مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

المُنْتظَر

بقلم  -صابر الجنزورى:

لعنت الحظ الذى أنساني غلق هاتفي قبل أن أنام أو أتركه على وضع الصامت ، فقد تعودت ذلك بعد أن عانيت من الاستيقاظ فى أوقات  أكون فيها مستغرقا فى النوم بعد يوم حافل بالتعب والإجهاد ،فأستيقظ على ضجيج الهاتف ولا أستطيع النوم بعد ذلك وأتحايل عليه بعد ذلك بشتى الطرق وأضرب فى رأسي وألوم نفسي وحظى لكن لا فائدة وأستسلم للسهر وأبدأ بعد الفجر فى إحتساء القهوة وأذهب إلى عملي وأنا فى ضيق وضجر .

لكن هذه الليلة كانت ليلة ليلاء ومختلفة وهذه النوبة من الصحيان كانت تستحق الإنتباه وتستحق السهر فما أطال النوم عمرا ولا قصر فى الأعمار طول السهر.

وكأن نسياني هاتفي مفتوحا كان ترتيبا ربانيا للحاق بالحدث الجلل الذى أيقظني صاحبي الملحد لمشاهدته ورغم أنى حاولت تجنبه بعد إلحاده لكن لا جدوى فهو يرى فيَّ صاحبه الذى يرتاح إليه وينصت له ولم أكن قد أغلقت الباب كاملا ولكن تركته مواربا لعلي أكون سببا لعودته لإيمانه ، وبدون سلام أو مقدمة باغتني قائلا:

_ أنت نايم والدنيا مقلوبة على الهوا والقيامة هاتقوم ، إصحى ، قلت لى أننا فى نهاية الزمان والدجال على وشك الظهور والمهدى قادم والمسيح سينزل وكنت أسخر منك وأخدك على قد عقلك وأقول لك : دعك من الخرافات ..

قاطعته منفعلا وأنا أفرك عيني ومازلت فى حالة دهشة

– الله لا يسامحك يا سامح ، هو كل الملحدين مثلك عندهم بلادة ولا يشعرون بظروف بالناس؟ أنت عارف أنى أنام بدري وأعود من عملي مجهدا وحذرتك قبل ذلك ألا تتصل بي بعد العاشرة مساء.

وجدته بضحك ولا يبالي ووجه لى ضربة قاضية مفاجئة

– ظهر المسيح وأنت نائم تأكل الأرز مع الملائكة ؟

– أنت تهرج

– والله لا أهرج  ، إفتح التلفزيون على أي قناة ، كل القنوات تنقل الحدث على الهواء ؟

استوقفني قسمه

– أنت قلت ” والله ” ؟

أعاد قولها دون أن يشعر

– أه والله ، الكلام جد !

– أنت رجعت عن الإلحاد أم عرفت أن الله حق وخفت .. يا جبان؟

– إلحاد إيه يا عم ..ألحق نفسي أفضل،

كل شيء خلا الله باطل!

– يا نهارك أسود ، انت قلبت وأصبحت مؤمن وصوفي ؟

– يا صاحبى شاهد التلفزيون وأنت تعرف أن معي حق.

تناولت الريموت الذى أضعه على الكومود  وضغطت على زر الفتح وبدأت أشاهد ونحن مازلنا نتحدث ولم ننه المكالمة بيننا.

قلبت فى القنوات ، كلها تنقل الحدث.

شيء أبيض فى السماء كالبيت ، يشبه الكعبة ولكن يغطيها لون الثلج ورجل فى ثوب أبيض فى صورة المسيح يرفرف بجناحين كملاك وهو فوق البيت وكأنه على بساط ريح سليمان، والأقمار الصناعية تتابع حركاته وكل معلق على الحدث فى كل قناة فضائية يتحدث فى حماس وإثارة وتشويق ويتلو آيات وأحاديث آخر الزمان من كل الكتب السماوية.

اردف سامح قائلا

– هل صدقت ؟

وجدت نفسي أعترض وقلت

– ينبغى أن يظهر الدجال أولا.

– ياعم مؤمن ، يظهر الدجال او المهدى او المسيح ، لا فرق عندي ، نحن الأن على وشك النهاية،

ولا أحد يفهم شيئا !

