هل تعلم يابني ماهو أبشع من الموت؟
سأجيبكَ أيضا هذه المرة لكن بشرط أن لاتقاطعني كعادتكَ؟
عندما يزولُ شغفكَ وتفقدُ حلمكَ في منتصفِ الرحلة، عندما تستسلم لقطار أحزانكَ وتجلس في حجرة مظلمة متقوقعا في جسدكَ واضعا رأسكَ في حِجركَ لتحجب عن نفسكَ أشعة الشمس والعيون، أسوأ لحظة يابني عندما تقف عاريا في وسط الطريق فيتلبسُكَ اللون الرمادي رغما عنكَ، فتكتب لنفسكَ شهادة وفاتكَ وأنت علي قيد الحياة! أليس ذلك أبشع من الموت!
ولكني أعرفك جيدا وأعلم مدي صلابتكَ، وأنك في مرحلة التطهر ورفع آثار العدوان، تحاول أن تنفض الغبار عن رأسكَ، بحثا عن اللون الأبيض حتي تعود لطبيعتكَ وبراءتك، التي حاولوا عبثا اغتيالها بسيف الخديعة والكذب والتزوير والخيانة ليخلقوا منك مسخا كأذنابهم، لكنكَ وبدون تردد حسمتَ الأمر واخترت أن تخسر كل شئ إلا رجولتكَ، تاركا الأمر برمته لقاضي السماء راضيا بالابتلاء موقنا من العدالة الإلهية التي لا تغفل ولاتنام وقصاصه العادل.