مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

انور ابو الخير يكتب : صراع الكراسى والتجارة المفقودة

 

قد يهمك ايضاً:

الصمود الأسطوري في غزة غير وجهة التاريخ بقلم/ امنة الدبش

المستشار وليد رضوان يكتب حول “المشاكل العملية فى…

علمتنا التجارب السابقة أن موسم الانتخابات دائما هو موسم الكلام والخطابة وهوجة المرشحين بالجملة وموسم الشائعات أيضا بامتياز فما ان يقترب هذا الموسم حتى تبدأ ماكينة الكلام والشائعات والشعارات البراقة في حركتها الدؤوبة ويكثر اللغط والهرج والمرج والحفلات والولائم البادخة هنا وهناك وينتعش سوق الصفقات المشبوهة ماظهر منها وما بطن وكل هذا طبعا بإسم القيم الإجتماعية النبيلة والأمانة والمسؤولية والديموقراطية والبرلمان والمجالس المحلية وبإسم المصالح العليا للشعب والوطن ومالا نعرفه أيضا من مسكنات ومنومات ومخدرات سياسية اثبتت نجاعتها في كل مرة في مثل هذه الحالات ويحتد هذا اللغط في السيرك الإنتخابي الكبير مع خروج الأحزاب مثل ثعابين من جحورها بعد بيات شتوي طويل لممارسة الشعوذة السياسية والبدء بتوزيع الوعود الزائفة وأموال الحرام في مهرجانات الكلام الصاخبة حيث ينتعش هواة الكلام والخطابة وحيث يطلق الزعماء كمهرجين كبار محترفين حلو الحديث على الإنتخابات ويصورون للناس كيف أنهم على موعد مع الجنة إذا أنخرطوا وبقوة في مسلسل العملية الإنتخابية
مع اقتراب الموعد يبدأ الكلام والهمس وتكثر الشائعات هنا وهناك عن عبث تجهيز الإنتخابات وتكاد في كل مرة لاتصدق ما تسمع وما ترى من عجائب وغرائب وحتى طرائف مذهلة
مع الإنتخابات يكثر الكلام وتكثر الشائعات عن عبث الإنتخابات نفسها بعد الإنتخابات يكثر الكلام وتكثر الشائعات فى الحديث عن عبث نتائج تلك الإنتخابات وتحليل ما سوف تسفر عنه تلك النتائج بعد تدخل طبعا جهاز صنع النتائج السحري الذي يحشد الناس في الشاحنات ﴿في البوادي﴾ والحافلات ﴿في المدن﴾ كقطعان انتخابية بشرية لترجيح كفة مرشح على أخرى في خضم هذا العبث الكبير ترى الفلول والعفاريت المتنافسة في الإنتخابات تتصارع بالليل والنهار
ياريت لو كان الصراع والتنافس من أجل مصلحة الوطن بل من أجل الكرسي والمصالح الشخصية وحصة المقاعد والغنيمة ومن أجل التعالفات ﴿من العلف طبعا﴾ وأقصد التحالفات بينها ووراء كل فل أو عفريت ناجح طبعا فل أو عفريت أحمر أكبر يدعمه في الخفاء من وراء ستار فل أو عفريت سمين غليض يسأل ولا يسأل يقطع عيش من لا ظهر له فيسجن من يستطيع حبسه ويطرد من يقدر عليه ويغلق المنافذ ويمنع حتى الشمس أمام كل منافس شريف إلى آخر أركان المهزلة
ورغم كل هذا العبث والكلام والهمس الذي تشهده العملية الإنتخابية والذي غالبا ما تكون وقائعهاصحيحة والتي شهدنا على الكثير منها كمواطنين عاديين في السنوات الماضية تجد الأمناء العامين للأحزاب الكارتونية والمستفيدين من موسم أمطار الإنتخابات هم وحدهم الذين يطبلون ويغيطون بأشداق منتفخة وهم يؤكدون في تصريحاتهم في أبواق الكلام الصدئة على أن العملية الإنتخابية تمت بهدوء وسلاسة غير مسبوقة وأن معظم ما حدث من تجاوزات مجرد كلام فارغ وعبث لا يخرج عن نطاق الأحداث الفردية التى لا ينبغى تعميمها وما على الناس إلا أن يرددوا بأعلى صوتهم مع هذا “العرس الديموقراطي” الفريد من نوعه أغنية« قولوا العام زين وخا جروا علينا من لوزين» لأن النتائج قد تحققت بنسبة مشاركة 95٪
هكذا ليسدل ستار الفصل الأول من المسرحية الهزلية وتغلق الأحزاب دكاكينها التجارية ليبدأ الفصل الثاني حين يتفرغ الناجحون إلى مرحلة تقسيم الغنيمة والتعاطي للفساد السياسي والنيابي بشتى تلاوينه فالتصويت على القوانين بمقابل تقديم استجوابات صحفية بمقابل التصويت ضد أو مع قرار معين بمقابل و..و..وفلابد من كل هذا، فالفصل الثاني من المسرحية هو الأهم عند السادة النواب المحترمين فلا بد في هذا الفصل لكل نائب محترم جدا العمل بوقاحة زائدة على إسترجاع ماثم صرفة في الحملات الإنتخابية العبثية البادخة دون أن ننسى أيضا تكاليف تجيير المنصب وتزويق وجه الحكومة الذي يشبه وجه القردة القبيحة للتغطية على فشلها في المشاريع التنموية التي ينتظر منها الشعب المسكين المقهورمصادر لقمة عيشه البسيطة ودواء يعالج به علله الكثيرة وسكن لائق يقيه حر الصيف وزمهرير الشتاء
هكذا تتحرك الأحزاب الكارتونية المتخلفة التي ليس لها أي رصيد أوإنجازات حقيقية غير الوعود والكلام الفارغ الرطب الذي حولها إلى ظاهرة صوتية في البلاد أما الأغلبية الصامتة التي تطحن يومياً في القاع مثل السردين والتي تنتظر بعد الإنتخابات حلولا لمشاكلها المتشابكة ما عليها بعد هذه المسرحية الهزلية الا أن تنخرط فى المسرحية ويأكل بعضها بعضا أوتشرب البحر حنقا وغرقا بحثا عن قارة أخرى بعيدا عن هذه القارة التعيسة التي تصادر أحلام بني البشر بالقطاعي والجملة والله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم