كتب – محمد صبحي:
عانت صناعة السينما في مصر في السنوات الأخيرة نتيجة الاضطرابات الاقتصادية والأمنية محليا وإقليميا، بالإضافة إلى انتشار ظاهرة القرصنة، حتى أن عدد الأفلام المُنتجة بلغ 40 فيلما فقط في عام 2017، مقابل 55 فيلما في 2016، و59 فيلما في 2006، وانخفض عدد الأفلام المُصدرة من 153 فيلم في 2010 إلى 34 فيلم في 2015، ولكن ربما تستقبل هذه الصناعة قُبلة الحياة من قرار اتُخذ خارج الحدود.
بالأمس رفعت المملكة العربية السعودية حظرا ساريا منذ أكثر من 35 عاما على دور السينما لتعم فرحة كبير بين عشاق الأفلام والمخرجين وشركات دور السينما التي تتطلع لدخول آخر سوق كبرى مغلقة للسينما في الشرق الأوسط.
وقالت الحكومة السعودية، إنه من الممكن أن يبدأ عرض الأفلام السينمائية في شهر مارس المقبل وذلك في إطار حملة إصلاحات يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان فتحت الباب أمام الحفلات الموسيقية والعروض الكوميدية وشملت رفع الحظر على قيادة النساء للسيارات.
وكانت المملكة حظرت دور السينما في أوائل الثمانينيات تحت ضغط من التيار الديني المحافظ الذي نادى بتقييد وسائل الترفيه العام والاختلاط بين الجنسين، بعد حادث الحرم المكي.
وقال وزير الثقافة والإعلام عواد بن صالح العواد “الوزارة تسعى لتوفير فرص وظيفية في مجالات جديدة للسعوديين وإمكانية تعليمهم وتدريبهم من أجل اكتساب مهارات جديدة”.
وفي لفتة موجهة إلى المحافظين قالت الحكومة “إن الأفلام ستخضع لرقابة لضمان اتفاقها مع القيم والمبادئ التي تحكم المجتمع السعودي وألا تخالف قوانين الشريعة والقيم الأخلاقية بالمملكة”.
وهكذا فإن المصريين لديهم فرصة كبيرة للاستفادة من هذه الخطوة، فالجارة السعودية هي أكبر اقتصاد في المنطقة، وبالطبع تستطيع استيعاب كل الإنتاج المصري، وعلى الرغم من ضعف الصناعة حاليا داخل مصر؛ إلا أن عيون السعوديين مازالت ترى مصر رائدة صناعة السينما بالمنطقة، حتى أن هيفاء المنصور، السعودية التي أخرجت فيلم (وجدة)، أول فيلم روائي طويل يتم تصويره في المملكة عام 2012، قالت “أشعر وكأننا سنعيش من جديد ما كانت عليه مصر في الخمسينيات”، وذلك في إشارة إلى ازدهار صناعة السينما في مصر في ذلك الوقت.
ويسافر آلاف السعوديين في الوقت الحالي إلى البحرين والإمارات ودول أخرى بحثا عن الترفيه. وقالت الحكومة إنها تريد أن ينفق هؤلاء أموالهم في الداخل، وتتطلع شركات دور السينما في المنطقة للسوق السعودية للاستفادة من إنفاق الشباب الذين يمثلون حوالي 70 في المئة من سكان المملكة.
والمصريون يستطيعون الاستفادة بشدة من فتح مجالات الإنشاءات والإنتاج والتدريب والتمثيل في المملكة العربية السعودية، فهم أصحاب الريادة والأفضلية “تنفيذا لا تمويلا” في هذا المجال، كما أن عدداً ليس قليلاً من الممثلين المصريين استطاعوا المشاركة في أعمال فنية تستهدف الأسواق الخليجية، دون تخطي محددات الرقابة هناك.
وتقول حكومة المملكة إنها تتوقع فتح أكثر من 300 دار سينما بأكثر من ألفي شاشة عرض بحلول عام 2030، ومن المتوقع أن تسهم صناعة السينما “بنحو أكثر من 90 مليار ريال في الناتج المحلي الإجمالي واستحداث أكثر من 30 ألف وظيفة دائمة إضافة إلى أكثر من 130 ألف وظيفة مؤقتة بحلول عام 2030”.
وإذا كان من الصعب منافسة مصر على كعكة ضخ الاستثمارات في هذا المجال، فمن السهل جدا الاستفادة من فرص العمل واستقبال الاستثمارات، خاصة أن شركات الإنتاج المصرية هي قبلة الاستثمارات الخليجية نفسها، وأخرها كان في مارس الماضي عندما أعلن الملياردير الإماراتي خلف أحمد الحبتور إنه اتفق مع المخرج خالد يوسف على تمويل إنتاج أربعة أفلام له بميزانية مفتوحة “كبداية” وأنه لا يستهدف تحقيق أي أرباح من وراء ذلك.
وإذا كانت صناعة السينما المصرية تُعاني من ارتفاع التكاليف بنسبة تتراوح بين 30% و50% بسبب قرارات الإصلاح الاقتصادي، وفقا لرابطة المنتجين الفنيين، فهي الأن أمام فرصة سانحة لاستغلال حاجة أسواق بعيدة عن أضرار أي قرارات اقتصادية محلية، وهذا ما يزيد احتمالات اهتمام الشركات المصرية بالتوسع تجاه شرق البحر الأحمر.