مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

المصادر الأولية للطاقة في العالم – الفحم الحجري

بقلم – الدكتور على عبد النبى:

قبل نزول سيدنا “آدم” إلى الأرض، تعلم من رب العزة الأسماء التى يحتاج إليها فى أولويات الوجود ويستخدمها في متطلبات حياته على الأرض، والنار هى أحد هذه الأسماء. والنار هى أحد أهم هذه الاكتشافات الموجودة على الأرض إن لم تكن أهمها على الإطلاق. ومنذ بدء الخليقة على الأرض، سعى البشر إلى موارد الأرض لتزويدهم باحتياجاتهم، سواء كان ذلك وقوداً للطهى أو التدفئة أو الطاقة. وكان الخشب والفحم من أهم مصادر الطاقة للإنسان الأول.

الفحم اسم يطلق على نوعين أساسين من المواد الكربونية، هما الفحم النباتى والفحم الحجرى. والفحم الحجرى والغاز الطبيعى والبترول يشكلان مصادر أولية للطاقة تحت مسمى “وقود أحفورى”.

قبل اكتشاف البترول كان الفحم بنوعيه الحجرى والنباتى هما مصدر الطاقة الحرارية الوحيد فى العالم، حيث استغل فى الطبخ والتدفئة وكوقود للقاطرات فى عصر الآلة البخارية.

مع زيادة الطلب على الطاقة بعد الثورة الصناعية، ومع اكتشاف البترول، وبسبب المشاكل والصعوبات التى ترافق الفحم الحجرى من لحظة استخراجه وحتى أثناء استعماله والتلوث الذى يسببه، بدأت كثير من التطبيقات تستخدم البترول بدلا من الفحم الحجرى. يستخدم الفحم الحجرى فى محطات توليد الكهرباء (ينتج ثلثى الكهرباء المنتجة فى العالم) وفى الصناعة وفى إنتاج فحم الكوك وهو مادة خام تستخدم فى صناعة الحديد والفولاذ.

يوجد نوعان من الفحم النباتى وهما فحم الخشب وفحم العظام أو ما يسمى “الفحم الحيوانى”، والفحم النباتى  يصنَع بتسخين الخشب أو العظم بمعزل عن الهواء “التقطير الإتلافى”. ويحتوى على كميات ضئيلة من الشوائب مثل مركبات الكبريت والهيدروجين.

الفحم الحجرى هو صخر أسود أو بنى اللون وغالبا يكون أسود، يوجد فى طبقات الأرض فى أماكن معينة، يتكون أساساً من الكربون بنسبة تتراوح من 70% الى 90%، ونسب متفاوتة من عناصر مثل الهيدروجين والكبريت والنيتروجين وعناصر أخرى. أنواع الفحم الحجرى تختلف حسب المحتوى الكربونى فيها وهم:

  • فحم المستنقعات “الخث” Peat، ويكثر انتشاره فى المستنقعات وفى الغابات. بمرور الوقت، غالباً ما يكون تشكيل الخث الخطوة الأولى فى التكوين الجيولوجي لأنواع الوقود الأحفورى الأخرى مثل الفحم، خاصة الفحم منخفض الدرجة مثل الليجنيت.
  • فحم الليجنيت أو الفحم البنى Lignite، يعتبر الأقل جودة وصلابة عن باقى أنواع الفحم الحجرى الأخرى لاحتوائه على نسبة الكربون فيه قد تصل إلى 70 %.
  • الفحم البيتومينى  Bituminous، وهو يحتوى على نسبة من الكربون تصل إلى 80 %، وتعتبر صلابته وجودته متوسطة.
  • فحم الأنثراسيت Anthracite، وهو يحتوى على نسبة من الكربون تصل إلى 90%، ويعد هذا النوع هو الأكثر صلابة وجودة.
  • الفحم البخارى Steam coal، وهو درجة بين الفحم البيتومينى وفحم الأنثراسيت، وكان يستخدم على نطاق واسع كوقود القاطرات البخارية.
  • الجرافيت Graphite، وهو واحد من الفحم الأكثر صعوبة فى الاشتعال ولا يستخدم كوقود، وهو الأكثر استخداما فى أقلام الرصاص، وكمسحوق فى التزييت.

