مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

النباشون في الشوارع.. بين مطرقة الحاجة وسندان الإهمال

تحقيق – سمية امين:

 

في ساعات الفجر الأولى، وقبل أن تصحو المدينة من نومها، يبدأ “عبدالله” يومه بين أكياس القمامة، يبحث بعين خبيرة عن زجاجة بلاستيكية، قطعة نحاس، أو أي شيء يمكن أن يبيعه لتأمين لقمة العيش. عبدالله ليس وحده. بل هو واحد من مئات، وربما آلاف، من النباشين الذين أصبحت رؤيتهم في شوارع المدن العربية مشهداً مألوفاً لا يخلو من الألم والأسئلة.

 

مشهد يومي يثير التساؤلات

 

بات مشهد النباشين وهم يغوصون في حاويات القمامة جزءاً من الحياة اليومية في كثير من الأحياء، خاصة الشعبية منها. البعض يحمل كيساً كبيراً، وآخرون يدفعون عربة صغيرة يجمعون فيها ما يجدونه من بقايا وأدوات مستعملة. وما إن تمتلئ حتى يتجهوا إلى تجار الخردة أو محلات إعادة التدوير.

 

ورغم ما يثيره المشهد من شفقة أحياناً، فإنه يثير أيضاً أسئلة ملحة حول الفقر، التهميش، والقصور  في التصدي لهذه الظاهرة.

 

قصص من أرض الواقع

وتصريحات لجريدة “مصر البلد الإخبارية” في حديثه معنا، قال ” ابراهيم “، وهو في الثلاثينات من عمره: “أنا مش حرامي، أنا بشتغل وأكسب من عرقي. مفيش شغل، ومفيش تعليم، القمامة هي رزقي الوحيد.”

 

أما “أم علي “، وهي سيدة فوق الخمسين، فتروي وهي ترتجف من الخوف: “أنا كنت بشتغل خدامة، بس لما كبرت في السن مبقاش في بيت يرضى بيا. دلوقتي بابني بياكل من ورا الزبالة.”

 

الظاهرة في أرقام

 

رغم غياب إحصائيات دقيقة، تشير تقارير منظمات محلية إلى أن هناك آلاف النباشين في المدن الكبرى، معظمهم من الفئات الأكثر فقراً، وبينهم عدد متزايد من الأطفال والنساء. وتُجمع هذه التقارير على أن الظاهرة تتنامى بشكل مقلق وان أكثرهم في شبرا الخيمه بمحافظة القليوبية.

أبعاد متعددة للمشكلة

 

قد يهمك ايضاً:

محافظ الغربية: ذبح 1431 اضحية داخل المجازر الحكومية خلال…

أتوبيسات هيئة النقل العام.. بطيئة ومترنحة ترهق الركاب

الجانب الصحي: النباشون عرضة لأمراض خطيرة نتيجة التعامل المباشر مع النفايات، منها التهابات جلدية، أمراض الجهاز التنفسي، وحتى إصابات بسبب أدوات حادة أو مواد كيميائية.

 

الجانب الأمني: في بعض الحالات، يتحول جمع القمامة إلى غطاء لأعمال سرقة أو تجارة غير مشروعة، ما يجعل النباشين موضع شبهة دائمة.

 

الجانب الإنساني: النباشون غالباً ما يتعرضون للتمييز الاجتماعي، بل وللعنف أحياناً من بعض المواطنين أو المسؤولين.

 

غياب جهات التنفيذية بمحافظة القليوبية

 

حتى الآن، لا توجد استراتيجية وطنية بمحافظة القليوبية واضحة لدمج النباشين في الاقتصاد الرسمي مثل دمجهم مع منظومة القمامة لجمعها  أو فرزها مقابل مادى  كما فعل محافظ الدقهلية اللواء طارق مرزوق  ، أو لتوفير بدائل عمل لهم. معظم المبادرات التي ظهرت كانت فردية

 

الحلول الممكنة

 

  1. تخصيص برامج لإعادة التدوير تشمل النباشين بطرق آمنة وتحت إشراف صحي وقانوني.

 

  1. تقديم دعم اجتماعي مباشر يشمل الغذاء، السكن، والرعاية الصحية.

 

  1. إطلاق حملات توعية مجتمعية لدمج النباشين في المجتمع بدلاً من وصمهم.

 

  1. سن قوانين تحميهم وتمنع استغلال الأطفال والنساء في هذه المهنة الخطرة.

 

 

النباشون ليسوا لصوصًا ولا خارجين عن القانون، بل هم ضحايا منظومة فشلت في احتوائهم. وجودهم في الشوارع هو صرخة صامتة تستغيث في وجه الجميع: ، المجتمع، والمحافظ  وحتى الإعلام. وبينما تتجه الأنظار نحو التكنولوجيا والمدن الذكية، يبقى في الخلف من يحفر في القمامة ليعيش.

 

أليس من حقهم أن نحفر نحن من أجل كرامتهم؟