كتب: عبد الرحمن هاشم
يستضيف مساء اليوم المركز الدولي للكتاب ندوة وحفل توقيع لكتاب الاغتراب في روايات نجيب محفوظ للدكتورة منى بركات عضو اتحاد الأدباء والكتاب الفلسطينيين وعضو اللجنة التحضيرية لاتحاد الأدباء والكتاب الفلسطينيين في مصر وعضو اتحاد كتاب مصر.
الكتاب صادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب هذا العام 2019، ويحضر الندوة السادة: – الشاعر الكبير عبد العليم إسماعيل مديرا للندوة، الدكتور حسام عقل مناقشاً رئيسياً، الروائي والناقد المستشار الأستاذ أحمد محمد جلبي، الاعلامي معتز العجمي.
وكتاب (الاغتراب في روايات نجيب محفوظ) كتاب نقدي هام تناول ظاهرة الاغتراب السياسى فى نماذج من روايات نجيب محفوظ، تلك التي ألفها في مراحل متعددة من مشواره الأدبي الذي أصل فيه لفن الرواية في مصر والعالم العربي عبر أكثر من خمسين مؤلف روائي وقصصي.
اختارت المؤلفة عدداً من الروايات كنماذج تعبر عن تلك المراحل الفكرية المختلفة في مشواره الإبداعي وأخضعتها للتحليل، منها مثلا: – كفاح طيبة – القاهرة الجديدة -السكرية – اللص والكلاب – ميرامار – ثرثرة فوق النيل – الكرنك
تعقد الندوة بالمركز الدولي للكتاب بجوار دار القضاء العالى بوسط البلد.
تقول الدكتورة منى بركات: تُعتَبر مؤلَّفات «نجيب محفوظ» بمثابة مرآة للحياة الاجتماعيَّة والسياسيَّة والثقافيَّة في مصر، كما أنَّها تعكس رؤية المثقّفين على اختلاف ميولهم إلى السلطة؛ فما بين (1961م – 1967م) نُشرت روايات منها «اللص والكلاب» و«ثرثرة فوق النيل» و«ميرامار». وكانت هذه الروايات تُعبِّر بشكل أساسيّ عن أزمة المثقَّفين، الذين رأى «نجيب محفوظ» أنَّهم قد شعروا بالعجز وبالضياع من جرّاء إحباطاتهم من الأنظمة القمعيَّة التي حكمت العالم العربيّ في ذلك الحين؛ فضربوا على أنفسهم عزلة تعبِّر عن قلَّة حيلتهم، وضيق صدرهم بعالمهم، ويأسهم من تحقيق ذاتهم فيه. وسواء أكان هذا الشعور بالعجز نابعاً من أنفسهم، أم نابعاً من أسباب خارجة عن إرادتهم، فإنَّ «نجيب محفوظ» قد رأى أنَّ هذا الشعور بالعجز قد صنع منهم في النهاية نماذج محبَطة ضائعة مغترِبة عن عالمها.
وتضيف: لقد رصدت روايات «نجيب محفوظ» الإنسان العربيّ في حركته وفكره ومواقفه وأنماط سلوكه وإحباطاته السياسيَّة؛ إذ نجد فيها صدىً لتمزُّق النفس العربيَّة، وتقلُّص المدِّ القوميّ، وانحسار الأحلام، وإجهاض الأماني والأحلام في الحريَّة والديمقراطيَّة والتقدُّم. ويعكس أبطال رواياته مواقف الإنسان العربيّ وشعوره المرِّ وانسحابه نحو الظلِّ؛ نتيجة لاغترابه وشعوره بضآلة موقعه الاجتماعيّ وبتفاهة وجوده، أو قلَّة فاعليَّته في المجتمع، وقد نتج عن ذلك شعور هذه الشخصيّات بالعجز عن التفكير وعن الرؤية وعن العمل على اتِّخاذ مواقف، كما نتج عن ذلك شعورها بالتشيُّؤ والدونيَّة والخضوع والرضا بما يُصنع لها من قوالب فكريَّة جاهزة بعد أن استُلِبت منها قواها ومقوِّمات ذاتيَّتها.
أما الاغتراب، فهو “سلوك بشريّ يُفرَض على الإنسان قهراً في معظم الأحيان”؛ ذلك أنَّه تُوجد هناك ثلاثة خياراتٍ أمام الإنسان إزاء واقعه: فإمَّا أن يخضع للواقع ويمتثل له، وإمَّا أن ينعزل عن المجتمع، أمّا الخيار الثالث فهو أن يغيِّر الواقع الذي يحيط به. وحيث أنَّه تُوجد فجوات عميقة في بنية المجتمع العربيّ تشكِّل هوَّة واسعة بين الحلم والواقع، وحيث أنَّ الواقع العربيّ السائد واقع مغرَّب يحيل الشعب إلى كائنات عاجزة لا تقوى على مواجهة تحديّات العصر. فإنَّه يبدو أنَّ العزلة واللاانتماء والانفصال عن الزمان والمكان والاغتراب هو قدر كلُّ من يملك قلباً مبصراً وعقلاً واعياً ولساناً صادقاً في مجتمع أعمىً زائف لا يعي، فطوبى للغرباء.