بقلم – علي بنه:
تلملم الشمس ضوءها الاخير استعدادا للرحيل, يسير في خطوات متماوجة, فرضها زحام المكان, عرج من شارع الازهر لشارع المعز لدين الله الفاطمي, حجارة البازلت رصفت ارضه, يضيق في اماكن ويتسع في اخرى وينحني في البعض منه.
انتشرت محال المشغولات المعدنية على جانبيه, يتخللها بعض محال العطارة والمقاهي, يخرج النادل منها بطربوشه وجلبابه, حاملا صينية عليها مشاريب ليوزعها على اصحاب المحال,زحف الليل ليبدد اّخر ضوء للنهار, تضاء مصابيح الشارع والمباني والمقاهي والمحال, في الوان مختلفة,تتدرج مابين الخافت والساطع, انعكس بعضها على جدران المباني, في تنظيم مقصود, فيبدو الشارع في ثوب جديد ساحر, يخالف رداء النهار.
تنتشر ا فراد وجماعات التاس في فوضى , تنظمها وتبتلعها جدران المباني الاثرية, الواقفة في كبرياء وشموخ شاهق, بلونها الذي يميل للصفرة , على جانبي الطريق, في طرزها المعمارية ومقرنصاتها ومشربياتها الخشبية, شاهدة على زمن مضى,
يتلفت يمينا ويسارا في انبهار, حتى بدت راسه وكانها بندول ساعة
هاهي مجموعة من الشباب تعزف على اّلات الجيتار اغاني, يرددها الواقفون حولهم, مجموعة اخرى في زي يميزها, تقوم باستعراض لالعاب ورقصات شعبية,يشاركوهم بالتصفيق من التف عليهم, انتشرت بعض النسوة السودانيات والنوبيات في اماكن متفرقة, يزخرفن ايادي النساء والفتايات بالحناء, شباب يلعب الكرة .
يفتش في وجوه الناس ,هم يختلفون في الدين والملبس والجنسيات, ويتفقون في الابتسامة وعلامات السعادة, يواصل سيره, يترامى لسمعه صوت ام كلثوم ينبعث من احدى المقاهي , فينتشي لها وكانه يسمعها لاول مرة , ثم احدى اغاني الهرجانات ,في غوغائية تتبدد في سحر المكان, يقرأ لافتات علقت على المباني.
قية الصالح نجم ايوب, مسجد السلطان الاشرف, بيت الشاعر, مسجد وسبيل وكتاب المطهر, مدرسة الظاهر بيبرس البندقداري, مستشفى رمد قلاوون, مجموعة السلطان قلاوون, مدرسة النحاسين الاميرية, مدرسة وقبة السلطان الناصرمحمد بن قلاوون, قصر الامير بشتك, درب قرمز, شارع الخرنفش, مسجد وكتاب وسبيل سليم اغا السلحدار, الجامع الاقمر, شارع امير الجيوش البراني, بيت السحيمي, درب الوراقة, زاوية ابوالخير الكلباتي, كانت لهذه الاسماء وقعها على نفسه, فغاصت ذاكرته في احداث التاريخ, التي نهضت من تحت ركامها, ليعيشها وكانه جزء منها .
وصل لنهاية الشارع, يجد باب الفتوح بضلفتيه, فتبدو قوية لم ينل الزمن منها, وعلى يمين البوابة يشاهد ضريح صغير, اسفل الارض بعدة درجات من السلم, كتب عليه, ضريح العارف بالله سيدي الدوق, يساله احد المارة قائلا .
— من فضلك منين اروح لباب الشعرية؟
— ايه اللي جابك هنا , ديا في القاهرة
— ههههههههه هههههههههههه هههه
— اوووووووووه انا اّسف, من هنا على اليسار بعد ما تخرج من البوابة