يعلق د. عاطف معتمد على كتاب الراحل العظيم طه حسين “مستقبل الثقافة في مصر” قائلا: ويخلص طه حسين إلى أن مصر لا تعرف من الغرب بعمومه، بل تعرف الحضارة اليونانية، التى أثرت فيها وتأثرت بها، ومن ثم فمصر في حقيقتها ذات ثقافة بحر متوسطية. ..والعقل المصرى وفق تعبير الراحل الكبير “عقل مصري وثيق الصلة بالبحر المتوسط ” وقد دعا للتقارب بل الامتزاج بالثقافة والحضارة اليونانية، كما المصرية القديمة.
لكن هل هناك علاقة بين هذا المدخل القصير والكاتبة والمترجمة اليونانية القديرة بيرسا كوموتسي، نعم، فهى تعتبر امتدادًا لهذا الرائد الفذ واستكمالًا لمشواره والطريق الذى خطه ومشى فيه من بعده أساتذة رائعون جدًّا في حقل الدراسات والفلسفة والأدب اليونانى والترجمة من وإلى العربية واليونانية.
أما عن هذه الحفيدة، فقد ولدت في القاهرة، وانتقلت إلى اليونان بعد تخرجها في جامعة القاهرة، منذ عام 1933 وهي تترجم الأدب العربى إلى اليونانية. من بين الترجمات: أربع عشرة رواية لنجيب محفوظ، إضافة إلى العديد من الكتاب الآخرين. ويصل عملها في مجال الترجمة إلى أكثر من خمسين عملًا، إلى جانب مختارات من الشعر العربي. وقد علق كثير من الكتاب والنقاد والباحثين المهتمين بالشأن الثقافى على هذا المنجز بعبارات وكلمات الثناء وبحفاوة كبيرة، ومن بينهم الكاتب والروائي المصري المهاجر أحمد الشريف الذى قال: “إن ما تقوم به بيرسا كوموتسي في مجال الترجمة يعادل ما تقوم به مؤسسة كاملة، عندها طاقة كبيرة للترجمة والكتابة والإبداع، جزاها الله كل خير، كما أتمنى أن تكرم ويحتفل بها في بلدها الأول مصر بما يليق بها وبما قدمته”. وإلى جانب الترجمات قامت بيرسا بإنشاء مبادرة “مركز الأدب والثقافة اليونانية والعربية”، وهي مبادرة مستقلة ترفع الوعي وتهدف إلى تعزيز العلاقات الثقافية بين اليونان والعالم العربي من خلال الأدب.
كما إنها ساهمت أيضًا في المشاريع الدولية والأوروبية التي تروج للثقافة العربية من خلال الأدب ومنها مشاريع ممولة من الاتحاد الأوروبي.
ومن بين الجوائز والأوسمة التي حصلت عليها: جائزة كفافي الدولية للترجمة لعام 2001 لعملها في ترجمة نجيب محفوظ. ميداليات فخرية من وزارة التربية والتعليم المصرية، من خلال المركز الثقافي المصري باليونان لعام 2008 ، 2010،2014، كما حصلت على جائزة شرفية من مدرسة اللغات بجامعة الأزهر 2015، كما حصلت مؤخرًا على دبلوم الثناء من أكاديمية أثينا وجاهزة نيكوس ثيمليس الأدبية، وأيضًا جوائز أخرى عديدة.
“بيرسا كوموتسي” ليست مترجمة مرموقة وحسب، إنما أضافت خيارات جديدة لتاريخ الأدب والترجمة، وأيضا هي مبدعة ولها عدة روايات من بينها: في شوارع القاهرة نزهة مع نجيب محفوظ، غرب النيل وأصوات سكندرية، كما أنها تكتب مقالات ومراجعات نقدية في العديد من الصحف والمجلات، ومثلت اليونان في المعارض الدولية والعديد من اللقاءات الدولية حول الأدب العربي وأهمية الترجمة كأداة للثقافة والحوار.
وفي الختام نستشهد بكلمات “بيرسا” واعتزازها ببلدها الأول مصر والمكان الذي ولدت فيه: “ثمة ارتباط عاطفى عميق لديَّ بمصر واللغة العربية لكوني ولدت ونشأت في عاصمة عربية عظيمة هي القاهرة”.
التعليقات مغلقة.