الفحم الحجرى، هو المصدر الثانى للطاقة الأولية فى العالم (حوالى 30٪) بعد البترول (حوالى 32.9%)، وهو يستخدم فى الغالب لتوليد الطاقة الكهربائية. الفحم الحجرى يهيمن على الساحة العالمية للطاقة بسبب وفرته، وأسعاره المعقولة وانتشار مناجم الفحم على نطاق واسع فى جميع أنحاء العالم.

كانت نسبة مشاركة الفحم الحجرى 38% فى إنتاج الطاقة الكهربائية التى أنتجت على مستوى العالم عام 2017 وهى بقيمة 25.57 الف تيرا وات ساعة، والطاقة المتجددة شاركت بنسبة 25%، والغاز الطبيعى بنسبة 23%، والطاقة النووية بنسبة 10%، والبترول بنسبة 4%.

قد يهمك ايضاً:

أنور ابو الخير يكتب : مدرسة جبر الخواطر

أنور آبو الخير يكتب: بين طيات الحزن

عام 2017، ارتفع استهلاك الفحم الحجرى بنسبة 1٪، بعد عامين من التراجع، حيث انخفض الطلب على الفحم بنسبة 2.3 ٪ فى عام 2015  و2.1 ٪ فى عام 2016، نتيجة انخفاض الطلب فى قطاع الطاقة الكهربائية فى الأسواق الرئيسية مثل الصين والولايات المتحدة. وكان الدافع وراء انتعاش الطلب على الفحم فى عام 2017 هو زيادة الطلب على الفحم لتوليد الكهرباء، مما أدى إلى ارتفاع الطلب على الفحم بالنسبة للطاقة الكهربائية بنسبة 3.5٪ تقريباً مقارنة بالعام السابق، فى حين انخفض استخدام الفحم العالمى فى الصناعة والمبانى.

احتياطى الفحم الحجرى العالمى حسب تحديثات عام 2017 هو 1035.012 مليار طن، تأتى أمريكا فى مقدمة الدول المصنفة عالميا ذات الاحتياطى الكبير بقيمة 250.9 مليار طن، ثم روسيا 160.4 مليار طن، واستراليا 144.8 مليار طن، والصين 138.8 مليار طن، والهند 97.7 مليار طن، وألمانيا 36.1 مليار طن، وأوكرانيا 34.4 مليار طن، وبولندا 25.8 مليار طن، وكازاخستان 25.6  مليار طن، وإندونيسيا 22.6 مليار طن، وجنوب أفريقيا 9.9 مليار طن.

عام 2017، ارتفع الإنتاج العالمى للفحم بقوة أكبر (3.2٪، 147 مليون طن)، مدفوعاً بارتفاع ملحوظ فى كل من إنتاج الصين (3.6٪، 78.4 مليون طن) والولايات المتحدة (6.9٪، 32.2 مليون طن). ومن المثير للاهتمام أن الزيادة فى إنتاج الولايات المتحدة جاءت على الرغم من الانخفاض الإضافى فى الاستهلاك المحلى، مع قيام منتجى الفحم الأمريكيين بزيادة الصادرات إلى آسيا.

انتاج الفحم العالمى فى نهاية عام 2017  وصل إلى 5276.04 مليون طن، تصدرت الصين انتاج الفحم للدول ذات الاحتياطى الكبير بمقدار 2446.08 مليون طن، ثم أمريكا 519.82 مليون طن، استراليا 416.36 مليون طن، الهند 411.88 مليون طن، اندونيسيا 380.24 مليون طن، روسيا 288.82 مليون طن، جنوب أفريقيا 200.2 مليون طن، بولندا 69.44  مليون طن، كازاخستان 67.06 مليون طن، ألمانيا 55.44 مليون طن، أوكرانيا 20.16 مليون طن.

تعزيز كفاءة موارد الطاقة تعنى اتخاذ إجراءات وقائية لتوفير الطاقة وإيجاد طرق لتوليد الكهرباء دون حدوث أى مخاطر بيئية، ومع الأخذ فى الاعتبار التأثيرات البيئية الناتجة عن استخراج وتعدين الخامات الأولية والنفايات والانبعاثات الملوثة الناتجة عن استخدام تلك المصادر.

