مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

امرأة من هناك

بقلم – أمل البنا ” مصر “

 _ حسناً. عليكِ الهدوء الآن

بنبراتٍ متشنجة تغالب الغثيان، عقدت ذراعيها فوق وجهها: كيف؟.. لا، لا أريد مهدئات. ابتعد عني. ابتعدوا جميعاً

_لحظات يا غادة وستنعمين بعدها بهدوئك..

_ أنعم بالهدوء!!. أي قبحٍ، وأي هراء تُرسلني إليه أيها الكاذب اللعين. تلك النشوة التي تضخها في دمائي. هذا الترياق اللاذع بلون الغسق.. كلكم عراة عاهرون. أبغضكم جميعاً

تُفلت يديها المرتختين فوق صدرها. بينما أخذت تعبث بأزرار قميصها في وهن. تُخرج اثنين من عُروتيهما

_ ماذا تفعلين؟. أتشعرين بشيء من الضيق؟

تقضم شفتيها وهي تتحسس صدرها النافر. وبنظرة فزعة تقول: تريدني؟. من المؤكد أنني أغيب عن الوعي بتلك المهدئات؛ كي تتمكن من…يالكم من سفلة. لمَ لا تُجاهر مثله؟!..  لمَ كل شيء يتم تحت وطأة المهدئات؟..

_ تعتقدين أنني أحقنكِ بالمهدئات كي أتمكن منكِ؟

_ نعم

_ ولكنك تبقين مستيقظة، واعية لكل شيء

_ كذب. هذا ما تود أن يصل إلى عقلي وروحي. أشعر أنك تقوم بكل الأفعال الخبيثة معي. لا تنكرها.. يمكنك أن تحصل على ما تريد، على أن تقايضني دون اللجوء إلى ما تفعله كل يوم

_.. وبما أقايضكِ؟

_ تسمح لي بالخروج إلى الشرفة؛ أريد أن أشعر الهواء فوق وجهي. أرى الوجوه التي تبدو مبتسمة من بعيد وهي تخفي قواطع أسنانها

_ ألهذا تريدين اثارتي لأكمل عنكِ ما بدأتهِ؟

تلتفت إلى الجهة الأخرى وهي تقبض على أطراف قميصها المفتوحة صارخة: ابتعد عني، لا أريد أي يد تمتد نحوي

_ لن تجدي يدي ترفع نحوكِ فاهدئي

قد يهمك ايضاً:

قصيدة: دكان قديم عند المقام

أيها العابرون

_تؤكد على هذا. رغم أنني أشعر في كل مرة بسحرك الذي يمسسني كصورة غارقة في حوض تحميضك

_ دعينا ننتشلها لتجف. قد تبدو جميلة كقمر غيبته الغيوم

_.. في كل ليلة أتذوق بلساني أملاح جسدي. كم هو مالح يتعرق في كل لحظة بلا توقف. من المؤكد أن هذا يعود للمسام الواسعة، أو الغدد المفرطة بالتعرق

_ أو ربما يكون هذا لخوفكِ المفرط

_ أنا لا أخافك..  بل أنا فقط أخشاك

_ وما الفرق بينهما؟.. أتدركين هذا الفرق؟

_ لا ينبغي أن أتحدث إليك. فأنت تأكل مثله أحشائي كأطفالي الصغار

_ أمازالوا صغاراً؟

_ نعم.  ينتشرون فوق اللوحات هناك. أحملهم بين ذراعي و أجلب لهم ماء الآبار.. ربما تجدهم مسخاً في بعض اللوحات،  بعيون واحدة.. رؤوسهم تكعيبية متداخلة. أو ذوا أنوف طويلة مثلي

_ أتعتقدين أن أنفك طويل؟!

_ أجل

_ لمَ لا تتحسسيه؟،  لتكتشقي الحقيقة بأنه دقيق وصغير

_ لا أحتاج لأصابعي، أو لأي حواس أملكها

_ كيف، وهي وسيلتك الوحيدة للوصول إلى الحقيقة

_ أتعتقد بأن هناك حقيقة؟!؛ الأصابع فيها الوسيلة، و العين لهي بؤرة الصواب

_ وإذا كانت الأشياء كلها تدعو إلى الشك،  فأين يكمن اليقين لنا ؟

_ هناك…

باعد بين ذراعيها.. رِجليها.. يقطعها.. تنظر بنصفها المشطور إلى هوة الفراغ الذي أحدثه فوق لوحته. بينما نصفها الآخر يدنو من نهاية اللوحة..

التعليقات مغلقة.