بقلم المستشار: وليد رضوان
العالم والجاهل، حقيقة تحتاج إلى تأمل وتعمق فكري للوقوف على مضمونها ومعناها، وهذا يحتاج إلى غوص في فهم الفرق بينهما ولا أقصد هنا فضل أحدهما على الآخر ، ففضل العالم على الجاهل معلوم عبرت عنه كلمـات يسيرة قالها النبي – صلى الله عليه وسلم -, زاد وزنها على وزن ما قالته جويرية – رضي الله عنها -. ألا ترى إلى العالم يعـمد في صدقته إلى قريب له فقير فيتصدق عليـه، فينال أجر الصدقة، وأجر الصلة بإذن الله. والجاهل همه أن يتصدق فحسب، فلا يحصل إلا على أجر الصدقة فقط. ، وغيرها من الأحاديث والأقوال في فضل العالم على الجاهل أو فضل العالم على العابد.
لكن المقصود هنا في الفرق بين العالم والجاهل مضمون تصرف كل منهما، فالجاهل إذا تصرف خطأ فله عذره لجهله حتى يتعلم، لكن الإشكالية الأخطر هي تصرف صاحب العلم والمعرفة والوعي والثقافة والمبادئ والقيم والاخلاقيات الراقية، تصرفا ينافي أسس العلم والقيم والأخلاق، فيظن الجاهل أنه على صواب عندما يفعلها تقليدا لأهل العلم والمعرفة.
فالعلم نهانا عن الكذب وشهادة الزور والتدليس والخداع والرشاوي والسرقة والنصب وأكل أموال الناس بالباطل والربا ……..إلخ أيا كان الأمر أو الوضع الذي وضع فيه المرء مع حفظ الحق في الاستثناءات المحصورة والمعلومة وفق القران والسنه النبويه على سبيل المثال في حال الاضطرار بالنسبة للكذب والسرقة اضطرارا وهذه استثناءات لا يقاس عليها ولا يجوز التوسع فيها .
لكن الخطورة تكمن فى تصرف بعض أهل العلم أو من ظن الجاهل أنهم أهلا للعلم لاعتلاءهم المنصة والتحدث بلغة أهل العلم، وذلك حينما يفعلون تصرفا يخالف ما يقولون، فهم يقولون الرشوة حرام ويدفعونها لنيل منصب من المناصب أو لتخليص مصلحة من المصالح، والكذب حرام ويفعلونه تحت مسمى السياسة، والسرقة تحت مسمى الاضطرار وكروشهم باتت بألاف الامتار أمامهم، والنصب والاحتيال تحت مسمى رضا المنصوب عليه والانجراف وراء الطمع، وخلافه من مسميات لا حصر حتى بات الجاهل يظن أنه على صواب وحتى شيع القول حول أهل العلم …”حرص منهم دول يأكلون مال النبي ويحلون بالصحابة” .
فالحقيقة يجب على المرء أن يضع نصب أعينيه الثوابت والقيم والمبادئ والاخلاقيات دون الأشخاص، ولأن الأمر بات خليطا ممزوجا فقد اختلط الحابل بالنابل وللاسف المسئولية أشد على أهل العلم والمعرفة من الذين يجهلون الحكم .
فيمن تعلمتم وتعظمتم وباتت الكلمة بين أيديكم أمانة اتقوا الله في تصرفاتكم.
التعليقات مغلقة.