مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

انور ابو الخير يكتب : صرخات الارض

 

قد يهمك ايضاً:

الصحة النفسية … متلازمة اليد الغريبة .. حلقة 60

أحمد سلام يكتب صفحة الرئيس الأمريكي المنتخب !

ماذا أقول بعد أن بح صوتي من الحديث ولا أحد يصغي لي أو يأب لما أقول وحدي أتألم وأتعذب ولا أحد يحس بأناتي وتأوهاتي غير صمتك وسكونك الرهيب أيها الليل المبهم ماعادت في هذا الوجود قلوب تفهم الحب وتترجم الأحاسيس ولا أفئدة تفكك شفرات وطلاسم العيون الكل غارق في متاهاته ولاأحد يحس بالآخر وكأني أحس بالليل وفي صمته أسئلة يرغب في الإستفسار عنها قائلا لي
أنني أتساءل هل فقدنا الطريق إلى الحياة؟
يصعب علي الغارقين في العسل إدراك مدي قسوتها ومرارتها في النفوس وربما كان أكثرها تأثيرا اتساع رقعة الفقر بسبب ثبات الدخول وارتفاع الأسعار يوميا بلا ضابط ولا رابط وتحول جيب المواطن إلي سبيل ينهب منه كل من هب ودب حكومة ورجال أعمال وسماسرة وتجار وهم مما أدت هذه الأوضاع المأساوية لارتفاع درجة غليان الشارع المصري لمعدلات غير مسبوقة وهبوب رياح الغضب من جميع الأرجاء وعلي معظم المستويات فالكل يسعي لهدف واحد هو الفرار من جوع أصبح وشيكا والفوز بطوق النجاة من موجات الفقر العاتية والتي كادت تعصف بما تبقي في قلوب الناس من بقايا حب الوطن والكل يريد كادراً خاصا يمكنه من النظر للحياة ببعض الأمل ومواجهة أعبائها بشرف وبكرامة
فالكل لم يعد بوسعه النظر إلي نصف الكوب الممتلئ أو حتي الفارغ لأنه أصبح بيد من رحمتهم الخصخصة ولم يبق في الإمكان سوي النظر إلي السماء والتوسل إلي الله ليبصر أولاد الحلال من المسؤولين
فنحن نركض في هذه الحياة دون أن نلتفت إلى ما حولنا نظن أن الجري وراء المال هو الحل الوحيد
ولكن هل يساهم هذا الركض في إعطاء الحياة معناها؟ أم أنه في الواقع يقودنا بعيدا عن جوهرها؟ ولكي يستعيد هذا الوطن أنفاسه من هذا البؤس لهذا الواقع المؤلم يأخذني إلى حكمة خرجت من فم عميل ويتناولها البعض كقصة فيها من الإسقاط على واقعنا فلن نيأس مهما تقدم بنا هذا العمر فالأرزاق أولاً وأخيراً بيد خالقها فهو الذي قسم لك كل شيء منذ لحظة خروجك لهذه الحياة إلى حين أخذ هذه الروح وانتهاء الأجل ومن لا يقرأ التاريخ جيداً ويتعلم منه طبيعي أنه سيصل ببلاده إلى حافة الهاوية بل إلى انهيار تام في كافة مؤسساتها وهذا ما لا يطمع إليه الإنسان الذي يؤمن بأن وطنه هو أحق فيه من غيره ذلك الوطن الذي نشعر فيه بالدفيء حتى وإن كنا ننام في العراء ذلك الوطن الذي لا يقتلنا إذا لم نأكل أو نشرب بل قتله لنا يكون في عدم وضعنا في المكان المناسب لكي نجعله يقف على قدميه في خضم الحياة الحديثة وضغوطها نجد أنفسنا نلهث بين المسؤوليات والمهام اليومية وكأننا في سباق لانهاية له نركض وراء العمل ونلاحق المال وننغمس في السوشيال ميديا حتى أصبح الوقت الذي نقضيه مع عائلاتنا وأصدقائنا مجرد لحظات عابرة لا تذكر إلا في المناسبات أو الأزمات لطالما تساءل الإنسان في لحظات الصمت والضياع
هل ما نعيشه حقا هو الحياة التي حلمنا بها؟ أم أننا في دوامة من الملهيات التي أفسدت معنى الوجود؟ نحن نركض في هذه الحياة دون أن نلتفت إلى ما حولنا نظن أن الجري وراء المال هو الحل الوحيد ولكن هل يساهم هذا الركض في إعطاء الحياة معناها؟ أم أنه في الواقع يقودنا بعيدا عن جوهرها؟ إن الهموم التي نتعرض لها يوما بعد يوم هي أشبه بعبء ثقيل على الروح لا يراه الآخرون لكنهم يشعرون بظلاله
