النساء فى حياة النبى
بقلم د : ابتسام عمر عبدالرازق
من منطلق أهمية دور المرأة كركيزة أساسية فى مختلف النواحى بإعتبارها صانعة الرجال ولا يخفى أنّ المرأة المسلمة قد شاركت في بناء الحياة الإسلاميّة بكافة أبعادها ومجالاتها الحيوية، وكان لها حضورها البيّن في مسيرة الإسلام الأولى، وتَرَكت بصماتٍ واضحةً في صفحات تاريخنا
والنساء في حياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم لم يكن فقط زوجات وأمهات، بل كن أيضًا مستشارات، ومعلمات، ومساندات لدعوته. كان لهن تأثير عظيم في نشر الرسالة الإسلامية وتقديم نموذج رائع للمرأة المسلمة, السيدةعائشة بنت أبي بكر رضي الله عنها كانت من أبرز الشخصيات النسائية في حياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم. ولدت في مكة المكرمة وتزوجت من النبي في سن مبكرة.
أصبحت السيدة عائشة واحدة من أكثر النساء علماً وفهماً في الإسلام، حيث نقلت العديد من الأحاديث النبوية وشاركت في تعليم المسلمين. كانت تتمتع بذاكرة قوية وفهم عميق، مما جعلها مصدراً هاماً للعلم والتشريع , وكانت أيضًا معروفة بذكائها وبلاغتها. قامت بدور كبير في نقل الفقه والسنة النبوية إلى الأجيال القادمة. ومن بين المواقف التي تُظهر دورها المميز في حياة النبي، أنها كانت مستشارة له في كثير من الأمور، وكانت تُشركه في المناقشات والنقاشات العلمية
وشاركت السيدة عائشة في غزوة بني المصطلق ورافقته فيها خلال هذه الغزوة، حدثت حادثة الإفك, وتعد حادثة الإفك من أكثر المواقف صعوبة في حياة السيدة عائشة. إذ اتهمها بعض المنافقين زوراً بخيانة النبي، ولكن الله سبحانه وتعالى أنزل آيات في سورة النور تبرئها، وأثبتت براءتها. كانت هذه الحادثة نقطة تحول وأظهرت مكانة السيدة عائشة الكبيرة في قلب النبي, كانت السيدة عائشة مصدرًا هامًا لنقل الحديث النبوي. روت العديد من الأحاديث عن النبي وتعلمت منه الكثير من أمور الدين. كانت تُعد مرجعًا للمسلمين في الأمور الفقهية والتشريعية.
كانت السيدة عائشة تُشاور النبي في كثير من الأمور. كانت تُعبّر عن آرائها بكل جرأة واحترام، وكان النبي يُقدر آرائها ويأخذ بها في كثير من الأحيان استمرت السيدة عائشة في تعليم الصحابة والمسلمين بعد وفاة النبى فقد قدمت نموذجًا رائعًا للمرأة المسلمة التي تجمع بين العلم والشجاعة والدعم لأهلها ولمجتمعه
والسيدة أم سلمة رضي الله عنها كانت بالفعل مستشارة حكيمة للنبي محمد ﷺ يوم صلح الحديبيةعندما رفض المسلمون تنفيذ بنود الصلح مع قريش، كان الرسول ﷺ في حالة من الحيرة. فجاء إلى خيمته، حيث كانت أم سلمة موجودة، وأخبرها بما يحدث. قدّمت له أم سلمة نصيحة حكيمة قائلة: “يا نبي الله، اخرج ولا تكلم أحداً منهم كلمة حتى تنحر بُدنك وتدعو حالقك فيحلقك ,واتباعاً لنصيحتها، خرج النبي ونحر بُدنه ودعا حالقه، فلما رآه المسلمون يفعل ذلك، بادروا لتنفيذ ما فعله النبي، فتم الاتفاق بنجاح وبدون حدوث أي اضطرابات, وهذا الموقف يُظهر كيف كانت أم سلمة رضي الله عنها تتمتع بحكمة وفهم عميقين، وكيف كانت تقدم المشورة الصحيحة في الوقت المناسب، مما ساهم في تحقيق السلام والهدوء في تلك اللحظات العصية
و السيدة خديجة رضي الله عنها مثالاً للدعم والإيمان العميق بزوجها النبي محمد صلى الله عليه وسلم. عندما نزل الوحي على النبي لأول مرة في غار حراء، كانت السيدة خديجة هي أول من آمن به وصدق برسالته. قدمت له الدعم العاطفي والمادي، وكانت تسانده في أصعب الأوقات.
كانت تؤمن بأن النبي محمد هو رسول الله حقًا، وكانت تصدقه عندما شك الناس فيه. وقفت بجانبه في المراحل الأولى الصعبة من دعوته، حيث كان يجابه العداء والشك من قريش. كانت السيدة خديجة تُعرف بحكمتها وحنكتها، وكانت توفر بيئة من الطمأنينة والدعم للنبي في بيته.
من المواقف التي تُظهر دعمها الرائع، أنها عندما رأته يخشى الوحي، طمأنته بقولها: “كَلَّا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ.”
لقد كانت السيدة خديجة شريكة حياة عظيمة، وساهمت بقدر كبير في دعم النبي محمد في مسيرته النبوية.
وكانت وفاتها مصيبة عظيمة على قلب رسول الله(صلى الله عليه وسلم) وقد تبعتها مصائب وكوارث تحمّلها النبي(صلى الله عليه وسلم) برباطة جأش وصبر على المكاره، حتى إنه(صلى الله عليه وسلم) سمى العام الذي توفي فيه أبو طالب وخديجة(عليها السلام) بعام الحزن
بعد فترة من هذا الحزن العميق، أكرمه الله برحلة الإسراء والمعراج، التي حملته من المسجد الحرام في مكة إلى المسجد الأقصى في القدس، ومن هناك صعد إلى السماوات, هذه الرحلة جاءت تطييبًا لقلب النبي وتأكيدًا على دعمه من الله عز وجل. تُعد هذه الأحداث نقطة تحول مهمة في حياة النبي ودعوته الإسلامية.
جاءت رحلة الإسراء والمعراج كتكريم إلهي للنبي، لتؤكد له على عظمة مكانته عند الله ولتعزيز ثقته وإيمانه. في هذه الرحلة، أُخذ النبي من المسجد الحرام في مكة إلى المسجد الأقصى في القدس، ثم صعد إلى السماوات العلى، حيث التقى بالأنبياء وتحدث معهم ورأى من آيات الله ما لا يراه غيره كانت الرحلة تذكيرًا للنبي بأنه ليس وحده، وأن الله معه في كل الأوقات
فقد فرضت الصلاة على المسلمين في هذه الرحلة، مما يبرز مكانتها الكبيرة كعِماد الدين وأحد الأركان الأساسية في الإسلام وكانت الرحلة تذكيراً بمكانة النبي محمد صلى الله عليه وسلم عند الله وتأكيدًا على دعمه الإلهي و ارتباط الإسراء بالمسجد الأقصى يربط المسلمين بوحدة الأمة الإسلامية ويعزز الشعور بالتضامن والتعاون, جاءت الرحلة في فترة من الحزن والضيق للنبي، مما يُظهر أهمية الصبر والثبات على الإيمان, وتشجع الرحلة المسلمين على التمسك بالقيم الروحية والأخلاقية والاعتماد على الله في كل الأمور
التعليقات مغلقة.