مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

انور ابو الخير : حيرة الفقراء

 

قد يهمك ايضاً:

انور ابو الخير يكتب : رمضان شهر الرحمة والتآلف

أحمد سلام يكتب ذكري رحيل الرئيس مبارك

يأتي رمضان ليغسل أرواحنا وقلوبنا المنهكة من ترسبات الحزن والضيق ويعود لنا الطمأنية والهدوء فما أحلى أيامه وما أحلى لياليه أيامه فرصة عظيمة لتجديد العهد مع الله والبدء بصفحة جديدة في حياتنا خالية من الذنوب والمعاصي فلا توجد في الدنيا أعظم من هذه الفرصة السنوية المتجددة في الشهر الفضيل حين يرق الأفق وتزهر النجوم ويصفو الكون يتجلى الله على الوجود يعرض كنوز فضله واحسانه على الناس ويفتح لهم باب رحمته ويقول «ألا من مستغفر فأغفر له؟ ألا من سائل فأعطيه؟ فيسأل الطالب ويستغفر المذنب فيعطي السائل ويغفر للتائب وتتصل القلوب بالله فيحس الإنسان بلذة لا تعدل لذاذات الدنيا كلها فيا ايها الإنسان فتشوا عن إنسانيتكم في ظل الظروف الراهنة للبلاد
وانحدار الحالة الاقتصادية التى يمر بها المواطنين فمع أطالة هذا الشهر الكريم والفضيل علينا أن نتذكر ونذكر بأننا حين نأكل ونشرب إن هناك أناسا لا يأكلون ولا يشربون مما نأكل ونشرب وإننا في النور وهناك أناس في الظلام ونحن نفرح هناك أناس نسوا الفرح هناك أناس موجوعون في صمت وإن هناك أناس يعيشون الجوع الصامت والصمت الجائع أناس مثلنا عندهم معدة ولكن ليس لديهم ما يسد هذه المعدة والأدهى حين نجد أناسا افتقدوا الأمل او ليس لديهم أمل من الأساس لم يبق لدى الواحد منهم سوى إيمانه بأنه لا يزال إنسانا الذي يحمل هموم الناس في فؤاده هو الذي يدخل السرور على القلوب الحزينة او المنكسرة هو الذي عندما يفعل عملاً خيريا يعمله بصمت وبدافع الايمان بهذا العمل وليس من باب الدعاية والبهرجة والوجاهة والصور والحواشي هو الذي يخرج الصدقة ولا يمن على أحد هو الذي يغيث المحتاج ويطعم المسكين ويواسي المكلوم ولا يستثمر في معاناة الناس وايضا هو الذي لا يعطي للعقل إجازة ولا يجعل مكان الضمير شاغرا ولا النوايا الحسنة تحت الركام ولا يضع في قلبه مساحة للحقد والكره ولا يدفع الى افتقاد المحبة نخاف من الغد لأننا سنفتقد الإنسانية التي نحن اليوم بحاجة الى إثبات حضورها في هذا الزمن في كل فعل وفي كل شأن بدافع إثبات أن المعاني والقيم الإنسانية لازال لها حضور في واقعنا الراهن وإن ما شهدناه ونشهده وتابعناه ونتابعه من وقائع وأحداث على مستوى العالم والتي ضربت وتضرب كل المعاني والقيم الإنسانية في الصميم يجعل الحاجة الى التذكير دوما بهذه المعاني والقيم لذا فتشوا عن إنسانيتكم في هذا الزمن الذي تتسارع فيه التغييرات في القيم الإنسانية في زمن تتزاحم فيه المتغيرات الآنية والسريعة والمبتذلة والوحشية واعملوا على ما يعيد او يعطي للإنسانية معانيها ولا تجعلوا الإنسانية وكأنها حلم في هذا الزمان وانبذوا من يريد أن يجعل الإنسانية خطيئة
فمع إشراقة يوم الجمعه القادمة يستعد المسلمون في كل بقاع الأرض لاستقبال شهر رمضان المبارك شهر الرحمة والمغفرة حيث تعم أجواء الإيمان والتقوى وتشد الرحال إلى بيوت الله وتتنزل البركات على العباد لكن في المقابل هناك مشهد آخر يتكرر كل عام مشهد القلق والحيرة التي تخيم على قلوب البسطاء وأصحاب الدخل المحدود الذين أصبحوا عاجزين عن توفير احتياجات أسرهم وسط تدهور اقتصادي متزايد بينما يستعد البعض لشراء مستلزمات الشهر الكريم يقف آخرون عاجزين أمام متطلبات الحياة فلا الرواتب تكفي ولا المساعدات تصل ولا المسؤولون يكترثون لمعاناة الشعب كيف يمكن للأسرة أن تصمد براتب بالكاد يغطي بعض أيام الشهر كيف يواجه المعلمون والموظفون واصحاب المعاشات المتقاعدين الإحباط بعد أن رفعوا أصواتهم مرارا وتكرارا للمطالبة بحقوقهم دون أي استجابة وكأن الأزمة الاقتصادية لا تكفي تتفاقم المعاناة لغلاء الأسعار والخدمات الأساسية من كهرباء وماء وصحة وتعليم ليجد المواطن نفسه أمام معركة يومية لا نهاية لها بين البحث عن لقمة العيش ومواجهة شبح الغلاء وانعدام الخدمات فكيف يمكن للناس أن يستقبلوا شهر الرحمة وهم يعيشون في ظروف تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة الكريمة أسئلة كثيرة تتردد في الأذهان لكن الإجابة واحدة صمت مخيف من الجهات المسؤولة وكأن الأمر لا يعنيهم لا حلول تطرح ولا خطط تنفذ ولا حتى اعتراف بمعاناة الشعب فهل أصبحت الحكومة والمسؤولين غافلة عن مواطنيها أم أن صرخات الجائعين لم تعد تسمع في أروقة الحكومة رغم كل هذه التحديات يظل الأمل موجودا في تكاتف المجتمع وتعاونه ففي رمضان تتجلى معاني العطاء والتضامن ويظهر الناس أفضل ما فيهم من قيم الأخوة والتراحم قد لا تكون الحلول السياسية والاقتصادية بأيدينا لكن بأيدينا أن نخفف عن بعضنا أن نساعد المحتاج أن نكون سندا لمن حولنا
فهو شهر لتحقق فيه معاني الإنسانية وتكون المساواة بين الناس ليشترك الناس كلهم في الجوع وفي الشبع ويحس الغني ألم الجوع ويعرف الفقير قيمة نعمة الله يغدو الناس كأنهم في أسرة واحدة أو رفاق في مدرسة داخلية يفطرون جميعا في لحظة واحدة ويمسكون جميعا في لحظة واحدة فرمضان هو ضيف خفيف سريع الرحل يجب أن ننهل من خيراته قبل أن يداهمنا الوقت
وفي النهاية تبقى الرسالة واضحة يا قادة الوطن لا تتركوا شعبكم يعاني في شهر الرحمة كونوا كما يجب أن تكونوا عونا للمواطن لا عبئا عليه فالتاريخ لا يرحم والشعوب لا تنسى