بقلم د إبتسام عمر عبد الرازق
في عالمٍ يموج بالتعب، وفي زمنٍ ضاعت فيه الملامح بين سرعة الحياة وضجيج الشاشات… يبقى هناك بيت مختلف, بيتٌ حين تدخله، تشعر وكأنك دخلتَ إلى شيء من الجنة.
ما السر؟ إنه بيت يُصلّي, فالصلاة ليست فقط عبادة… بل نظام حياة حين يُرفع الأذان، ويُردَّد في البيت: حيّ على الصلاة، حيّ على الفلاح” فأنت لا تدعو نفسك وأهلك لحركات جسد… بل إلى نور، وفلاح، وأمان.
قال الله تعالى:. ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ﴾ (طه: 132) لم يقل: “صلّوا”، بل “أمر… واصطبر”، لأن الأمر بالصلاة هو بناء بيت على الصبر، والنور، والذكر
ومن مظاهر البيت الذي يُصلّي: فيه وقت لله… لا يُزاحمه شيء , الصلاة تضبط الإيقاع الداخلي للأسرة… توقظنا قبل الشروق، وتهدّئنا بعد الزحام.. الصلاة فيه ليست واجبًا فقط، بل حبًا ومناجاة الابن يرى أباه يُصلي بخشوع، والأم تتهجد… فتترسّخ في قلبه أن الصلاة ليست واجبًا ثقيلًا، بل لقاءًا جميلًا.
فيه صوت قرآن بعد الصلاة، لا صوت صراخ بعد الجدال لأن البيت الذي يُصلّي… يُطفئ نار الغضب بماء الوضوء، ويُلين القلوب بذكر الله, والفرق كبير بين البيت الذي يُصلّي… فيه طمأنينة، حتى لو كان صغيرًا والبيت الذي لا صلاة فيه… قد يكون واسعًا، لكن ضيق الصدر.
الصلاة هي الفرق بين بيت يسكنه النور، وبيتٍ يسكنه الصمت الموحش, قال تعالى:
﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ﴾ (البقرة: 45)
الصلاة ليست فقط وسيلة للعبادة، بل وسيلة للتحمّل… للاستمرار… للحياة.
وفى النهاية رسالة لكل بيت: لا تكتفِ أن يُصلّي كل فرد وحده… اجعلوا لكم صلاة جماعة، حتى مرة في اليوم, افتحوا المصحف بعد الصلاة… ولو بآية واحدة.
﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ﴾ (لعنكبوت: 45)
اجعل طفلك يراك تسجد… فهو لن ينسى هذا المشهد أبدًا، وسيعرف من هو ربه بطريقة لا تُنسى.
البيت الذي يُصلّي… لا يشبه غيره، لأن فيه “صلة” دائمة بين الأرض والسماء، فيه من النور ما لا تراه العيون، لكن تراه القلوب.
التعليقات مغلقة.