإنقراض، والابتعاد عن التوسع العمراني في المناطق ذات التنوع البيولوجي التي تكثر فيها النباتات والأشجار