المصريون …. بين الأصالة والتغيير (1)
بقلم دكتور – هشام فخر الدين:
مما لا شك فيه أن التغيير سمة أساسية للمجتمعات الإنسانية على كافة الأصعدة، فالتغير ظاهرة عامة.
حيث إنه يعبر عن تحول بنائي يطرأ على المجتمع، في تركيبه السكاني ونظمه ومؤسساته وظواهره الاجتماعية والعلاقات بين أفراده وأنماط التفاعل الاجتماعى، وما يصاحب ذلك من تغيرات ثقاقية في القيم والاتجاهات وأنماط السلوك المختلفة، والتي تعد ركناً أساسياً من أركان النسق الثقافي للمجتمعات.
وقد توالت التغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية على المجتمع المصري، خلال العقود القليلة الماضية، والتى أدت إلى حدوث تغيرات جوهرية فى بنية ووظائف المؤسسات الاجتماعية المختلفة، وظهرت آثار هذه التحولات بشكل ملموس في المجتمع منذ ثمانينيات القرن العشرين، إلا أن تسارعت وتيرتها مع مرور المجتمع بتحولات كبرى في مرحلة ما بعد ثورة 25 يناير 2011.
بالإضافة إلى ما نتج من آثار لثورة الاتصالات والمعلومات، والتي أحدثت تقارباً ثقافياً بصفة خاصة بين الدول المتقدمة والنامية، مما أثر سلباً على مؤسسات التنشئة الاجتماعية والنفسية واستبدالها بمؤسسات أخرى موجهة للهدم وترسيخ ثقافة العنف. حيث أضحت الأسرة المعاصرة لاعتبارها أهم تلك المؤسسات في مهب كافة المتغيرات والمؤثرات الإقليمية والعالمية، مما جعلها تقع بين جذور وقيم وتراث يشدها ومستحدثات عصرية استهلاكية وإعلامية وثقافية وترويحية تجذبها سواء كانت ملائمة لخصوصيتها وهويتها الثقافية أو غير ملائمة لأسلوب حياتها ومستواها الاقتصادي.
ونتاج ذلك ما وصل إليه المجتمع المصرى من أزمات أخلاقية، وواقع مؤلم من أجيال نشأت وتربت من خلال وسيلة قادرة على البناء والهدم في آن واحد، تلك التي أضحت البديل الحقيقى للأسرة كمؤسسة أولية للتنشئة الاجتماعية والنفسية، نتيجة الظروف المجتمعية وطغيان المادة والبراجماتية في ظل عالم أضحى مادى براجماتى من الدرجة الأولى.
فكان البديل فنانى البلطجة فى شتى ألوان الدراما والسينما، فقد انتشر القتل، والإنتحار والإغتصاب، والخطف، وتجارة الأعضاء، والتحرش، والتنمر، والسرقة، بشكل متسارع فى مجتمعنا المصرى الأصيل ذو الثقافة والحضارة العريقة الممتدة عبر آلاف السنين. الذى صدر للعالم أجمع ثقافة، وعلم، وأخلاق، ودين. ذلك حينما كانت الأسرة المصرية تقوم بدورها فى التربية والرعاية والمراقبة. وكان مفهوم العيب والخطأ والثواب والعقاب من الأسس التي تقوم عليها التربية.
ونتيجة لثورة المعلومات والاتصالات والعولمة وشيوع النفعية وطغيان المادة تخلت الأسرة عن دورها بسبب دورة الحياة، والإنشغال بتوفير لقمة العيش نهاراً وليلاً وتركت الأمور للإعلام والفضائيات تنشر الجريمة بتفاصيلها، وعلاقات الحب مقترنة بالجريمة، ونشر تفاصيل الإنتقام ممن يحب، أو من صديق مع نشر الخيانة، واعتبارها حق مشروع، والبلطجة على أنها سمة العصر. وإظهار من يتمسك بالعادات والتقاليد والأعراف ضعيفاً مهزوماً مرفوضاً فى المجتمع وضائع حقه.
التعليقات مغلقة.