– يارب سلم

– تفتكر هو ها ينزل فين ؟

– ماذا تقصد ؟

– يعنى ها ينزل عند مين ؟

– سامح : هل عدت للشك والإلحاد بهذه السرعة ؟

قد يهمك ايضاً:

أينشتاين يسقط في جاذبية الحب “تجربة أدبية هجينة بين…

من كتاباتي القديمة ..مونولوج غلبت 

– أبدا والله ، ربنا فوقني وأتكلم جد

– طيب ،تقصد إيه ؟

– يا مؤمن : اليهود ينتظرون المسيح ولا يؤمنون أنه جاء قبل ذلك ومازالوا ينتظرونه للمرة الأولى ويقولون أنه ملك اليهود والسلام المنتظر 

والمسيحيون ينتظرون المجيء الثانى ،

والمسلمون ينتظرون نزوله مع المهدى وبيقولوا أنهم ها يصلوا مع بعض .. أليس كذلك ؟

– نعم البعض يقول ذلك وينسبها لأحاديث الله أعلم بصحتها وربما تكون غير صحيحة ؟

– عظيم ، يبقى ها ينزل فين ولمين وعند مين ؟

– الله يخرب بيت دماغك ، كمل..

– لو نزل فى مكة عند الكعبة يبقى نزل للمسلمين، واليهود والمسيحيين ها ينكروه

ولو نزل فى كنيسة المهد يبقى نزل للمسيحيين، والمسلمين واليهود ها ينكروه،

وطبعا اليهود ينتظرون نزوله عند القدس ويستغلوا وهم الهيكل وحائط المبكى ليسرقوا النزول وينسبوه لهم ويسرقون الليلة كما سرقوا القدس نفسه من قبل وبذلك المسلمين والمسيحيين ها يقولوا انه الدجال لأنهم متحدين معا ومعترفين أن الدجال سيخرج لليهود وليس المسيح ..إيه رأيك بقى ؟

– يا بني أنت بتجيب افكارك السودة منين،هو له علامات وسوف ينزل لكل الناس..

قاطعنى

– ما كنش ربنا قال

وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته

، يعنى ليس كل الناس، بمعنى أن هناك من ينكره ولا يؤمن به، مش يمكن ما نراه الأن هو الدجال ؟ واسترسل مفزوعا : إلحق بسرعه شاهد بعض القنوات تنقل مشاهد للناس فى كل العالم ، نزلوا من بيوتهم على الكنائس والمساجد والمعابد حتى فى الهند والصين !

وسأل : إيه علاقة الهند والصين وضحك ؟

– الهنود عندهم بوذا سوف ينزل والصينيين عندهم كونفوشيوس سوف ينزل وكل أمة عندها المخلص وينتظرون قدومه ليخلصهم من الظلم ويحقق العدل والسلام وكلهم يصبحوا أغنياء !

اوشك الفجر على الإقتراب ، فتحت نافذة شرفتي ، هالني ما رأيت ؟

الناس تهرول فى الشوارع وتتداخل الأصوات لدرجة الفزع ..

جاءنى صوته خائفا

– انا خائف ، يظهر القيامة ها تقوم .

لا أدرى لماذا لم أشعر بالخوف مثله ولماذا لم أقلق ولماذا أضحك وأنا أشاهد كل شيء على الفضائيات وفى الشوارع ، كنت أشعر بنوع من السكينة ، فكرت فى كلام سامح ، وجدت كلامه قريب من المنطق ،حقا ماذا لو نزل أو جاء المخلص أو المنتظر أو المسيح ؟ لمن سوف ينزل ؟

تنبهت لكلام سامح الذى مازال معي على الهاتف ، تغيرت نبرة صوته وسأل :

– هل ترى ما أراه ؟

كان البيت الأبيض يتصاعد إلى السماء وتشكلت سحابة جديدة يتوسطها القمر

هتف المعلق وهو يشير إلى القمر

ها هو المخلص ؟

7 يونيو2021

ملاحظة

نص المنتظر أعتبره الجزء الثانى لنص

” القادم من السماء ” الذى كتبته منذ سنوات.

وهذا هو رابط نص ” القادم من السماء “👇👇

https://m.facebook.com/groups/1124401147626077/permalink/1170439756355549/

Icon for this message’s header