مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

انور ابو الخير يكتب : حزم الحماية الاجتماعية أتلفها الغلاء

 

قد يهمك ايضاً:

وفاء حتى النهاية”.. زوجة الراحل إبراهيم شيكا تضرب أروع…

عماد السعدني يَكتُب أنا وحواء والعلمانية خلف كواليس…

أصبح حال المصريين ينامون ويستيقظون على أحاديث غلاء المحروقات وغلاء المعيشة والارتفاع غير المسبوق في المواصلات وأسعار السلع الغذائية ومواد السلع الأساسية منها والثانوية ولأن موجة الغلاء استفحلت بالتدريج منذ سنوات فقد مست جيوب جل الشرائح الاجتماعية حتى الميسورة منها لا تتردد في الجهر بالتغيير الحاصل وإن كان لديها من الإمكانيات ما يجعلها بعيدة عن الإحساس بضيق اليد وعسر الإمكان كما هو حال مجمل الناس بمن فيهم أبناء الطبقة الوسطى وإن حزم الحماية الاجتماعية في مصر أتلفها الغلاء ليست كافية لمواجهة جنون الأسعار ولا تتناسب مع معيشتة ولم يعد يبالي المواطن بما تقدمه مؤسسات الدولة من حوافز مالية أو حزمة حماية اجتماعية جديدة كونها كما يتصور وأصبحت لن تشكل قيمة إضافية حقيقية على دخله الشهري في ظل الانفلات الكبير في الأسعار واصفاً غلاء الأسعار بالوحش الذي يلتهم كل ما يتقاضاه المواطن شهرياً لم يعد قادراً على تحمل الزيادات وألقى إعصار الغلاء بظلاله على المجتمع المصرى واقتحم كل بيت ولا يزال يضرب في كل اتجاه بلا هوادة ولم يترك مواطناً أو وافداً فأصبح كالمرض الذي استشرى في الجسد وأبى أن يرحم عضواً من أعضائه
ومع ازدياد حدته يوماً بعد يوم شهدنا إخفاقاً مريباً في السيطرة عليه حتى ولو بالنزر اليسير ما دعانا لطرح أسئلة شتى عسى أن نجد لها إجابات ويجد الفقراء فيها السلوى والعزاء لما خلفه لهم الغلاء من مآس عصفت ولا تزال تعصف بهم وبأسرهم ومصير أبنائهم وهددت كيانهم الأسري الذي اعتراه الكثير من الوهن فضلاً عن أنه يرهق كاهلهم ويكلفهم ما لا يطيقون آملين في بزوغ فجر جديد يبدد ظلمة هذا الليل الحالك في الاستطلاع التالي نحاول إلقاء الضوء على هذه الموجة العاتية وما يتبعها من تداعيات وإفرازات خطيرة على أمن المجتمع بسبب عدم الاكتراث والاهتمام الجدي بكبح جماحها وكيفية احتواء هذه الموجة والتعامل معها في ظل غياب الدور الرقابي الحازم
أصبحت ظاهرة الغلاء هذه الأيام خصوصاً فرصة سانحة للجشعين والطامعين من التجار وأصحاب رؤوس الأموال والحقيقة أن غلاء الأسعار في معظمه لا يوجد مبرر مقنع له
أنه من المؤسف حقاً أن يقع التأثير الكبير الناتج عن غلاء الأسعار على كاهل الفقراء وذوي الدخل المحدود بشكل خاص فهم الضحية الأولى للغلاء ونتج عن ذلك بروز ظاهرة حتمية أخرى وهي عدم الاستقرار الأسري والذي له مردود سلبي على العمل والإنتاجية كما يهدد أمن واستقرار المجتمع بأكمله والخوف أن تفرز هذه الظاهرة جرائم ما كانت لتحدث لولا وجود الغلاء غير المنطقي كالسرقة والنصب والاحتيال وغيرها من العادات السيئة
أن سعار الأسعار وصل الى درجة لا يمكن للعقل البشري البسيط استيعابها ونحن مجبرون على توفير قوت أولادنا
فلم يعد الغلاء قاصراً على المواد الأساسية فقط بل ضرب كل مناحي الحياة في مقتل وتغلغل الى التعليم والصحة ناهيكم عن الإيجارات التي وحدها كافية أن تأتي على أي دخل أياً كان مقداره والاندهاش من العجز الذي يسيطر على الجهات المعنية في ردم الهوة بين زيادة الأسعار وكيفية التعامل معها في ظل ضآلة الرواتب لا سيما المعاشات أن الحكومة تتعامى عن الغلاء الفاحش الحاصل واقعياً والآثار السلبية له على مستوى معيشة الفئات الفقيرة والمتوسطة الدخل وتغمض عينيها عن تدهور الخدمات وزيادة الفوارق الاقتصادية والاجتماعية بين مختلف الشرائح وهو ما أدى إلى انقسام المجتمع المصري إلى طبقتين طبقة رأسمالية تدير الاقتصاد وتنهبه وتزرع الفساد وطبقة مسحوقة مستعبدة من الأولى ينهشها الفقر
فهل ننتظر حتى يصبح هذا الأمر واقعاً ويصبح عصياً على الحل؟
أنه يجب أن ننظر الى القضية بشمولية أكثر فقد أصبح الوالدان عبارة عن موظفين في المنزل يعمل كلاهما لتوفير الجانب المادي في غفلة وغياب حقيقي عن الجانب المعنوي فهذا الغلاء حطم دور الأسرة الحقيقي مما أفرز بدوره مشكلات أسرية وشهدنا أرباب أسر يعجزون عن تلبية مطالب أبنائهم وزوجات يطلبن الطلاق هرباً من المشكلات التي خلفها ذلك الإعصار ودعاوى نفقة وانحرافات أحداث
فنحن على أعتاب مرحلة من الغليان تصحبها حالات من الهذيان والشعور بالكبت والإحباط واليأس ونرى وجوهاً وقد ارتسمت عليها علامات الزمن وأصيبت بخيبة أمل في من بيدهم القرار ووجدوا أنفسهم بين مطرقة وسندان وإن الصبر وحده لا يبني أوطانا ولا يكفي لمواجهة أزمات تدار بلا عدالة أو رؤية
الشعب لا يطلب المستحيل فقط يريد عدلاً في تحمل المسؤولية وشفافية في إدارة الموارد وكرامة في العيش
أما الوعود الفارغة فقد سئمها الجميع وإذا كان الخير قادمًا فعلاً فلنبدأ بأن نراه ينعكس على الأفعال لا الأقوال