المؤشر العالمي للفتوى:فتاوى موقع “أسك إف إم” الخاصة برمضان مفتقدة للأدلة الشرعية
كتب – محمد عبد الوهاب:
قام المؤشر العالمي للفتوى (GFI) التابع لدار الإفتاء المصرية؛ بتحليل فتاوى أكثر من 20 داعية وباحثًا دينيًّا من جنسيات متعددة متفاعلين بموقع التواصل الاجتماعي والإلكتروني “أسك إف إم Ask.fm”، وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” و”تويتر” و”يوتيوب” التي تنشر لهم، بما يزيد عن 200 فتوى يوميًّا؛ ليكشف مؤشر الفتوى عن النشاط الملحوظ لهؤلاء الدعاة الذين ينشر بعضهم ما يفوق 60 فتوى يوميًّا، وتأثيرهم المباشر على فئة الشباب، حيث تتعدى صفحات الكثير منهم الآلاف بل ملايين المتابعين.
وبتحليل المؤشر لما يزيد عن 500 فتوى خاصة بشهر رمضان منشورة عبر موقع “أسك إف إم” كشف أنها جاءت بنسبة (10%) من إجمالي الفتاوى الصادرة عن الموقع، لم يتعد استخدامها لـ”الأدلة والأسانيد الشرعية” نسبة (6%).
اهتمام متزايد للشباب بفتاوى بموقع “أسك إف إم”
كشف المؤشر العالمي للفتوى عن استقطاب شيوخ موقع التواصل الاجتماعي “أسك إف إم” لاهتمام الشباب خاصة الفئات العمرية من (16 وحتى 40 عامًا)، بدليل العدد الكبير لمتابعي هؤلاء الشيوخ، وأبرزهم: الداعية “أحمد سالم” الذي تجاوز عدد المتابعين له 3 ملايين متابع، وينشر في اليوم ما يزيد عن 60 فتوى. والداعية المغربي “قاسم أكحيلات” والذي تجاوز عدد المتابعين له 8 آلاف شخص، وينشر ما يزيد عن 25 فتوى في اليوم الواحد. والداعية التونسي “كمال المرزوقي” والذي تجاوز عدد المتابعين له حد المليون وخمسمائة متابع.
ووفقًا للمؤشر العالمي للفتوى فاهتمام الشباب بالفتاوى الواردة بموقع “أسك إف إم” تزايد بصورة أكبر بعد نشر هذه الفتاوى بموقع “قطوفٌ من الـAsk” وصفحاته بمواقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك، تويتر، يوتيوب)، وهو ما عبر عنه العدد الكبير والمتزايد للمتابعين لهذا الموقع، حيث: تجاوزت نسبة المتابعين لصفحة الموقع عبر “فيس بوك” المليون وستمائة ألف متابع. وتجاوزت نسبة المتابعين لصفحة الموقع عبر “تويتر” 18 ألف متابع. بينما تجاوزت 120 ألف متابع عبر “يوتيوب”.
لماذا يلجأ الشباب لفتاوى التيك أواي؟
وللإجابة عن التساؤل السابق؛ أوضح مؤشر الإفتاء أن فتاوى الشباب (خاصة الفئات العمرية من 16 وحتى 40 عامًا) تمثِّل نحو (30%) من جملة الفتاوى المنشورة في العالم، لافتًا إلى أن غالبية الشباب يلجئون لهذه الصفحات وهؤلاء الدعاة نظرًا لأربعة أسباب، أولها: التقارب العمري بين الداعية والشاب المستفتي، وهو ما يمثل بدوره تماثلًا في الجانبين الفكري والاجتماعي، فضلًا عن كسر حاجز الرهبة والخجل من قبل الشاب لطرح تساؤله؛ بل إن بعض الدعاة يحقق المزيد من التقارب بطرح الأمثلة من حياته الشخصية وتعاملاته اليومية.
