بقلم – لواء مهندس السيد نوار:
موضوعنا اليوم هو دعوة للتحلي بالوعي، واستعادته بعد أن فقدناه و المحافظة عليه. و هنا نتساءل……
ماذا يعني الوعي؟ وما ضرورته؟ وما صلتة بمحاولات التخلص منالتخلف والاستبداد والتبعية؟
الوعي يعني فهم الشيء وحفظه و فهمه والإحاطة به. و الانتقال إلى حالة اليقظة اليقظة و القدرة على الشعور بالذات لما ميزه به الله عز و جل عن الأشياء و المخلوقات الأخرى.
و هومعرفة يكتسبها الإنسان من مجتمعه، ومن تفاعله معه؛ وتترسخ هذه المعرفة بحيث تصبح محفوظة في اللاوعي، أي في العقل والشعور الباطن لدى الإنسان؛ ثم هي معرفة قابلة للنمو والتطور.
وإذا أضاف المسلم لهذه المعرفة من المجتمع والحياة، معرفته الأساسية التي يستمدها من الوحي- قرآنًا وسنة- فإنه يتكوّن لديه وعي متميز ومتمايز؛ إذ عنده ما يفتقده الآخرون الذين يقصرون وعيهم على الماديات وما تدركه الحواس.
و مما لا شك فيه أن التحلي بالوعي بات ضرورة ملحة؛ فالكوارث التي عشناها، والهزائم التي اكتوينا بنارها, سواء على مستوى الداخل من الاستبداد، أو الخارج من التبعية للغرب و ما عانيناه في ما سمي بثورة 25 يناير 2011 كان بسبب غياب الوعي المناسب لدى الشعب لمواجهة التحديات التي تواجه المجتع .
و الوعي المطلوب نوعان:
· وعي بالذات
· وعي بالآخر.
يشمل الوعي بالذات الوعي بالماضي، والحاضر، والمستقبل والوعي بالوطن و الأمة العربية و معرفة من نحن، وكيف نشأنا، وما مسيرتنا، ونقرأ و نعي تاريخنا جيدا نتفاعل معه ونستفيد من تجاربه حلوها و مرها، نتعلم من أخطائنا و نستفيد من نجاحاتنا فيه. و نأخذ من ماضينا زادًا ينير الدرب و نقوم خطواتنا، في مختلف المجالات، ندركه كما هو، دون تجميل أو تقبيح، ودون تهويل أو تحقير. إضافة للوعي بما يفرضه علينا واقعنا من قضايا واهتمامات وأولويات؛ حتى نحسن التعاطي معه، ولا ننفصل عنه.
بالآمال المروة، ودراسة الفرص المتوقَّعة، وبكيفية التعامل معها من خلال الإمكانات المتوافرة؛ حتى نجمع بين المثالية والواقعية في وسطية واتزان، ولا نجنح يمينا أو يسارا.مع الأخذ في الاعتبارأننا جزء من الأمة الإسلامية و جزء من الأمة العربية، ولا ننغاق على أنفسنا داخل أنفسنا.
الوطن، والأمة العربية، والإسلامية تتكامل ولا تتعارض. وتلك الحقيقة يدركها الغرب جيدًا، ويتعامل معنا على أساسها، رغم أن البعض منا لا ينظر أبعد من دائرته الضيقة، ويحسب أنه يستطيع النجاة بمفرده!
فمن المفارقات أن الأعداء يتعاملون مع الأمة الإسلامية على أساس أنها مجرد كيانات متعددة على أرضية واحدة؛ تتعامل مع بعضها ككيانات منفردة، لا صلة تربطها، ولا قانون يجمعها! ليتنا ننظر لأنفسنا كما ينظر الآخرون لنا!
ولا تستقيم معرفة الذات حتى نعرف الآخر، فيجب أن نعرف كيف يفكر الآخر، وما نقاط قوته وضعفه، وما عوامل التلاقي والحوار التي تجمعنا، وأسباب الاختلاف والنزاع التي تفرقنا. وهل “الآخر” كتلة مصمتة لا مفر من الصدام معه، أم هناك “آخر” يمكن الحوار والتفاهم معه على أرضيه مشتركة، و”آخر” غير ممكن معه ذلك.
لقد رفعن ابعد هزيمة 67 شعار “اعرف عدوك”؛ ورغم مُضِيِّ سنوات على الهزيمة النكراء التي تركت آثارًا عميقة في تاريخنا المعاصر، ورغم ما تلاها من محاولات للتعرف على الأعداء، من خلال إقامة مراكز أبحاث ودراسات علمية؛ فإن الواقع يشهد على أن معرفتنا بالآخر ليست بالمستوى المطلوب..
ولا ننسى أننا بالوعي انتصرنا في العاشر من أكتوبر 1973 بالوعي و العلم و في نشوة الانتصار فقدنا الوعي.إن الوعي يزيد وينقص، وليس أمرًا ثابتًا.. فقد يتوافر الوعي عند الإنسان في وقت ما، ثم ينحسر. وقد يتوافر الوعي بقضية ما دون قضية أخرى. وقد يوجد الوعي بدرجة لكنها درجة غير كافية.
فالوعي يزيد بالقراءة، والتجربة، واليقظة، والتأمل، وينقص بأضداد هذه الأمور؛ أي الجهل، وعدم الخبرة، والغفلة، وإهمال العقل .نحن بحاجة ماسة إلى الوعي الجمعي فواقعنا بلغ من التعقيد بحيث لا يستطيع فرد مهما كان أن يلم بخرائطه وتشابكاته. و هنا يتعاظم دور الإعلام و مراكز الأبحاث و المؤسسات الدينية
ولا يخفى علىنا أننا تعرضت لتجريف الوعي الذاتي و الجمعي، في العقود الأخيرة، لقيادات وبلا وعي أدت إلى تجريف الوعي عند أعداد وشرائح لا يستهان بها؛ بحيث أصبحت رؤيتها مشوَّشة، وطريقة إدراكها لذاتها، وقيمها، والعالم من حولها؛ طريقة غير سوية. الأمر الذي يستدعي مضاعفة الجهد ممن يشتغلون بالوعي، ويهتمون بتصحيح مساره.
إن قضية الوعي هي مسألة حياة أو موت و كفانا من عانته البلاد من خراب على يد أعداء الدين.
و نثمن الآن بعد ثورة الشعب في 30 يونيو المجيدة ما تقوم به القيادة السياسية ممثلة في الرئيس عبد الفناح السيسي في العمل على تنمية الوعي الجمعي و تدريب قيادات من الشباب لمستقبل مصر المحروسة
التعليقات مغلقة.