كتب : مريم أحمد
شهد المتحف المصري الكبير، الذي افتتح مؤخراً في احتفالية عالمية ضخمة، توافداً جماهيرياً غير مسبوق من المصريين والسياح الأجانب، حيث سجلت الأيام الأولى للافتتاح الرسمي أرقاماً قياسية في عدد الزوار.
وتوافدت الآلاف من مختلف الجنسيات على أبواب الصرح الثقافي الجديد، الذي يُعد أكبر متحف أثري مُغطى في العالم، رغبةً في استكشاف كنوز الحضارة المصرية التي تُعرض لأول مرة بشكل متكامل وحديث، مؤكدةً الشغف العالمي الذي تثيره الحضارة المصرية القديمة.
كانت قاعة الملك الذهبي توت عنخ آمون هي النقطة الأكثر جذباً للزوار، إذ تضم لأول مرة أكثر من خمسة آلاف قطعة أثرية من مقتنياته الثمينة تُعرض كاملة تحت سقف واحد. لكن تجربة الزوار تبدأ من البهو العظيم حيث يستقبلهم تمثال رمسيس الثاني الضخم، الذي يزن أكثر من 83 طناً ويقف بارتفاع يتجاوز 11 متراً كأول إعلان عن عظمة ما ينتظرهم. كما يقف الدرج العظيم كتحفة معمارية تعرض على جانبيه تماثيل ضخمة لملوك وأباطرة مثل سنوسرت الثالث وتحتمس الثالث، ليروي تسلسلاً زمنياً للحضارة أثناء صعود الزائر.
ويتميز المتحف بأسلوبه المنهجي في العرض، حيث يضم حوالي 100,000 قطعة أثرية تمتد عبر عصور الحضارة المصرية. ولا تقتصر الإثارة على التماثيل العملاقة، بل تشمل أيضاً القطع النادرة والمجمعات المتكاملة.
ومن أبرز المناطق التي تشهد اهتماماً كبيراً هي قاعة مراكب خوفو الشمسية، التي تعرض المركب الشمسي الأول الذي اكتشف بجوار الهرم الأكبر، وهو من أقدم وأعظم السفن في التاريخ. كما يخصص المتحف مسارات زمنية وموضوعية تعرض كنوزاً كانت مخزنة لعقود، لتغطي جوانب مختلفة من الحياة المصرية القديمة من الطقوس الملكية إلى الحياة اليومية.
أدى هذا الإقبال الكثيف الذي فاق التوقعات إلى ضغط تنظيمي كبير، دفع إدارة المتحف لاتخاذ إجراءات فورية لتحسين تجربة الزوار. وقد شملت الإجراءات إطلاق نظام حجز إلكتروني متطور لتنظيم عملية الدخول، وضمان تجربة زيارة مريحة وآمنة، والسيطرة على تدفق الآلاف يومياً، وتجنباً لنفاد التذاكر الذي سُجل في الأيام الأولى للتشغيل.
يؤكد هذا التوافد التاريخي على أهمية المتحف المصري الكبير كـتحفة معمارية وثقافية عالمية، لا سيما مع كونه أكبر متحف أثري مُغطى في العالم. هذا الزخم السياحي يساهم بشكل فعال في تحقيق مستهدفات مصر الطموحة لجذب 30 مليون سائح بحلول عام 2030، كما يمثل المتحف إعادة ترسيخ للهوية المصرية وواجهة جديدة ومبهرة للسياحة العالمية.