والسبب الثاني يكمن في وضع صورة مغايرة للصورة النمطية للشيخ، من خلال التساهل واستخدام الألفاظ العامية والعبارات الساخرة. أما ثالث الأسباب فهو سهولة الوصول للداعية وعرض السؤال وفي المقابل سرعة الرد والإجابة، فبعكس وسائل الإعلام المتنوعة؛ تتميز مواقع التواصل الاجتماعي بسهولة أكبر في إمكانية التواصل مع الدعاة وطرح التساؤلات، كما أن فئة الشباب هم الأكثر اعتمادًا على هذه المواقع والتفاعل معها.
أما السبب الرابع والأخير الذي جعل مئات الآلاف من الشباب والفتيات يلجئون لمثل تلك المنصات، أنهم يسألون عن أدق تفاصيل حياتهم (مثل فتاوى الطهارة) عبر استغلال مميزات تلك المواقع في أنها تخفي هوية متابعيهم أو الدخول عليها باسم مستعار، وهذا حفزهم للدخول ليسألوا عما يستجد لهم في حياتهم، وقد يخجل بعض الشباب أن يسأل شخصًا يعرف هويته حول العلاقات العاطفية مثلًا.
فتاوى رمضان في “أسك” تمثل (10%) من جملة فتاويه
كشف المؤشر العالمي للفتوى أن الفتاوى الخاصة بشهر رمضان عبر موقع “أسك إف إم” جاءت بنسبة 10% من إجمالي الفتاوى الصادرة عن الموقع.
فيما جاءت نسب أحكام الفتاوى الخاصة بشهر رمضان على النحو التالي: الحكم بـ”الصيام صحيح” و”لا يفطر” بنسبة (29%)، الحكم بـ”عدم الجواز” بنسبة (26%)، الحكم بـ”الجواز” (21%)، والحكم بـ”الوجوب” (15%)، وحكم “الكراهة” (9%).
وقد كشف المؤشر العالمي للفتوى أن استخدام شيوخ موقع “أسك إف إم” للأدلة والأسانيد الشرعية، والاستشهاد بالقرآن الكريم والأحاديث النبوية المطهرة لم يتعدَّ نسبة (6%) نتيجة لحرص شيوخ “الأسك” على إطلاق الفتاوى السهلة والعامة.
وقد تنوعت موضوعات فتاوى شهر رمضان بموقع “الأسك” لتشمل فتاوى (الصيام وأحكامه، والفتاوى الخاصة بالمرأة، إلى جانب مجموعة من الفتاوى حول موضوعات متفرقة مثل اختلاف رؤية الهلال، الصيام في الدول الأوروبية).
فتاوى الصيام وأحكامه تحتل النسبة الكبرى
كشف المؤشر العالمي للفتوى أن فتاوى الصيام وأحكامه جاءت بنسبة (32%) من إجمالي فتاوى رمضان تناولت موضوعات (نية الصيام، ما يؤثر على صحة الصيام مثل استخدام المعجون والتدخين والعطور، أحكام الإفطار وموجبات القضاء والكفارة).
جاءت أحكام هذه الفتاوى، كما يلي: “لا يفطر” و”الصيام صحيح” بنسبة (52%)، “الجواز” بنسبة (30%)، تساوت أحكام “الوجوب” و”الكراهة” بنسبة (9%).
كما كشف المؤشر العالمي للفتوى أن نسبة استخدام “الأدلة الشرعية” لم تتعدَّ (11%)، منها استشهاد الداعية السوري “سالار حسو” بمذهب فقهاء الحنفية بأن “دخول الدم إلى الحلق مخلوطًا بالريق إن لم يصل إلى الجوف لا يفطر”.
واستشهاد “قاسم أكحيلات” بحديث النبي صلى الله عليه وسلم بإجازة الحجامة للصائم بقوله “لا حرج فيما ذكرت إن كان لا يضعف صاحبه، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: “أرخص النبي صلى الله عليه وسلم في الحجامة للصائم”.
فيما أكد المؤشر على وجود عدد لا بأس به من الفتاوى الغريبة، ومنها، فتوى الداعية “محمد سالم بحيري” بعدم إجازة استخدام مرطب الشفاه في نهار رمضان، بقوله: “مرطب الشفاه ليس مفطرًا في نفسِه، لكنه طريق للفطر”.
وفتوى الداعية “محمد عبد الهادي” حول نية الصيام بقوله: “لابد من نية كل يوم لصيام رمضان وليس بنية واحدة للأيام كلها”.
