بنوتة ثانوي وحكاية الجهاز الخاص
بقلم: عبد الرحمن هاشم
صدر حديثًا عن دار الفؤاد للنشر والتوزيع كتاب «بنوتة ثانوي» للكاتبة الأديبة عبير عبد الله، وهو عبارة عن سرد في قالب حكائي مشوّق يعكس خبرات من أرض الواقع… واقع طالبات المدارس الثانوية من حيث الفكر والثقافة والاهتمامات والميول والعواطف، وكذلك المشكلات والانحرافات والتشويش، والاضطراب الناتج عن طبيعة المرحلة من جهة، والمتأثر بالعولمة والبيئة المجتمعية من جهة ثانية.
وطبيعي أن تكتب عبير عبد الله عن مشكلات طالبات الثانوي، فهي تتماسّ يوميًا مع هذه الفئة من المجتمع بحكم وظيفتها التربوية، فضلا عن وظيفتها التعليمية.
لكن عبير عبد الله لم تكتف بمعالجة ما يقع تحت يديها من حالات، فأرادت أن تعمّم الفائدة فدونت تجاربها في صورة حوارية تجعل من يقرأ وكأن عبير تخاطبه، وكأنه هو المعنِي بالحكاية أو القصة.
ففي حكاية «كتالوج» تسرد قائلة: (إذا حصلتِ على هديةٍ قيمةٍ آي فون،أحدث وأرقى هاتف محمول به كل الإمكانات التي تريدينها، لاب توب أول مرة ينزل الأسواق العالمية بتقنية عالية الجودة مبرمج من أجل راحتكِ، سعادتكِ، متعتكِ وفادتك، تتباهينِ به أمام صاحباتكِ وأنتِ سعيدة، معه الكتالوج الخاص به مكتوب باللغة العربية بطريقة سهلة وواضحة ومشوقة ومعه كل التفسيرات بالصور والفيديو… فهل ستسمحين لأي شخص مهما كانت درجة قرابته لكِ وحبكِ له أن يعبث في أزراره؟، وهل ستوافقينه على استخدام مفاتيحه ضد ما صنعت من أجله؟!، فمثلًا هل ستوافقين على الضغط على زر مسح الأيقونات الهامة؟، وهل ستحاولين فتح برامج القرصنة والفيروس لتصيب جهازك، وهل ستضغطين أنت أو أي من المقربين لك على أزرار قد تفسد جهازكِ كما يقول الكتالوج ..؟ وهل..؟..
– لا. لا طبعًا وهل أنا مجنونة؟!.
– والله لأتشاجر معه وأمنعه بالقوة.
- لا،ابتعد عنه بهدوء،اهرب من أمامه، أستعين بشخص آخر يحميني منه.
- أنا الحمد لله أشيائي الثمينة أضعها في دولابي الخاص وأغلقه بمفتاح يمكنني أن أخبئه عند جدتي؛ فهى تحبني جدًّا وتخاف على مشاعري، طبعًا ستحافظ على أشيائي الثمينة؛ أي واحدة مننا يمكنها أن تتصرف وتحافظ على أشيائها؛ فما بالكن إذا كان لاب توب بهذه المواصفات هاها؟!..
- جميل يا بنوتاتي؛ يعني لن تسمح أي واحدة منكن باستخدام جهازها الخاص إلا طبقًا لقواعد وشروط الكتالوج الخاص به.
- وهل هذا يحتاج إلى كلام؟ حتى لو لم يكن بهذه المواصفات العالية فكل منا تحافظ على أشيائها ولا تستخدمها إلا فيما يصونها.
هنا مربط الفرس يا بنوتاتي…
- مممم…
فالإنسان قد كرّمه الله بنعمة العقل الذي صنع أعظم الأجهزة في العالم وأنعم عليه بالجمال والصحة وكثير من النعم وقد خلقه في أحسن صورة وسخر له كل المخلوقات).
ومن ناحيتي كقاريء استوقفني في الحوار جملة (جهازها الخاص) فهي تحمل أكثر من دلالة؛ دلالة ظاهرة واضحة، ودلالة خفية باطنة، لكن من السهولة بمكان معرفتها وبخاصة إذا تعلق الأمر بمسألة المبدأ والخُلق والعِرض والشرف.
وبعد، فهذا غيض من فيض ما يحوية الكتاب من مشكلات وحلول على صورة حكايات قصيرة، وكأنها اللقطات، وفي نهاية كل حكاية تسوق لنا عبير عبد الله الحكمة والموعظة والمثل الذي ينبغي أن يُحتذى لمن أراد الحياة والعافية.