الفحم الحجرى هو أكبر مصدر لانبعاثات ثانى أكسيد الكربون CO2 على مستوى العالم. فقد تسبب فى انبعاث ما مقداره 8.7 جيجا طن من ثانى أكسيد الكربون عام 1999، و14.4 جيجا طن عام 2011.

فى عام 2017 زادت انبعاثات ثانى أكسيد الكربون المرتبطة بالطاقة العالمية بمقدار 460 مليون طن أى  بنسبة 1.4٪، لتصل إلى مستوى قياسى بلغ 32.5 جيجا طن. بيد أن الزيادة فى انبعاثات ثانى أكسيد الكربون لم تكن عالمية. فى حين شهدت معظم الاقتصادات الكبرى ارتفاعاً، شهدت بعض الدول الأخرى انخفاضاً، بما فى ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والمكسيك واليابان. جاء أكبر انخفاض فى انبعاث ثانى أكسيد الكربون من الولايات المتحدة، حيث انخفض بمقدار 0.5% أو 25 مليون طن ليصل الى 4.81 جيجا طن، ويرجع ذلك أساسا إلى زيادة نشر مصادر الطاقة المتجددة. فى المملكة المتحدة، انخفضت انبعاثات ثانى أكسيد الكربون بنسبة 3.8٪، أو 15 مليون طن، ليصل إلى 350 طن، وهو أدنى مستوى منذ عام 1960. فى اليابان، انخفضت انبعاثات ثانى أكسيد الكربون بنسبة 0.5٪، نتيجة زيادة توليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة والمحطات النووية. فى المكسيك، فقد أدى التحول المستمر بعيداً عن استخدام الفحم الحجرى إلى انخفاض انبعاثات ثانى أكسيد الكربون بنسبة 4٪.

وبشكل عام، شكلت الاقتصادات الآسيوية ثلثى الزيادة العالمية في انبعاثات الكربون. كان نمو اقتصاد الصين حوالى 7٪ في العام الماضى، لكن الانبعاثات زادت بنسبة 1.7٪ فقط (أو 150 مليون طن) بفضل انتشار الطاقة المتجددة وسرعة تحويل الفحم إلى غاز. وصلت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون فى الصين فى عام 2017 إلى 9.1 جيجا طن، أى أعلى بنسبة 1٪ تقريباً من مستواها في عام 2014. وفى حين بلغ الطلب على الفحم فى الصين ذروته فى عام 2013، ازدادت الانبعاثات المرتبطة بالطاقة رغم ذلك بسبب ارتفاع الطلب على النفط والغاز. زادت انبعاثات ثانى أكسيد الكربون فى الاتحاد الأوروبى بنسبة 1.5٪، أو ما يقرب من 50 مليون طن، مما عكس بعض التقدم المحرز فى السنوات الأخيرة ويرجع ذلك أساسا إلى النمو القوى فى استخدام البترول والغاز.

محطات توليد الكهرباء التى تستخدم الفحم الحجرى ينتج عن تشغيلها حوالى 909 كيلو جرام من ثانى أكسيد الكربون لكل ميجاوات ساعة، وهو حوالى ضعف ما تنتجه محطة كهرباء تعمل بالغاز الطبيعى والمقدر بـ 500 كيلو جرام لكل ميجاوات ساعة.

ما يلفت النظر: أنه على الرغم من النمو الهائل فى مصادر الطاقة المتجددة فى السنوات الأخيرة، والجهود الكبيرة التى تبذلها السياسة العالمية لتشجيع التحول عن الفحم الحجرى إلى وقود أنظف وأقل كربون، لم يكن هناك أى تحسن تقريباً فى مزيج الوقود فى قطاع توليد الكهرباء على مدار العشرين عاماً الماضية، حيث بلغت حصة الفحم فى عام 1998 نسبة 38%، وهى نفس النسبة بالضبط فى عام 2017. وهو نتيجة الزيادة السنوية فى توليد الطاقة الكهربائية، فقد ارتفع توليد الطاقة الكهربائية العالمى فى عام 2017 بنسبة 2.8 ٪.

 

أشكركم، وإلى أن نلتقى فى مقالة أخرى لكم منى أجمل وأرق التحيات.

 

 

 

 

 

اترك رد