هموم العمل والأعباء الاجتماعية والضغوط النفسية كلها تراكمات تضغط على القلب والعقل تجعلنا ننسى أحيانا أن الحياة ليست مجرد مطاردة وراء السراب
نحن لا نعيش من أجل تحقيق الأهداف فقط بل من أجل الشعور بأننا جزء من شيء أكبر
من توازن هذا الكون الذي نعيش فيه
لقد فقدنا الطريق إلى الحياة حين أصبحنا نرى الأرض مجرد مكان للاستهلاك ولم نعد نرى فيها حكايات من الماضي وأحلام المستقبل صرخات الأرض التي تتعالى يوما بعد يوم ليست مجرد أصوات طبيعية بل هي إنذارات تحذيرية من أننا نسير في الطريق الخطأ الأرض التي تعبت من أفعالنا تستحق منا أن نعيد التفكير في كيفية التعايش معها بروح من الرحمة والتفهم تماما كما نفعل مع أنفسنا فمن لا يعرف نفسه لا يعرف الطريق ونحن قد نكون قد فقدنا الطريق لأننا نسينا أن نعرف أنفسنا
أن نفهم جوهرنا أن نتوقف لحظة في سكون الحياة لنستعيد توازننا الداخلي
هل هذا هو الطريق الضائع؟ أم أننا نحتاج فقط إلى لحظة من الوعي لنعود إليه؟
الحياة لا تتطلب منا الجري وراء الأشياء المادية بقدر ما تتطلب منا أن نعيش في تناغم مع من حولنا أن نعيد ترتيب أولوياتنا أن نغفر لأنفسنا ولغيرنا أن نستعيد القدرة على الاستمتاع بالأشياء الصغيرة التي تجعل الحياة تستحق العيش
نحن بحاجة إلى أن نتوقف لنتنفس بعمق لكى نحيي في أنفسنا معنى الوجود
فهل فقدنا الطريق إلى الحياة؟ ربما ولكن قد يكون الطريق أقرب مما نتصور ربما يكمن في العودة إلى أنفسنا في استعادة الهدوء الداخلي وفي تقدير كل لحظة نقضيها على هذه الأرض التي لا تعطي دون أن تأخذ
وانا اقول الحياة لا تقاس بما نحقق من إنجازات مادية أو بمقدار ما نملك من مال أو سمعة بل تقاس بما نتعلمه من دروس على الطريق الذي نسلكه
فلكل منا هم أو مشكلة يعتقد أنها بحجم العالم بأسره لكن همومنا أيا كانت باتت تصغر أمام المشهد الإنساني لما يحدث في الوطن
ترى هل الهموم والمصائب أيضا نسبيةوتختلف من مجتمع لآخر؟
يبدو أن هنالك فرقا كبيرا بين هموم الإنسان في الدول العربية وهموم البشر الآخرين في دول أخرى تصنف من العالم الأول إذ إن مشهد بكاء أطفال وصرخات آبائهم وأمهاتهم
بل ودعواتهم وأمانيهم التي لا تتجاوز في أحسن الأحوال الحياة بحرية وكرامة يفضح المسافة التي تفصل بيننا وبينهم
نجدنا في الوطن مهمومين بقضايا وأزمات تبحث عن حل أو مخرج منذ عقود مضت في حين أن همومهم السياسية تنحصر في التمتع بما حصلوا عليه من حريات والمشاركة في اتخاذ القرارات وممارسة الحقوق قبل أداء الواجبات فهمومنا لا تنتهي نحن من يستهلك ويعتمد على الآخرين في كل شيء وهمنا الأعظم هو البحث عن لقمة العيش بينما همومهم الاقتصادية حلقت إلى آفاق بعيدة والتخلي عن الصناعات ومن الناحيتين الاجتماعية والصحية يتضخم الفارق لنجد
أن همومنا تدور حول مشاكل الحياة اليومية ازدحام وبطالة ومشكلات الزواج والطلاق وتوفير الحد الأدنى من الاحتياجات والخدمات أما همومهم الاجتماعية فباتت تدور حول زيادة عمر الإنسان وتوفير المناخ الاجتماعي الملائم للنجاح والإبداع وممارسة الهوايات
نعم فرق كبير لكنه يصبح أكبر وأكبر حين نشاهد الوطن ترزح تحت وطأة الحرمان وتستجدي المواطنين أبسط حقوقها

التعليقات مغلقة.