مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

بريكس والنظام العالمي الجديد

بقلم – د. إسلام جمال الدين شوقي:

خبير العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي

عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي

مفهوم بريكس “BRICS”

ظهر مصطلح “بريكس” لأول مرة عام 2001، في دراسة تحليلية بعنوان “بناء عالم اقتصادي أفضل بريك”، أجراها الاقتصادي Jim Oneil”؛ الخبير الاقتصادي في بنك “جولدمان ساكس”؛ حيث صاغ مصطلح “بريك” لوصف الأسواق الناشئة؛ وهي الأحرف الأولى بالإنجليزية لأسماء الدول الأربعة المكونة له “البرازيل، روسيا، الهند، الصين، والتي تشكلت عام 2009، ثم انضمت إليها جنوب إفريقيا عام 2010 لذا أُضيف حرف (S) لتصبح بريكس” BRICS ” Brazil , Russia , India , Chine , South Africa.

أهمية بريكس وانشاء بنك وصندوق دوليين:

تُعد “بريكس” تكتُّلًا يواجه موقف الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي؛ كونهما يعرقلان أي محاولات لتقاسم النفوذ الدولي، بما في ذلك التمثيل في المؤسسات الدولية؛ مثل الصندوق الدولي والبنك الدولي إذ يتعارض ذلك مع استراتيجيتها ومصالحها في العالم.

لذا، يسعى بريكس إلى تكوين نظام عالمي جديد متعدد القطبيّة، وتعزيز التّعاون الاقتصاديّ والسّياسيّ والثّقافيّ لتحقيق مصالح الدّول المشتركة، من خلال تشكيل نظام اقتصاديّ متعدّد الأقطاب، يكون مؤثّرًا في رسم السّياسة العالميّة الجديدة بتغيير هيكلة النظام الاقتصادي العالمي وبنيته التحتية، يستتبعه تغيير في موازين القوى الدولية.

ويُعدُ تكتل “بريكس” من أهم التجمعات والتكتلات الاقتصادية على مستوى العالم، حيث نحو 30% من حجم الاقتصاد العالمي، و26 % من مساحة العالم و43% من سكان العالم، وتنتج أكثر من ثلث إنتاج الحبوب في العالم.

قد يهمك ايضاً:

أحمد سلام يكتب ذكري مذبحة بحر البقر

رئيس جامعة قناة السويس يُكلف عبد الناصر عبد الجليل مديرًا…

ولأن الاقتصاد والسياسة وجهان لعملة واحدة، فإن العلاقات الاقتصادية بين الدول مدخل هام لتحقيق التعاون السياسي؛ لذا قام شكَّل “بريكس” مجموعة أنظمة، وأنشأ عدة مؤسسات؛ منها بنك جديد في شنغهاي بالصين باسم “بنك التّنمية الجديد”؛ ليكون بديلًا للبنك الدولي؛ وهو بنك متعدد الأقطاب-هدفه التخلص من هيمنة الدولار واليورو اللذين يعتمدهما صندوق النقد الدولي- برأسمال 100مليار دولار من احتياطي العملات التي تمتلكها بريكس؛ ما يُعد نظام أمان يتم اللجوء إليه في حالة الطوارئ، كما سيعود بالنفع على الدول الأعضاء.

كذلك، أنشأ “صندوق بريكس”؛ ليكون بديلًا لصندوق النقد الدّولي، يقدم علاجًا للتخلص من سيطرة الديون التي يؤسس لها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي؛ وذلك خطوة أولى لإنشاء نّظام عالمي جديد؛ حيث تكون أسواق دول “بريكس” أكثر حرصًا على اجتذاب رؤوس الأموال العالميّة.

توسيع “بريكس”

اقترحت الصين توسيع “بريكس”؛ لأهمية التوقيت الحالي في تحوَّل التكتُّل من فكرة اقتصادية إلى ما هو أكبر من ذلك؛ حيث بات بمثابة تكتُّل سياسي في مواجهة الهيمنة العالمية أحادية الجانب من الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين؛ وبالتالي، يحاول التكتُّل خلق نظام عالمي جديد؛ بالجمع بين دول ذات أهمية استراتيجية في قارات العالم المختلفة.

وتؤكد بكين على التمسك بالمشاورات المكثفة، والمساهمة والمنافع المشتركة، وتدعيم الانفتاح والشمول، ومعارضة الانغلاق والإقصاء، والدعوة إلى التمسك بقوة النظام الدولي وفي القلب منه الأمم المتحدة، ومعارضة تشكيل “تكتلات صغيرة”، وإجبار الدول الأخرى على اختيار طرف معين؛ حيث تعتزم بكين العمل على زيادة الاستثمار والتعاون في مجال التنمية، كما أنها تعلم جيدًا أن ضم كلٍ من مصر والسعودية والإمارات لهذا التكتل يضيف له قوة كبيرة، من حيث قوة التأثير في أسواق النفط والغاز العالمية، وقوة الموقع الاستراتيجي، فيما يسمح التكتل-في المقابل- لهذه الدول بالاستفادة اقتصاديًا واستثماريًا، ويصبح قوة مساندة للدول الأعضاء على إقليميًا ودوليًا.

حجم الناتج المحلي لدول البريكس:

يبلغ الناتج المحلي الإجمالي للدول الأعضاء الحاليون حوالي 27 تريليون دولار، وفي حالة انضمام الدول الراغبة في العضوية سيرتفع ليصل حوالي 32 تريليون دولار حيث تساهم الصين وحدها ب 19 تريليون دولار وتظل المهيمنة على التحالف بحجم الناتج المحلي والذي يتخطى 59% يليها الهند 3 تريليون دولار، والبرازيل 2,08 تريليون دولار، وروسيا 2,06 تريليون دولار، وجنوب افريقيا 399 مليار دولار.

خطوات مصر للانضمام:

سبق وأن تقدمت مصر بطلب غير رسمي منذ عدة سنوات، قبل أن تطلب ذلك بشكل رسمي مؤخرًا، حيث تجني مصر من انضمامها لبريكس، فوائد اقتصادية وسياسية؛ أما الأولى فتكمن في دخولها مع الصين وروسيا في مجالات شراكة في مجالات الطاقة الشمسية وتصنيع السلاح، وجذب الصناعة الصينية لمصر، بإنشاء مركز لوجستي للصين في مصر، وتقليل حركة الاستيراد من الصين، وزيادة الصادرات المصرية والاستفادة من البريكس في استخدام العملات المحلية للدول للأعضاء بديلًا عن استخدام الدولار وهو ما تحتاج إليه مصر لتنويع سلة العملات الأجنبية لها ومواجهة النقص الحاد في النقد الأجنبي، وأما الثانية فتكمن في تكوين شراكة دولية مع دول بريكس، مع كسب دولتين من الدول الخمس الأعضاء في مجلس الأمن؛ وهما الصين وروسيا.