(24%) من فتاوى المرأة استخدمت الأسانيد الشرعية
كشف المؤشر العالمي للفتوى أن فتاوى المرأة في رمضان بموقع “أسك إف إم” جاءت بنسبة (14%) من إجمالي فتاوى رمضان. مبينًا أن توزيع نسب هذه الفتاوى وفقًا لكل شيخ من شيوخ موقع “أسك إف إم” جاءت على النحو التالي: “محمد عبد الهادي” بنسبة (24%) متساويًا مع “سالار حسو”. “عبد العزيز الدميجي” بنسبة (18%). “خالد بهاء الدين” بنسبة (12%). فيما تساوت نسب كل من “قاسم أكحيلات” و”محمد سالم بحيري” (6%).
وقد استخدمت هذه الفتاوى “الأدلة والأسانيد الشرعية” بنسبة (24%)، ومنها: فتوى “قاسم أكحيلات” بأفضلية صلاة المرأة للتراويح في بيتها بقوله: “لا خلاف في هذا، أن صلاة المرأة في بيتها أعظم أجرًا، سواء الفريضة أم النافلة، قال رسول الله ﷺ: «إن أحب صلاة تصليها المرأة إلى الله أن تصلي في أشد مكان من بيتها ظلمة».
تحريم “الدورات الرمضانية” و “رد الرجل على تهنئة المرأة برمضان”
وأخيرًا، كشف المؤشر العالمي للفتوى عن تناول موقع “أسك إف إم” عددًا من القضايا المتفرقة والخاصة بشهر رمضان، جاءت بنسبة (21%) من إجمالي فتاوى رمضان، وكانت على قدر كبير من الأهمية نظرًا لـ: حداثتها، غرابتها، تناولها قضايا مستجدة أو خلافية، ومنها (رؤية الهلال، الصيام في الدول الأوروبية، التعامل بين الجنسين خلال الصيام، الألعاب والأغاني خلال الصيام، .. )، ومن أمثلة هذه الفتاوى:
قول “خالد بهاء الدين” بـ”عدم اعتماد تركيا على الرؤية لاستطلاع هلال شهر رمضان وإنما الاعتماد على الحسابات الفلكية المحضة من التي نص الفقهاء على عدم جواز العمل بها”.
فتوى “سالار حسو” التي تضمنت “عدم جواز رد الرجل على تهنئة البنت له بشهر رمضان خلال موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك”.
فتوى “قاسم أكحيلات” بـ “تحريم الدورات الكروية في شهر رمضان التي تقوم على دفع كل فريق مبلغًا من المال، والفائز يحصل على كل المال أو توزيع جوائز، باعتباره قمار”.
فتوى “أحمد بن نجيب سويلم” بـ”عدم جواز صوم الست البيض في أوروبا وفقًا لعدد ساعات مكة”.
وقد بيَّن المؤشر العالمي للفتوى أن نسبة الاعتماد على “الأسانيد والشرعية” في هذه بلغت 16% وهي نسبة محدودة نظرًا لأهمية القضايا محل البحث والإفتاء.
توصيات
يستقطب شيوخ موقع “أسك إف إم” وما يصدر عنهم من فتاوى اهتمام فئة كبيرة من الشباب المتفاعلين بقوة مع مواقع التواصل الاجتماعي، ورغم اعتبار ذلك جانبًا إيجابيًّا كدلالة على حرص الشباب على معرفة أحكام دينهم وتقييم معاملاتهم اليومية، لكن عدم معرفة مقدار علم صاحب الفتوى يحمل مخاوف من وصول فتاوى مغلوطة سواء كانت متشددة أو متساهلة للشباب تؤدي لخلل ديني يصعب تداركه، خاصة في ظل ثقة الشباب الجامحة بهؤلاء الدعاة.
لذا، يوصي المؤشر العالمي للفتوى بمزاحمة الشيوخ والدعاة الرسميين لدور هؤلاء الدعاة عبر مواقع التواصل الاجتماعي. ومتابعة وتقويم ما يصدر عن هؤلاء الشيوخ من فتاوى.