بقلم: المتولي إبراهيم إبراهيم
ماجستير في الدراسات النفسية والاجتماعية في مجال الطفولة
الصحة النفسية جزء أساسي من الصحة العامة للإنسان، فهى لا تقل عن الصحة الجسدية، وتمتعنا بصحة نفسية سليمة يؤثر تأثيرًا إيجابيًا على حياتنا، حيث تساعدنا الصحة النفسية السليمة على التفكير الإيجابي، واتخاذ قرارات سليمة في حياتنا ، والقدرة على مواجهة الصعاب في حياتنا دون ان نفقد الأمل والتأقلم مع ضغوطات الحياة، كما أنها تساعد على تعزيز علاقاتنا مع الأخرين وكل ذلك سوف ينعكس على صحة الفرد الجسدية وبالتالي تنعكس على انتاجية الفرد وقدرته على إحداث تغيرات إصلاحية في المجتمع.
وفي هذا المقال سوف نعرف ما هي الصحة النفسية؟ وما هي خصائص الشخصية المتمتعة بالصحة النفسية؟ وكيف نبني الصحة النفسية للطفل في الأسرة والمدرسة؟..
ترتبط الصحة النفسية فى ذهن كثير من الناس بالخلو من الأمراض النفسية والعقلية – وهذا تصور خاطئ ، والأفراد يختلفون فى مدى تمتعهم بالصحة النفسية رغم خلوهم جميعًا من هذه الأعراض ويمكننا الحكم على الصحة النفسية للفرد بمدى النضج الانفعالى والاجتماعى أو مدى توافق الفرد مع نفسه ومع المجتمع . ويعرفها القوصي :” بأنها التوافق التام أو التكامل بين الوظائف النفسية المختلفة مع القدرة على مواجهة الأزمات النفسية العادية التى تطرأ على الإنسان ومع الإحساس الايجابى بالسعادة والكفاية” . وقد عرفها البعض ” بأنها القدرة على الحب والعمل أي حب الفرد لنفسه وللأخرين على أن يعمل عملاً بناء يستمد منه البقاء لنفسه وللأخرين وعرفها عبد العزيز القوصي: ” هى التكامل بين الوظائف النفسية المختلفة مع القدرة على مواجهة الأزمات النفسية العادية التى تطرأ عادة على الانسان مع الاحساس الايجابى بالسعادة، وهذا يظهر فى المجتمع المصرى الذى يُظهر القيم الدينية، الشهامة المصرية، الثراث الثقافى والانسان المصرى الذى يظهر وقت الأزمات – ونجدها فى المجتمعات الشيوعية تركز فى قدرة الانسان على التكيف والتوافق مع المجتمع الذى يعيش فيه، أما فى المجتمعات الرأسمالية نجدها تركز على الحرية للفرد واشباع حاجات الفرد، أى كل تعريف هو نتاج للبيئة الاجتماعية التي خرج منها. فما كان صالحًا فى مجتمع المدينة لا يكون سليمًا فى مجتمع الريف، وما يصلح فى مصر لا يصلح فى دول أخرى حتى فى القيم الاخلاقية.
وعرفها د.الهامى : ” الصحه النفسية بالنسبه للفرد أو المجتمع تكمن فى القدرة على الانتماء – صحة الفرد تبدأ فى قدرته على الانتماء وصحة المجتمع تبدأ من انتهاء قدرة أفراده إلى الإنتماء اليه.
ويمكن تعريف الصحة النفسية (د. حامد زهران) ” بأنها حالة دائمة نسبيا، يكون فيها الفرد متوافقًا نفسيًا (شخصيًا وانفعاليًا واجتماعيًا أى مع نفسه ومع بيئته ) ويشعر فيها بالسعادة مع نفسه ومع الأخرين، ويكون قادراً على تحقيق ذاته واستغلال قدراته وإمكانياته إلى أقصى حد ممكن، ويكون قادراً على مواجهة مطالب الحياة ، وتكوين شخصية متكاملة سوية ، ويكون سلوكه عاديًا بحيث يعيش فى سلامة وسلام.
و الصحة النفسية حالة ايجابية تتضمن التمتع بصحة العقل والجسم، وليست مجرد غياب أو الخلو أو البرء من أعراض المرض النفسي. وعرفتها الصحة العالمية : “بأنها حالة من الراحة الجسمية والنفسية والاجتماعية وليست مجرد عدم وجود المرض”.
خصائص الشخصية المتمتعة بالصحة النفسية
1- التوافق الاجتماعى : وهو قدرة الفرد على عقد صلات اجتماعية راضية مرضية : علاقات تتسم بالتعاون والتسامح والإيثار فلا يشوبها العدوان أو الارتياب أو الأتكال أو عدم الاكتراث لمشاعر الآخرين.
2- التوافق الذاتي : ويُقصد به قدرة الفرد على التوفيق بين دوافعه المتصارعة توفيقًا يرضيها جميعا ارضاء متزنًا، (والصحة النفسية لا تعنى الخلو من الصراعات النفسية ، إذ لا يخلو انسان من هذه الصراعات ) إنما تعنى القدرة على حسم هذه الصراعات والتحكم فيها بصورة مرضية ، والقدرة على حل الأزمات النفسية حلًا ايجابيًا بدلًا من الهرب منها أو التمويه عليها.
3- ارتفاع وصيد الاحباط . يقصد به قدرة الفرد على الصمود للشدائد و الأزمات دون اسراف فى العدوان والتهور أو استدرار العطف
4- الشعور بالرضا والسعادة : أى استمتاع الفرد بالحياة ، بعمله وأسرته واصدقائه، وشعوره بالطمأنينة وراحة البال في أغلب احواله.
5- الانتاج الملائم : يقصد بذلك قدرة الفرد على الانتاج المعقول فى حدود ذكائه وحيويته واستعداداته
6- الجهود البناءة : يقصد بذلك قدرة الفرد على احداث تغيرات إصلاحية بنائية فى بيته. والصحة النفسية حالة نسبية تتفاوت درجاتها باختلاف الأفراد . وشرطها الأساسى تكامل الشخصية والنضح الانفعالى . والتمتع بالصحة النفسية والصحة الجسمية والصحة الإجتماعية، والسلام الداخلى والخارج والاقبال على الحياة يوجه عام والتمتع بها والتخطيط للمستقبل بثقة وأمل.
في الجزء الثاني من المقال سوف نتناول كيف يمكن بناء الصحة النفسية للطفل من خلال الأسرة والمدرسة ؟